قائد “جيش سورية الحرة” لعنب بلدي: منفتحون على الحوار مع الجميع
عام 2015، تأسس “جيش سورية الجديد”، بهدف محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”، وقوات النظام السوري، لكن تطورات متتالية في الأحداث أدت إلى تفكك الفصيل، وبقاء نواته متمركزة في قاعدة “التنف” التي تعرف بـ“منطقة 55 كيلومتر”، حيث تتمركز قوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا، وصار يعرف باسم “جيش سورية الحرة”، ويعرّف نفسه بأنه من فصائل “الجيش السوري الحر” المعارض للنظام.
ومع مرور السنوات، صار الفصيل يعرف بأنه من حامية قاعدة “التنف”، بعد انقطاع نشاطه ضد قوات النظام بتوجيه من الولايات المتحدة، وحصر هذا النشاط بعمليات مكافحة المخدرات، والحرب على تنظيم “الدولة” التي تقودها واشنطن شرقي سوريا.
ويتشارك “جيش سورية” الرؤية مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المسيطرة على شمال شرقي سوريا، لكنه يتشارك الهوية مع فصائل المعارضة السورية التي تسيطر على شمال غربي سوريا، في الوقت الذي لم يُجر فيه أي تواصل معلن مع هذه الفصائل.
قائد جديد للفصيل
في 29 من شباط الماضي، قال فصيل “جيش سورية الحرة” إنه أجرى تغييرًا في قيادته العامة، إذ عيّن المقدم سالم تركي العنتري قائدًا جديدًا لـ”الجيش” وأنهى مهمة سلفه فريد القاسم التي استمرت 16 شهرًا.
وجاء في منشور عبر صفحة “الجيش” الرسمية في “فيس بوك” حينها، “نحن متحمسون للفرص الجديدة التي سيجلبها المقدم سالم تركي إلى (جيش سورية الحرة) والقيادة التي سيوفرها”.
واعتبر أن هذه الخطوة جاءت استكمالًا لمهمة “الجيش” في تأمين استقرار “منطقة الـ55 كيلومتر” وهزيمة تنظيم “الدولة”.
الناطق باسم المكتب الاعلامي لـ”جيش سورية الحرة”، عبد الرزاق الخضر، قال في حديث سابق لعنب بلدي، إن تسمية قائد جديد للفصيل جاءت بشكل روتيني، وليس لها أي علاقة بخلاف أو مشكلة.
وأضاف أن التحالف الدولي لم يتدخل بإجراء التعيين، إنما هو قرار أجمعت عليه قيادة الفصيل، بحسب تعبيره.
الخضر أشار إلى أن سالم تركي العنتري هو من ضباط الفصيل نفسه، وينحدر من مدينة تدمر شرقي حمص.
من سالم تركي العنتري؟
عرّف العنتري عن نفسه خلال حوار أجرته معه عنب بلدي بأنه ضابط منشق عن قوات النظام السوري عام 2012 بعد أشهر على اندلاع الثورة السورية، ونشط في المجال الاستشاري مع فصائل المعارضة، وبالتحديد “تعريف المقاتلين وفصائل المعارضة بقوانين الحروب، والقوانين العسكرية، والقانون الدولي الإنساني”.
ومع ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا والعراق عام 2014، تخلى العنتري عن مهمته الاستشارية، واتجه للانخراط في قتال التنظيم، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
وفي عام 2016، انتقل العنتري للاشتراك في المعارك ضد التنظيم بمنطقة البادية السورية الممتدة من محافظة السويداء شرقي سوريا، وصولًا إلى محافظة دير الزور ومرورًا بمحافظة حمص (مسقط رأسه) إلى جانب فصائل المعارضة المدعومة من قبل الولايات المتحدة.
ومنذ 2016، عمل العنتري “شريكًا لقوات التحالف الدولي” في الحرب على التنظيم، وشغل مهامًا قيادية، وفق تعبيره، وهي المهمة التي تابع العمل فيها حتى استلم منصب قائد “جيش سورية الحرة” في شباط الماضي.
ما علاقة “جيش سورية الحرة” بالأطراف العسكرية؟
بين الحين والآخر، تخرج إلى الواجهة تسريبات، لا تنسب لمصادر واضحة، عن تنسيق بين الفصيل المتمركز في قاعدة “التنف” وفصائل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من قبل تركيا شمالي محافظة حلب، وجزء من شرقيها، وهو ما نفاه المتحدث العسكري لـ”الجيش الوطني”، في تصريح سابق لعنب بلدي.
وفي الوقت نفسه، يتداول ناشطون أحاديث أخرى عن نية التحالف الدولي إطلاق عمليات عسكرية من قاعدة “التنف” بإشراك “قسد” و”جيش سورية” باتجاه الشمال، لإغلاق الحدود العراقية السورية أمام النشاط الإيراني الذي يعتبر ممرًا مفتوحًا لتزويد دمشق، و”حزب الله” بالأسلحة.
ومع أن هذه التداولات تظهر للعلن بشكل دوري، لم تعلن الأطراف المشار لها عن أي جهود لتنفيذ هذا النوع من التحركات، كما لم تظهر أي ملامح تنسيق فيما بينها، إذ ينأى “جيش سورية” بنفسه عن الخلافات بين هذه الجهات، أو حتى عن إقامة علاقات، وفتح قنوات للتواصل معها.
المقدم سالم تركي العنتري قال لعنب بلدي إن “جيش سورية” منفتح على كل “مشروع وطني مبني على أسس وطنية لسوريا المستقبل”، وأضاف أن فصيله لم يغلق الباب في وجه أي فصيل أو مجموعة تعمل “وفق ضوابط الثورة السورية وأهدافها بالعدالة والمساواة والعيش المشارك”.
وأضاف أن هذا الانفتاح يهدف للتعاون في الحرب ضد تنظيم “الدولة” وإنهاء وجوده على كامل الجغرافيا السورية، مشيرًا إلى أن من الفصائل العسكرية لم تتواصل مع “جيش سورية” والعكس صحيح، مرجعًا ذلك لـ”طبيعة الظروف العسكرية، وظروف الجغرافيا الحالية”، مؤكدًا انفتاح فصيله على الجميع، دون وجود أي شروط مسبقة للحديث مع أي مكون سوري وطني.
لا يقتصر انفتاحنا لعلاقة سوية مع مكونات المعارضة، نحن نفتح الأبواب للحديث مع الجميع باتجاه خطوات عملية، وخطوات تؤدي إلى إنهاء معاناة الشعب السوري على كامل الجغرافيا السورية
المقدم سالم العنتري. |
وفيما يتعلق بـ”قسد”، قال العنتري إنه لا توجد حتى الآن أي قنوات للتواصل المباشر معها، دون الإشارة إلى المزيد من التفاصيل.
“قوات سوريا الديمقراطية” مدعومة بدورها من قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا، وهي الجهة نفسها الداعمة لـ”جيش سورية الحرة”.
ما شكل الشراكة مع التحالف؟
لا تقتصر مناطق انتشار الفصيل المسلح على قاعدة “التنف” إذ تضم المنطقة مخيمًا يأوي نازحين سوريين يعرف باسم “مخيم الركبان” ويعيش قاطنوه أوضاعًا معيشية صعبة، تنعكس على شكل أزمات معيشية بشكل دوري.
ويعد “جيش سورية” المسؤول عن إدارة أحوال المخيم، بالتعاون مع مخاتير، ومجلس محلي، وبدعم من قوات التحالف الدولي.
المقدم سالم العنتري قال لعنب بلدي إن “جيش سورية الحرة” والتحالف الدولي هم شركاء في الحرب ضد تنظيم “الدولة”، وتقوم العلاقة بين الطرفين على “التشاركية”، بحسب تعبيره.
وأضاف أن مهمة “الجيش” تتركز على محاربة تنظيم “الدولة” ومنع نهوضه مجددًا في سوريا، إلى جانب مكافحة الأنشطة غير المشروعة مثل تجارة المخدرات في منطقة “الـ55 كيلومتر”، والحفاظ على أمن دول الجوار.
العنتري أشار إلى أنه من أولى أولويات الفصيل اليوم، “إنشاء جيش محترف، وصقل مهارة مقاتليه، ليكون شريكًا حقيقيًا للتحالف الدولي في حربه ضد تنظيم الدولة”.
وأضاف أن الدعم اللوجستي الذي تتلقاه المنطقة يأتي عبر منظمات غير حكومية مثل “المنظمة السورية للطوارئ” التي سبق وأدخلت دعمًا لوجستيًا لمخيم “الركبان” الواقع في منطقة “الـ55″، ومنظمة “Global Justis”.
وأضاف أن هذه الجهات تقدم دعمًا “جيدًا” للمنطقة، لكنه لا يتناسب مع حجم المعاناة فيها.
ولم يبد العنتري أي مخاوف من احتمالية انسحاب قوات التحالف الدولي من سوريا، وهو أمر طرح على الطاولة مؤخرًا بناءً على تسريبات حملتها وسائل إعلام غربية بشكل متكرر منذ مطلع العام الحالي.
وأضاف أن أي خطوة من هذا النوع ستقدم عليها القوات الأمريكية في سوريا، ستكون محط نقاش مع “جيش سورية الحرة”، لكن لا توجد أي أفكار فعلية طرحت في هذا الإطار مؤخرًا.
استهدافات إيرانية متكررة
تكررت الاستهدافات لميليشيات مدعومة إيرانيًا نحو قاعدة “التنف” العسكرية، منذ بدء “طوفان الأقصى” في 7 من تشرين الأول 2023، وأسفرت في الكثير من الأحيان عن إصابات في صفوف القوات الأمريكية، وشركائها المحليين.
وسبق أن استهدفت طائرات مسيّرة أطلقها فصيل شيعي عراقي نقطة عسكرية أمريكية داخل الأردن تعرف باسم “البرج 22” المحاذي لقاعدة “التنف” داخل الأراضي الأردنية ما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين، وإصابة أكثر من 40 آخرين.
وردت الولايات المتحدة على الهجوم بحملة قصف واسعة شملت 85 موقعًا داخل العراق وسوريا، تنتمي لميليشيات شيعية تدعمها إيران.
المقدم سالم العنتري أرجع أسباب هذه الاستهدافات إلى “الأهمية الاستراتيجية” التي تشغلها منطقة الـ”55 كيلومتر” ومن ضمنها قاعدة “التنف” ومعسكرات “جيش سورية الحرة”.
وقال لعنب بلدي إن معظم هذه الاستهدافات كانت مركزة نحو السكان المدنيين المقيمين في مخيم “الركبان” بالمنطقة نفسها، بهدف زعزعة استقرار المنطقة، وإحداث بلبلة فيها.
التنسيق مع الأردن
لموقع تمركز “جيش سورية الحرة” أهمية بالنسبة للأردن، إذ تعترض قاعدة “التنف” خطوط التهريب التي يتهم النظام السوري بالإشراف عليها لتهريب المخدرات نحو الأردن، في الوقت الذي يعمل فيه “الجيش” على مكافحة هذا النشاط، وفق ما أعلن عنه مرارًا.
العنتري قال لعنب بلدي إن الخط البياني والزمني لعمليات تهريب المخدرات من سوريا نحو الأردن يظهر بوضوح نجاح نشاط “الجيش” بمكافحة عمليات تهريب المخدرات.
وأضاف أن الأنشطة الأمنية والدوريات العسكرية التي يسيرها “جيش سورية” في منطقة الـ”55 كيلومتر” تلاحق هذه الأنشطة لتقطع الطريق عليها، مشيرًا إلى الهدف هو إنهاء نشاط تهريب المخدرات في المنطقة بشكل كامل.
العنتري قال إن فصيله ملتزم بحماية الحدود من الجانب السوري، بهدف وقف عمليات تهريب المخدرات نحو الأردن، ويسيّر بشكل مستمر دوريات تنفذ عمليات مراقبة دقيقة وشاملة للشريط الحدودي بهدف منع عمليات التهريب هذه.
عمليات المكافحة اعتبرها العنتري “واجبًا تجاه الأشقاء الأردنيين لحمايتهم من أي مواد قد تهرّب نحو المملكة لتهديد أمنها”.
وبينما يواجه “جيش سورية الحرة” وقادته السابقين اتهامات بالضلوع بعمليات تجارة وتهريب المخدرات، تكرر إطلاقها خلال السنوات الماضية، قال العنتري إن “هذه الاتهامات باطلة، وهي إشاعات تعمد على نشرها بعض المواقع أو الأشخاص لمآرب وغايات خاصة”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :