سيرين عبد النور – أورفا
يتكدس مئات الشباب السوريين بشكل يومي في طوابير أمام مكتب الخدمة السوري، وهو منظمة مدنية يديرها سوريون في مدينة أورفا التركية، باحثين عن عمل، في معاناة من نوع آخر يعيشها اللاجئون السوريون في تركيا.
ويطرق مئات المراجعين يوميًا أبواب المنظمات السورية في أورفا، التي تتولى تيسير حصولهم على فرص عمل، من خلال ربطهم مع أرباب العمل، الذين يحتاجون موارد بشرية متجددة.
سليم، شاب من ديرالزور، يعمل في منظمة دولية دنماركية، اعتبر في حديثه لعنب بلدي، أنه محظوظ بين أصدقائه لأنه وجد عملًا مناسبًا ودخلًا شبه ثابت، معلقًا “ما يجري هنا محزن باعتبار أن الكثير من السوريين يبحثون عن فرص العمل، مهما كانت بسب ندرتها”.
ولفت سليم إلى أن الوضع الحالي “أجبرهم على تغيير اختصاصاتهم وتعلم مهن جديدة، فالعديد من أصدقائي مهندسون ومحامون ومدرسون، أصبحوا الآن عمالًا وفنيين ومنهم باعة جوالون، ليتمكنوا من تأمين لقمة العيش” .
الفساد والاستغلال يحكمان التوظيف
المنسق العام لمكتب الخدمة السوري في أورفا، أيمن الأقرع، وصف أوضاع السوريين في المدينة بـ “المؤلمة”، موضحًا أن منظمات عدة تحاول مساعدتهم في تأمين فرص عمل.
فيما لفت عدد من الشباب الذين التقتهم عنب بلدي، إلى أن العلاقات الشخصية وقضايا الفساد والاستغلال، تسللت إلى مجالات التوظيف في تركيا، لافتين إلى أن “مافيات العمل تسيطر على سوق العمالة السورية ونصبت نفسها ممرًا إجباريًا لتحصيل وظيفة في المنظمات الدولية وما يتبع لها من دوائر خدمية ومنشآت تعليمية وصحية”.
حسن، شاب من ريف ديرالزور، يعيش في مدينة أورفا منذ عدة أشهر، أوضح لعنب بلدي، أن “حاجة السوريين إلى الوظيفة أدت إلى ظهور سماسرة يقدمون فرصًا مقابل الحصول على مبالغ مالية، وغالبًا ما تحدث حالات نصب ويذهب المال أدراج الرياح دون تحصيل شيء”.
أصحاب الشهادات المتضرر الأكبر
وساعد السوريون في إعمار مدينة أورفا ونهضتها، بحسب الأقرع، عازيًا الأمر إلى “توافر الخبرات واليد العاملة الماهرة”، إلا أن زيادة أعدادهم “شكلت عبئًا وأدت إلى ندرة فرص العمل”، على حد وصفه.
250 ألف سوري في مدينة أورفا، من أصل قرابة 500 ألف في عموم المدينة، ليسوا أصحاب مهن، بحسب الأقرع، الذي لفت إلى أنه “رغم ذلك فسوق العمل استوعب جميع أصحاب المهن والحرف تقريبًا”.
ويعتبر أصحاب الشهادات والكفاءات العلمية، الذين يشكلون نسبة 13% من اللاجئين في أورفا، بحسب إحصائيات مكتب الخدمة السوري، المتضرر الأبرز من مشكلة العمالة، ووصفهم الأقرع بأنهم “الأكثر معاناة بسبب صعوبة توفير عمل مناسب لهم، يتلاءم مع مستواهم العلمي وقدراتهم فأغلب فرص العمل تحتاج جهدًا جسديًا”.
سوريون ينتقدون قوانين العمل التركية
الكثيرون ممن التقتهم عنب بلدي في أورفا انتقدوا “تجاهل” الحكومة التركية لأوضاع العمال السوريين القانونية، إذ لا توجد أرضية قانونية واضحة لوجودهم في تركيا، “وبالتالي لا يتمتعون بأي ضمانات تحفظ حقوقهم، فضلًا عن غياب التأمين الصحي لهم، ما يجعل العاملين عرضة للإهمال بعد الإصابة ما يحملهم تكاليف العلاج”، وفق حسن.
ووصف الشاب السوري عمالة السوريين في تركيا بـ “غير الشرعية”، ما يعرضهم للاستغلال على نطاق واسع، وسط طبيعة عمل سيئة وأجور زهيدة، “يعمل السوريون بأجور متدنية عن نظرائهم الأتراك وبساعات عمل أكثر، ويتعرض الكثير منهم للطرد قبل إتمامهم شهرًا من العمل وبدون أي أجر”.
بينما اعتبر حمود، وهو شاب سوري يعمل في معمل للزجاج داخل مدينة أورفا، أن “ما يحدث هو استعباد بكل ما تحمله الكلمة من معنىً، دون توفر أي ضمان صحي أو مالي”.
يتراوح متوسط أجر العامل السوري من 20 إلى 30 ليرة تركية يوميًا، واشتكى الكثير من العمال من غياب الشعور بالراحة، والاستقرار في أعمالهم، ومن سوء معاملة أصحاب العمل، الأمر الذي يتعدى أورفا إلى جميع المدن التركية دون استثناء، على حد وصفهم.