دير الزور – عبادة الشيخ
اجتاحت حشرة “السونة” أو “القرحف” حقول القمح والشعير في ريف دير الزور الشمالي والشرقي، وتعد من أخطر الحشرات التي تصيب هذه المحاصيل، وتلحق بها أضرارًا.
وبحسب مزارعين، انتشرت هذه الحشرات بعد التغير المناخي الذي ساعدها على التكاثر بشكل كبير وملحوظ، نتيجة موجات الصقيع التي ضربت المنطقة.
مزارعون يشكون الضرر
خليف العبد الله، مزارع من بلدة الشحيل بريف دير الزور الشرقي، قال لعنب بلدي، إن أكثر من ثلثي مساحة أرضه المكوّنة من 150 دونمًا مقسومة بين منطقة الشحيل شرقي دير الزور ورويشد شمالًا تضررت بسبب حشرة “السونة”.
وأوضح أن المبيدات الزراعية التي رشها على محصوله لم تقتل الحشرات، رغم أنه كرر رش المبيد أكثر من مرة خلال فترة زمنية قصيرة.
وأضاف أنه عندما راجع المهندس الزراعي في منطقته، تبيّن أن المبيدات خفيفة التركيز، ومصنعة محليًا بطريقة رديئة، ولن تعطي أي نتيجة فعالة مهما تكررت عملية الرش.
وذكر أن الصيدليات الزراعية الموجودة في المنطقة لم تشخص الآفة بشكل جيد أو توصي وتمنح مبيدات خاصة، مشيرًا إلى أن غالبية الصيادلة الزراعيين اعتمدوا على مبيد “دودة القطن”، لكن ذلك لم يجدِ نفعًا.
أما أنور الخليف، وهو مزارع من بلدة الشحيل شرقي دير الزور، فقد تعرض أكثر من 40 دونمًا من إجمالي مساحة أرضه البالغة حوالي 135 دونمًا للضرر بسبب الحشرة.
وبحسب اطلاع المزارع، فإن أغلب الإصابات التي تعرضت لها الأراضي الزراعية مزروعة ببذور “بروجين ألماني قاسي”، لافتًا إلى أن انتشار الحشرات سبق وأن طال أراضي مدينة القامشلي عام 2010، وتسبب بخسائر فادحة للمزارعين.
من جانبه، عابر العوض، وهو مزارع استثمر أرضًا بمساحة 100 دونم لزراعة القمح في بادية أبو خشب شمالي دير الزور، يخشى تعرضه لخسائر مالية جراء انتشار حشرة “السونة” في أرضه.
وقال لعنب بلدي، إن أكثر من 70 دونمًا تضررت بسبب تأخره في معاينة الأرض، مشيرًا إلى أنه دفع حتى الآن ما يتجاوز 3000 دولار أمريكي كأجور للأرض وثمن بذار القمح والأسمدة والمحروقات والعمال.
طرق المكافحة.. المزارع ملام
تعد “السونة” من الحشرات الخطيرة التي تهدد القمح والشعير، وهي قادرة على القضاء على المحصول بشكل كامل في حال توفر المناخ الملائم لتكاثرها وتأخر المزارعين في مكافحتها.
وتتغذى الحشرة الكاملة على الأوراق والسوق بامتصاص عصارتها النباتية، كما تتغذى الحوريات والحشرات الكاملة الناتجة عنها على السنابل، فتمتص عصارة الحبوب في الطور اللبني وتنتج بذلك حبوبًا ضامرة، وتؤثر الإصابة على مواصفات الطحين ونسبة الإنبات.
المهندس الزراعي وليد زعيتر، قال لعنب بلدي، إن موجة الصقيع خلال فترة إزهار المحصول هي أحد أهم أسباب انتشار “السونة” وضرب المحصول هذا العام، إضافة إلى تأثير الموجة على نقص النحاس ما تسبب بتشوهات في السنابل، لافتًا إلى أن حشرة “السونة” المنتشرة حاليًا تتغذى على العصارة اللبنية للحبوب.
وذكر أن إصابة المحصول بـ”السونة” هذا العام قوية، وأن الحشرة انتشرت خلال فترة قصيرة، لافتًا إلى أن معالجتها تجري بمبيد حشري مخصص لمكافحتها، بالإضافة إلى الأسمدة الورقية التي تحتوي على عناصر عدة.
من جهته، عمار المشعل صيدلي زراعي في دير الزور، اعتبر أن المزارع يجهل معالجة مثل هذه “الجائحة” رغم خطورتها، إذ يقلل من استخدام المبيد نظرًا إلى ارتفاع تكلفته، لافتًا إلى أن العلاج متوفر، وأن الأمر يحتاج إلى متابعة ومعاينة دورية.
وذكر أن تكلفة العلاج اللازم تختلف حسب الشركة والنوعية، وتقدّر تكلفة معالجة كل عشرة دونمات بحوالي 250 ألف ليرة سورية (الدولار يقابل 14000 ليرة سورية).
وقال المشعل لعنب بلدي، إن الصقيع هذا الموسم ضرب أغلب المشاريع وخاصة” الباكورية”، وأوضح أن انتشار الحشرات يعد موسميًا، لكنه كان كبيرًا هذا العام، ما تسبب بـ”جائحة” كبدت المزارعين خسائر فادحة، رغم محاولات المعالجة.
ولم تعلن “لجنة الزراعة والري” التابعة لـ”الإدارة الذاتية” عن إحصائية لمساحة الأراضي الزراعية المتضررة من حشرة “السونة”.
عضو في “لجنة الزراعة والري” (فضل عدم ذكر اسمه لكونه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام) قال لعنب بلدي، إن المزارعين أنفسهم لم يلتزموا بتحذيرات وجهتها اللجنة منذ أكثر من شهر.
وأضاف أن اللجنة منذ مطلع آذار الحالي ترسل فرقًا مختصة لمتابعة المحاصيل الزراعية، لكن لم تقدم أي دعم أو مبيدات لمكافحة الحشرات التي انتشرت وضربت مساحات زراعية واسعة.
وتشكّل مادة القمح أحد موارد الغذاء الرئيسة للسوريين، لارتباطها بالعادات الغذائية القائمة على استهلاك كميات كبيرة من مشتقات المادة.