ارتفعت وتيرة العمليات النوعية (الانغماسية) التي تنفذها “هيئة تحرير الشام”، خلال الأسبوعين الماضيين، بعد توقفها لأشهر، ضد قوات النظام السوري، قرب خطوط التماس الواقعة بينهما.
وجاءت العمليات بعد عدة ضربات شنها النظام على مواقع قريبة من خطوط التماس، بواسطة طائرات انتحارية.
ووثقت فرق “الدفاع المدني السوري” 13 هجومًا بطائرات مسيّرة مذخرة انتحارية من قبل قوات النظام وروسيا والميليشيات الإيرانية على مناطق شمال غربي سوريا، منذ بداية العام الحالي حتى 22 من شباط.
وتزامنت أيضًا مع الاحتجاجات الشعبية التي تطالب “بتبيّض السجون”، و”إسقاط الجولاني” في مدن وأحياء مختلفة من محافظة إدلب صاحبة السيطرة العسكرية.
ويرتبط ارتفاع العمليات “الانغماسية” عادة برسائل داخلية أو خارجية تحاول “الهيئة” إرسالها.
عمليات نوعية
صرح القائد العسكري، جلال الدين الحموي، لمنصة “الإعلام العسكري ميديا” التابعة لـ”الهيئة”، في 8 من آذار الحالي، أن “تحرير الشام” نفذت أربع عمليات نوعية، استهدفت فيها مواقع عسكرية وكمائن متقدمة لقوات الأسد، على جبهة قبتان الجبل غربي حلب، وثلاثة عمليات على جبهة الساحل شمالي اللاذقية.
وقنصت “سرايا القنص” في “الفتح المبين”، 11 عنصرًا لقوات الأسد، متوزعين على عدة جبهات منها، جبهة سراقب شرقي إدلب، وسهل الغاب شمالي غربي حماة، وكنبة شمالي اللاذقية، و جبل الزاوية جنوب إدلب.
وتمكنت “الفتح المبين” من تدمير دبابتين وعربة “بي أم بي”، وتركس لقوات النظام على جبهات الساحل وجبل الزاوية وريف حلب الغربي، مما أدى لوقوع مجموعة كاملة بين قتيل وجريح على جبهة حنتونين جنوب إدلب، إثر استهدافها بالسلاح المناسب، حسب ما جاء في التصريح.
واستهدفت أيضًا، براجمات الصواريخ مواقع وتجمعات ومرابط للقوات النظام، في مدينة كفر نبل وقرية الجردادي، جنوب إدلب، وحققت إصابات “مؤكدة”، وجرى تدمير مربط هاون تابع للنظام بواسطة قذائف الهاون، في قرية كفر بطيخ شرقي المحافظة.
وأحدث العمليات النوعية التي قامت بها “هيئة تحرير الشام”، كانت عند محور التفاحية في ريف اللاذقية، لانغماسي “لواء جعفر بن أبي طالب”، ومن ضمن الألوية المشاركة أيضًا بالعمليات، لواء “عبد الرحمن بن عوف”، و”أبي عبيدة بن الجراح”.
لم تعلن “الهيئة” عن وجود قتلى أو جرحى في صفوفها، واكتفت بذكر منجزات العمليات.
من جانب آخر، كان التركيز الإعلامي أقل عند النظام، بعكس الإعلام الرديف لـ”هيئة تحرير الشام”.
ونشرت وزارة دفاع النظام السوري بيانًا، في 7 من آذار، عبر “فيس بوك”، ذكرت فيه أنها اشتبكت مع مجموعة “إرهابية” تابعة لما يسمى تنظيم “جبهة النصرة” في ريف إدلب الجنوبي، بينما حاولت التسلل والاعتداء على إحدى نقاطهم العسكرية.
وجاء في البيان، أن قوات النظام، أوقعت أفراد المجموعة بين قتيل وجريح وألقت القبض على أحد عناصرها.
وفي 3 من نفس الشهر، قالت الوزارة عبر بيان، إنها تصدت لمجموعة “إرهابية” في ريف اللاذقية الشمالي، بينما حاولت التسلل لأحد المواقع العسكرية، حيث تمكنوا من قتل وجرح معظم عناصر المجموعة، وسحب ثلاثة من جثثهم، وجاء البيان دون نشر أي صور للقتلى.
تحويل الأنظار عن أحداث إدلب
الباحث في مركز “عمران للدراسات الإستراتيجية”، نوار شعبان، أوضح لعنب بلدي، أن “هيئة تحرير الشام” لم تعد مجموعة عسكرية صاحبة مهام ضمن منطقة تتعرض لهجوم، وأصبحت ذراعًا عسكريًا ملتصقًا بجسم إداري وبمشروع تمدد وبقاء.
وما نشهده بشكل متزامن مع هذه العمليات، خلل إداري في “الهيئة”، سواء على الصعيد الأمني أو الهيكلي.
وذكر شعبان، أن سبب ارتفاعها جاء لحاجة “الهيئة” القيام بنشاطات لتثير المشهد العام داخليًا وخارجيًا، لتوجيه النظر عن الإشكالات الحاصلة داخلها، إلى الجبهات، خصوصًا بعد خروج، “أبو مارية القحطاني”، وترقب الناس عن ماهية دوره في “الهيئة”، لذا تحاول أن تستفيد من ضربات “الدرون” (المسيرات الانتحارية)، والرد عليها، وارتفاع العمليات “الانغماسية” والترويج لها إعلاميًا.
وبحسب الباحث، قد تشهد الفترة القادمة استخدام “المفخخات”.
وأفرجت الهيئة عن عضو مجلس الشورى والقيادي في الصف الأول، “أبو مارية القحطاني”، بعد اعتقاله لـ6 أشهر على خلفية “ملف العمالة”.
وقالت اللجنة القضائية المكلفة بالتحقيق بالملف، إن “القحطاني” بريء من تهمة “العمالة”، لأن الدليل الذي أوقف لأجله ظهر بطلانه، إذ جرى توقيفه بناء على شهادات وردت من موقوفين على التهمة نفسها.
وعلى وقع الاحتجاجات المستمرة منذ حوالي الأسبوعين، أعلنت حكومة “الإنقاذ” (المظلة السياسية للهيئة) عن مجموعة من الإصلاحات، تضمنت عفوًا عامًا ضمن شروط واستثناءات، وتشكيل “لجنة قضائية”، للنظر في حقوق المفرج عنهم، إضافة إلى لجان للاستماع للأهالي في كل منطقة، وإلغاء رسوم عن الأبنية وإعفاء جزء منها وفق شروط.
اقرأ أيضًا: على وقع المظاهرات.. سبعة مخرجات لاجتماع “الجولاني” في إدلب