تحقيق يوثق استيلاء القوات التركية على أراضي مزارعين في سوريا

  • 2024/03/14
  • 10:15 ص
رتل للقوات التركية مؤلف من 25 آلية يدخل الأراضي السورية في مدينة الأتارب - 3 من شباط 2020 (عنب بلدي)

رتل للقوات التركية مؤلف من 25 آلية يدخل الأراضي السورية في مدينة الأتارب - 3 من شباط 2020 (عنب بلدي)

كشف تحقيق استقصائي أنجزه فريق “Syria indicator” انتهاك الجيش التركي لملكيات خاصة في الشمال السوري، نتيجة تمركز قواعد، ونقاط مراقبة تركية في أراض زراعية.

وجاء في التحقيق، المنشور الثلاثاء 13 من آذار، أن أصحاب هذه الأراضي الزراعية وقّعوا ما يفترض أنها عقود تأجير، لكن لم يحصلوا بموجبها على أي شيء، وأخرى سيطرت عليها القوات التركية عنوة دون تعويضات مالية، ما ألحق خسارات اقتصادية فادحة بأصحاب الأراضي، وباقتصاد المنطقة عمومًا.

وعرض التحقيق شهادتين لمزارعَين، الأول لم يحصل على أي مبلغ مادي مقابل تأجير أرضه الزراعية للجيش التركي قبل سنوات، رغم أنه وقع عقدًا كان ينبغي أن يقبض بموجبه 700 دولار أمريكي سنويًا مقابل الدونم الواحد، ما يعني مبلغًا إجماليًا يراوح بين 23 و24 ألف دولار سنويًا.

وشغلت القوات التركية أرض المزارع في بلدة مورك بريف حماة الشمالي لمدة عامين ونصف (من نيسان 2018 إلى تشرين الأول 2020)، منها سبعة أسابيع قبل توقيع العقد، ثم نحو عامين وأربعة أشهر بعد توقيعه، كما تعرضت الأرض لقطع الأشجار وتجريف في التربة.

وبحسب شهادة المزارع الأول، فإن فصيل “فيلق الشام” كان وسيطًا بينه وبين الأتراك، لكن لم يستطع أحد من “الفيلق” تحصيل حقه أو الوصول إلى أي حل، كما نفى رئيس المكتب القانوني لـ”فيلق الشام”، أحمد دلو، تدخل الفصيل في عقود إيجار الأراضي الزراعية لاستخدامها من قبل نقاط المراقبة التركية، وفق حديثه لفريق التحقيق.

الشهادة الثانية التي عرضها التحقيق كانت لأحد أصحاب الأراضي المتضررين في قرية كلجبرين قرب اعزاز بريف حلب الشمالي، والذي قال إنه لم يؤجر أرضه إنما أخذها الجيش التركي بالقوة، وذكر أن مساحتها تبلغ 40 دونمًا.

وأضاف أن القوات التركية أخذت نحو خمسة دونمات منها، وقطّعوا في المساحة الباقية نحو 900 شجرة فستق حلبي، ونحو 400 شجر كرز وكرمة لإشادة سواتر ترابية، وسط وعود للتعويض دون استجابة، لافتًا إلى أن خسارته تقّدر بـ15 ألف دولار سنويًا.

ماذا يقول القانون؟

ذكر فريق التحقيق أنه تواصل مع وزارة الدفاع التركية، للسؤال عن مدى التزامها بحماية حقوق أصحاب الأراضي الزراعية، وتعويضهم عن الأضرار الاقتصادية التي تكبدوها نتيجة تحويل أراضيهم نقاطَ مراقبة وقواعد عسكرية، وكيفية تنظيم وضبط عملها العسكري في تلك الأراضي، ووفق أي منهجية، لكنه لم يتلقّ أي رد حتى لحظة النشر.

وقال المحامي فؤاد يازجي الذي استشاره المزارع (صاحب الأرض في مورك) في القضية، إن عقود الإيجار وفق القانون المدني السوري “تنعقد بمجرد توافر الرضا وإرادة الطرفين، أيًا تكن الوسيلة التي اختارها المتعاقدان للتعبير عن إرادتيهما، كالكتابة في هذه الحالة، لتترتب بمجرد انعقادها التزامات على عاتق المتعاقدين”.

وفي هذه القضية كان من المفترض وجود ممثل عن المزارع وهي الدولة السورية، لأنه يتعامل مع حكومة دولة أجنبية تريد إقامة قاعدة عسكرية أجنبية على أرضه الزراعية، لكن ما حصل على أرض الواقع “تصرفات فردية غير رسمية، ضمن شروط إذعان بإشراف الفصائل المسلحة”، وفق يازجي.

في التحقيق، قال الحقوقي السوري محمد العبد الله إن تحديد السلوك وتصنيفه قانونيًا على أنه انتهاك شيء، والمساءلة عن هذه الانتهاكات شيء آخر، وفي حال استُنفدت جميع سبل الإنصاف المحلية، أو ثبتت استحالة القيام بذلك، يوصي الحقوقي باللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، “لأن تركيا طرف في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، إلا أن فرص نجاح ذلك ضئيلة للغاية”.

وبحسب فريق منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” القانوني، فإن المشرّع السوري سكت عن حالة إشغال العقار أو سلب الملكية من قبل دولة أجنبية، ولم يتعرض القانون السوري لمثل هذه القضايا، لكن “مثل هذه العقود تعتبر باطلة لأنها وُقّعت في منطقة حدودية، وبالتالي كان من الضروري الحصول على الترخيص المطلوب وفقًا لأحكام المرسوم 49 للعام 2008 المعدل بالمرسوم 43 للعام 2011، ولأن مالك العقار لم يحصل على الترخيص المطلوب لكون العقار خارج سيطرة الحكومة السورية فإن العقد باطل أصلًا”.

آليات ثقيلة ضمن رتل تركي يدخل ريف حماة لتبيث نقطة المراقبة التاسعة – 7 نيسان 2018 (عنب بلدي)

125 موقعًا عسكريًا

تمتلك تركيا 125 موقعًا عسكريًا في المنطقة، منها 57 في أرياف حلب، و51 في مناطق إدلب، وعشرة مواقع في الرقة، وأربعة في الحسكة، وموقعان في ريف اللاذقية، وآخر في ريف حماة، وفق مركز “جسور للدراسات“.

ونفذت تركيا بالتعاون مع “الجيش الوطني السوري” ثلاث عمليات عسكرية داخل سوريا، هي “درع الفرات” وشملت مناطق اعزاز وجرابلس والباب ومارع والراعي، وعملية “غصن الزيتون” وشملت عفرين ونواحيها، و”نبع السلام” وشملت مدينتي تل أبيض ورأس العين.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا