محاكمة رفعت الأسد في سويسرا.. جرائم لا تسقط بالتقادم
عنب بلدي – يامن مغربي
يواجه رفعت الأسد عم رئيس النظام السوري محاكمة جديدة في سويسرا، تضاف إلى المحاكمات والدعاوى القضائية المرفوعة ضده في بريطانيا وإسبانيا وفرنسا.
وأصدر مكتب النائب العام في سويسرا بيانًا، في 12 من آذار الحالي، طالب فيه بمحاكمة رفعت الأسد أمام المحكمة الجنائية الاتحادية، بتهمة ارتكابه جرائم حرب.
وجاء في البيان أنه متهم بارتكاب جرائم قتل وتعذيب ومعاملة قاسية واعتقالات غير قانونية في سوريا، في شباط 1982.
تفاوتت التهم الموجهة إلى رفعت بين الاختلاس والتهرب من الضرائب، بالإضافة إلى ارتكابه جرائم حرب خلال النزاع المسلح بين قوات النظام السوري وتنظيم “الطليعة المقاتلة” التابعة لجماعة “الإخوان المسلمين” بمدينة حماة في ثمانينيات القرن الـ20.
قبل عامين، عاد رفعت الأسد إلى سوريا مجددًا بعد سنوات المنفى، وظهر إلى جانب بشار الأسد وشقيقه ماهر، وأفراد آخرين في صورة عائلية في 2023، وهي الأولى منذ عقود.
جرائم لا تسقط بالتقادم
البيان المنشور على موقع مكتب المدعي العام، أشار إلى أن رفعت كان في الثمانينيات قائدًا لقوات “سرايا الدفاع”، وللعمليات العسكرية في مدينة حماة.
وأمر رفعت الأسد قواته بتمشيط مدينة حماة وإعدام سكانها، وانتهك قوانين الحرب، وفقًا للمادة “109″ (الفقرة 1) من القانون الجنائي العسكري، بالإضافة إلى المادة “3” المشتركة لاتفاقيات جنيف.
المحكمة الجنائية الفيدرالية السويسرية (FCC) ومكتب العدل الفيدرالي (FOJ)، أصدرا مذكرة توقيف “دولية” بحق رفعت الأسد لدوره في “جرائم الحرب الجسيمة” التي ارتكبت بمدينة حماة في شباط 1982.
المختص بالقانون الجنائي الدولي المعتصم الكيلاني، قال لعنب بلدي، إن التهم التي وجهتها سويسرا لرفعت الأسد لا تسقط بالتقادم، وستمهد الطريق لمحاكمة أشخاص آخرين مرتبطين بتلك الجرائم.
وجاءت المحاكمة بعد أن لاحق حقوقيون رفعت الأسد، بعد أن شوهد في كانون الأول 2013 بفندق “بحيرة جنيف”.
ورفعت منظمة“TRIAL International” حينها دعوى قضائية أمام مكتب المدعي العام، وفق ما نشره المدير التنفيذي للمنظمة، فيليب جرانت، عبر حسابه في “إكس”، في آب 2023.
وبعد عامين، شوهد رفعت مرة أخرى في نفس الفندق، وبينما كان مكتب المدعي العام متلكئًا في طلب جلسة استماع، دون إلقاء القبض عليه، أمرت المحكمة الجنائية الفيدرالية (FCC) مكتب المدعي العام بمواجهته بالتهم على الأقل، وهو ما حدث في أيلول 2015، داخل جناحه بالفندق.
عقب ذلك، لم يُقبض على رفعت الأسد، لكن بدا أنه وافق على المشاركة في مزيد من الإجراءات، علمًا أنه كان يعيش ببذخ بفضل “ثروة ضخمة مختلسة”، في منفاه بفرنسا التي منحته أعلى وسام وطني، “وسام جوقة الشرف”.
ولعب رفعت دورًا رئيسًا في الحياة العسكرية والسياسة في سوريا، منذ تولي أخيه حافظ السلطة التنفيذية في العام 1970. وكان يُنظر إليه على أنه خليفة شقيقه في الحكم، لكن صراع الإخوة لم يقد إلى هذا السيناريو، وكان المنفى هو الخيار.
التحقيق بدأ ببطء “شديد” في سويسرا، واستمر بهذه الطريقة، علمًا أن منظمة “TRIAL International” قدمت “كمًا هائلًا من الأدلة”، إذ تم الاستماع إلى الضحايا والشهود، لكن السلطات تلكأت لسنوات.
وقدمت المحكمة “جهدًا محدودًا” في محاولة سماع المشتبه به، رغم أن رفعت الأسد كان لا يزال يعيش في فرنسا المجاورة حينها، حتى إن خبراء الأمم المتحدة “تحدثوا عن التدخل السياسي، والافتقار إلى الحياد”، بحسب جرانت.
وعلى وقع بطء التحقيق، تابعت “TRIAL International” تحقيقاتها، وقدمت شكوى شملت اتهامًا ثانيًا ضد رفعت الأسد، هذه المرة عن مجزرة عام 1980 في سجن “تدمر” وسط سوريا.
هل يتحول رفعت إلى ورقة مساومة؟
فرضت التغيرات الإقليمية وجمود الملف السوري، بعد سنوات طويلة من انطلاق الثورة السورية في آذار 2011، تعاملًا مختلفًا مع بشار الأسد في دمشق، الذي بات أكثر قدرة خلال السنة الماضية على الأقل، على المناورة عبر عدد من الملفات، كملف تهريب المخدرات على سبيل المثال.
أحد الأسئلة المطروحة بعد عودة رفعت إلى دمشق في 2021، والقضايا المتلاحقة المرفوعة ضده، أنه كان يمكن للنظام السوري أن يسلم رفعت للمحاكمة في أوروبا ضمن تفاهمات معينة.
ولا يعتقد الكيلاني أن يمشي النظام في هذا الاتجاه، على اعتبار أنه لا يعترف بالولاية القضائية العالمية، التي يحاكم تحتها رفعت، خاصة مع عودته وبحوزته مليارات الليرات.
وتشمل ممتلكات رفعت في باريس قصرين، أحدهما مساحته ثلاثة آلاف متر، ومزرعة خيول، وقصرًا قرب العاصمة الفرنسية، إضافة إلى عقار بمساحة 7300 متر مربع في ليون.
وتقدر ثروته في فرنسا بحوالي 90 مليون يورو، من خلال شركات يقع مقر بعضها في لوكسمبورغ، كما صادرت الجمارك الفرنسية- الإسبانية، في آذار 2018، ممتلكات الأسد على الأراضي الإسبانية.
وتبلغ قيمة ممتلكاته هناك 600 مليون يورو، تتمثل في 503 منشآت، بينها مطاعم وفنادق ومقتنيات فاخرة، كان يمتلكها في مدينة ماربيه الإسبانية.
ووفق الكيلاني، هناك بالفعل أسماء لضباط وشخصيات في النظام السوري مطلوبين للمحاكمة ضمن الولاية نفسها، لذا لن يغامر النظام في هذا الاتجاه.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :