رواية “طيور الحذر”.. تاريخ فلسطين كما لو أنه يحدث الآن
في روايته “طيور الحذر”، يقدم الكاتب والروائي الفلسطيني إبراهيم نصر الله ما يشبه المذكرات دون أن يكونها، فالرواية تعكس إلى حد بعيد يوميات يقدمها نصر الله دون ترابط تام الأركان، لكن دون انفصال جذري، كون المرحلة الزمنية التي تشكل أرضية للأحداث واحدة، إنها فترة حساسة من عمر القضية، ومؤسسة لما تبعها من بؤس عاشته وتدفع ثمنه القضية حتى اليوم.
الأحداث تدور في الفترة ما بين عامي 1848 و1967، وهي الفترة التي شكلت مخزونًا تاريخيًا وثقافيًا للكاتب انطلق منه ليروي للقارئ مجريات من أيام الطفولة، التي لم تجرِ كما تتطلب الطفولة، بهدوء ودعة وسكينة، وهي ثيمة مشتركة للأطفال الفلسطينيين منذ ذلك الوقت وحتى الزمن الحاضر، فالنزوح والحرب والاضطهاد والخوف كلها عناصر حاضرة، تضفي على الواقع مزيدًا من السوداوية.
ولا يبدو التركيز على الأحداث الأولى من ذاكرة الطفل التي تنسجم مع أحداث القضية الأولى اعتباطيًا، ففي الطفولة يبدأ تكوين الذاكرة، ويتلقى الطفل، هذا الكائن الهش، المزدحم بالأحلام والآمال، المواد الخام التي سيبني عليها ذاكرته وذكرياته، ليخزن في هذا الوقت ذكريات من الصعب محوها، وهو ما عبر عنه منذ بداية الرواية في حديث قصير مع أمه جاء بلا عنوان، لكنه في الوقت نفسه غني بالإيحاء والمعنى.
وقال نصر الله، “لن تصدق أمه حين يقول لها: إنني أتذكر كل ما حدث، كما لو أنه يحدث الآن، وغدًا، كما لو أنه يحدث دائمًا”.
صدرت “طيور الحذر” في طبعتها الثالثة عام 2009 عن “الدار العربية للعلوم ناشرون” (بيروت)، وتقع الرواية في 328 صفحة، كأحد الأجزاء الستة لسلسلة نصر الله الروائية “الملهاة الفلسطينية”، وهي تؤرخ للقضية الفلسطينية عبر الرواية والأدب.
إبراهيم نصر الله، كاتب وشاعر وأديب ورسام ومصور أردني من أصل فلسطيني، ولد في الأردن عام 1954، لأبوين فلسطينيين.
قضى الكاتب طفولته في مخيم “الوحدات” للاجئين الفلسطينيين في الأردن، ودرس في مدارس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ثم انتقل إلى السعودية ليعمل في سلك التدريس قبل أن يتجه للصحافة.
وبعد تفرغه للعمل الأدبي عام 2006، قدم نصر الله نتاجًا أدبيًا غزيرًا تجلى بوضوح في 14 ديوانًا من الشعر و14 رواية شكّلت “الملهاة الفلسطينية” سبع روايات منها، وهي مشروع روائي يتناول حقبة من تاريخ فلسطين تمتد نحو 250 عامًا، مستعينًا بشهادات حية ودراسات وأبحاث تخدم مواضيع السلسلة الأدبية، ورواية “طيور الحذر” جزء منها.
تأثر نصر الله بالأدب العالمي، وتحديدًا بأحزان هذا الأدب، والجانب المأساوي فيه، فافتتح مشواره بالقراءة مع كتب وروايات “كوخ العم توم”، و”أحدب نوتردام”، و”قصة مدينتين”، و”آلام فارتر”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :