الحسكة.. “الشبيبة الثورية” تختطف القاصرات وتجندهن

  • 2024/03/14
  • 10:45 ص
عائلات كردية خلال احتجاجاتهم على تجنيد بناتهن لدى "قوات سوريا الديمقراطية" (متداول/فيسبوك)

عائلات كردية خلال احتجاجاتهم على تجنيد بناتهن لدى "قوات سوريا الديمقراطية" (متداول/فيسبوك)

بعد مرور أكثر من أربعة أعوام على توقيعها خطة عمل مع الأمم المتحدة من أجل إنهاء ومنع تجنيد الأطفال في صفوفها، تواجه “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) اتهامات متكررة بـ”اختطاف” وتجنيد الطفلات والأطفال القاصرين، بخلاف تعهداتها وفق الخطة الموقعة في 1 من تموز 2019.

واعتصمت عدة عائلات كردية من أهالي طفلات “مختطفات”، أمام مبنى قاعدة “استراحة الوزير” التابعة لقوات التحالف الدولي في مدينة الحسكة، منذ 6 من آذار وحتى 11 من آذار، احتجاجًا على تجنيد فتيات في صفوف القوات الكردية، واتهم المعتصمون “قسد” باختطاف “القاصرات”.

وانفض الاعتصام الذي استمر خمس ليالي بأمر من “قسد”، بعد تقديم وعود بإخلاء سبيل الفتيات المحتجزات لغرض التجنيد كونهن قاصرات، دون تحديد لتاريخ واضح للإخلاء، بحسب عائلات تواصلت معها عنب بلدي.

“قسد” تغري الفتيات لتجنيدهن

“بعد الحديث مع ابنتي لمدة تجاوزت شهرين ونصف عبر تطبيق (kwai- كواي) جرى استدراجها لتجنيدها”، هذا ما قالته إيناس عثمان، حول قصة اختطاف طفلتها القاصر.

وذكرت إيناس أن طفلتها كانت تتعرض للإغراء، إذ عرضت عليها فيديوهات تدريب مقاتلات كرديات في المعسكرات التابعة لـ”قسد” وأسلوب القتال الذي يمارسنه، لترغيبها بالانضمام إلى صفوفهم.

ابنة إيناس، لافا خلف، تبلع من العمر 12 عامًا، غادرت منزلها قبل نحو شهرين، بحجة الذهاب للتسوق و”شراء صندويشة شاورما”، وفق ما قالته لوالدتها، لكنها لم تعد إلى المنزل بعد ذلك.

أشارت الأم  إلى أن العائلة تلقت اتصالًا من “حركة الشبيبة الثورية” (جوانن شورشكر) بعد اختطاف لافا واختفائها، وجرى إخبار العائلة بوجودها في معسكر بمدينة القامشلي.

أوضحت إيناس خلال حديثها لعنب بلدي، أنها اعتصمت رفقة أربع عائلات أخرى أمام قاعدة “استراحة الوزير” مقر قيادة “قسد” لمقابلة قائدها العام مظلوم عبدي، الذي رفض اللقاء.

لافا خلف لم تكن الوحيدة، فالفتاة وسيلة كيكة، كانت من بين الضحايا، و”اختطفت” من أمام مدرستها من قبل مجموعة تابعة لـ”الشبيبة الثورية” في مدينة تل تمر بمحافظة الحسكة، في 28 من شباط الماضي، بحسب ما قال قريب للفتاة (تحفظت عنب بلدي على ذكر صلة قرابته بالفتاة بشكل صريح لأسباب أمنية).

وبحسب ما ذكر قريب وسيلة البالغة 15 عامًا، لعنب بلدي، علمت عائلتها بعد أيام بأنها سيقت لمعسكرات التجنيد برغبتها، وفق ما قاله شاب يعمل على تجنيد الفتيات لعائلتها.

وتابع القريب أن ذويها حاولوا الحصول على المعلومات عن ابنتهم من الشاب عبر ضربه، لكنه هدد بدوره العائلة رافضًا الإفصاح عن معلومات تخص الطفلة. 

أجبرت عائلة الطفلة وسيلة التواصل مع قائد “قوات سوريا الديمقراطية”، مظلوم عبدي، الذي قال إن “قسد” غير قادرة على ردع “حركة الشبيبة الثورية”، وفق القريب الذي تحدث إلى عنب بلدي.

رغم أن المادة “55” في ميثاق “العقد الاجتماعي” للإدارة الذاتية في مناطق شمال شرقي سوريا نصت على أن حقوق الطفل مصانة ويمنع استخدام العنف ضدهم وتشغيلهم واستغلالهم وتجنيدهم، فإن حوادث “الخطف” والتجنيد” ما زالت متكررة.

وتعتبر كل عمليات التجنيد، بما في ذلك القسري، لمن تقل أعمارهم عن الـ15، من الأمور التي يحظرها قانون المعاهدات الدولي في البروتوكولين الدوليين لعام 1977، الملحقين باتفاقيةجنيف لعام 1949 واتفاقية “حقوق الطفل“، ويعتبرها القانون جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في مادته الثامنة.

52 طفلًا في 2023

منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” وثقت تجنيد 52 طفلًا في مناطق “الإدارة الذاتية” (المظلة السياسية لـ”قوات سوريا الديمقراطية”) في شمال شرقي سوريا عام 2023.

حالات التجنيد شملت 23 فتاة و29 طفلًا قاصرًا، وحدثت أغلبية الحالات في القامشلي بـ22 حالة، يليها حي الشيخ مقصود بحلب بـ13 حالة، ومنبج بسبعة حالات وستة حالات في الرقة، بينما جند في عين العرب (كوباني) أربعة قاصرين.

ووثّقت المنظمة 49 حالة تجنيد أطفال في مناطق نفوذ “الإدارة الذاتية” بشمال شرقي سوريا خلال 2022، من قبل “حركة الشبيبة الثورية”، مرخصة لديها.

ولم تحد أجهزة الأمن التابعة لـ”الإدارة الذاتية” من نشاط الحركة المكشوف، والمعروفة باسم “جوانن شورشكر”، وأكد مواطنون سوريون للمنظمة أن “حركة الشبيبة الثورية” مسؤولة عن 43 حالة تجنيد، بينما كانت وحدات المرأة ومجموعات عسكرية أخرى تابعة لـ”قسد” متورطة في بقية الحالات.

وبحسب قيادي (رفض ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث للإعلام) بقوات “أسايش” التي تمثل الذراع الأمنية لـ”وحدات حماية الشعب” (الكردية)، فإن وحدات “الشبيبة الثورية” تتكون من مجموعة شبان أغلبهم قاصرون تابعون لحزب “العمال الكرستاني” ويدارون من قياديين عسكريين بشكل مباشر.

ومن مهام “الشبيبة” استقطاب المراهقين عبر الترغيب أو بـ”القوة” بعد استدراجهم لصفوفهم، وينخرطون في المدارس والملاعب والمراكز الترفيهية، بالإضافة لاستخدام مراكز “الإدارة الذاتية” لافتتاح دورات تدريبية مثل الحاسوب أو الرياضة وغيرها، بهدف جذب المراهقين الذين يعملون على تجنيدهم بعد الانضمام، وفق القيادي.

“حطب الحرب”

كشف تحقيق استقصائي بعنوان “الموت من أجل (سروك آبو).. أطفال أكراد (حطب) الحرب شمال شرقي سوريا”، أنجره فريق “Syria indicator”، عن استمرار عمليات التجنيد التي تستهدف أطفالًا في شمال شرقي سوريا، من قبل مجموعة مسلحة مرخصة من قبل “الإدارة الذاتية”، صاحبة السيطرة على المنطقة.

وجاء في التحقيق أن عمليات التجنيد تستهدف الطفلات والأطفال الكرد، وتتم عبر “حركة الشبيبة الثورية” (جوانن شورشكر) وتمثل الجناح الشبابي لحزب “العمال الكردستاني”، وتستخدم مراكز وحدات “حماية الشعب” (YPG)، و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وقوات “الأمن الداخلي” التابعة لها (آسايش)، وتضم فصيلًا نسائيًا، هو “اتحاد المرأة الشابة”.

وأوضح تقرير أممي صادر في تموز 2022، أن سوريا هي أسوأ بلد في العالم من حيث تجنيد واستخدام الأطفال في النزاعات أيضًا، فقد جنّد واستخدم 1296 طفلًا في سوريا، عام 2021، كان لـ1285 طفلًا منهم دور قتالي.

نشرت منظمة “هيومن رايتش ووتش” الدولية تقريرًا، في آب 2018، قالت فيه إن “وحدات حماية الشعب” (الكردية) تجنّد الأطفال، وبينهم فتيات، للقتال في صفوفها، مشيرة إلى أن من بين الأطفال المجندين أطفالًا نازحين مع عائلاتهم إلى المخيمات التي تسيطر عليها “الوحدات”.

ورد حينها “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) على التقرير بقوله، إن تجنيد الأطفال هو عبارة عن “تجاوزات فردية“.

مقالات متعلقة

حقوق الإنسان

المزيد من حقوق الإنسان