الحسكة – ريتا أحمد
بدأت أسواق مدينة الحسكة تمتلئ بالكمأة مع انطلاق موسم جمعها مطلع شباط الماضي، رغم ارتفاع أسعارها التي تتراوح بين 250 ألفًا و400 ألف ليرة سورية للكيلوغرام، فيما كان سعر كيلو الكمأة في الموسم الماضي لا يتعدى 75 ألف ليرة.
جمال المحمد، أحد بائعي فطر الكمأة في سوق مدينة الحسكة قال لعنب بلدي، إن موسم الكمأة هذا العام بدأ مبكرًا نتيجة الأجواء الدافئة والرطوبة والأمطار التي شهدتها بادية الجزيرة السورية، خاصة في المنطقة الجنوبية وسفح جبل عبد العزيز.
وأوضح البائع أن النمو المبكر لا يعكس السوق الحقيقية، فلا يزال الطلب مرتفعًا والكميات قليلة، وهذا الأمر رفع الأسعار مقارنة بالموسم السابق.
وتوقع البائع انخفاض أسعار الكمأة خلال الأيام المقبلة، وبدء الموسم التسويقي الحقيقي لها، وتوفرها بكميات أكبر، وبمختلف الأصناف.
وتحدث جمال عن الأصناف وهي “الزبيدي”، ويعتبر أغلى من غيره ولونه مائل للبياض، و”الجيبي” لونه أسود وهو أرخص من “الزبيدي”، و”الحرق” ويأتي لونه أسود وقلبه أبيض اللون.
وفي جميع الأحوال، تظل الأسعار مرتفعة بالنسبة للعامة، بسبب انخفاض مستويات الدخل لدى غالبية الأهالي، إذ يعتمد معظم أهالي الحسكة على العمل بالزراعة كمصدر دخل، وتتراوح أجرة العمال سواء بالزراعة أو بمهن أخرى بين 25 ألفًا و40 ألف ليرة سورية يوميًا، بينما يبلغ الحد الأدنى لرواتب الموظفين في المنطقة حيث تسيطر “الإدارة الذاتية” مليونًا و40 ألف ليرة سورية (الدولار الأمريكي يعادل 14650 ليرة).
ورصدت عنب بلدي أسعار الكمأة في أسواق مدينة الحسكة، وتراوحت بين 250 ألفًا و400 ألف ليرة سورية للكيلوغرام، وتختلف بحسب نوع الكمأة وحجمها، بينما يباع كيلو الفطر البري بنحو 100 ألف ليرة.
آلية جمع الكمأة
ينبت فطر الكمأة في الأراضي المحمية التي لا تتعرض لعمليات الحراثة والبذار والتسميد وغيرها من العمليات الزراعة، ما يفسر وجوده في “المحميات الطبيعية” وفي بادية الرقة والحسكة ودير الزور، وتعد كثرة البرق المصاحب للأمطار مؤشرًا على “وفرة الكمأة”.
جميل محمود (66 عامًا)، وهو من أهالي مدينة القامشلي، قال لعنب بلدي، إن الكمأة توصف بأنها “ابنة البرق والرعد”، ويعتبر الموسم وفيرًا عندما يكثر المطر في أوائل الخريف، لافتًا إلى أن هذه الفترة هي الأفضل لنمو الكمأة.
من جهته، قال سمير سطو (49 عامًا)، المقيم في منطقة جبل عبد العزيز بريف الحسكة، إن معظم أهالي المنطقة يستفيدون من موسم جني الكمأة سنويًا، إذ يشارك أفراد العائلات بأكملها في ذلك.
وأضاف سمير لعنب بلدي، أن عملية البحث عن الكمأة تستغرق بين 8 و12 ساعة يوميًا، وأن ظهور الكمأة يتميز عادة بظهور نبتة “الخشخاشة” بجوارها، ويعتبر العثور على كمأة واحدة بداية لعملية البحث في المنطقة المحيطة بها، ويتم البحث بشكل دائري.
وتعتمد العائلات بشكل كبير على موسم الكمأة كمصدر دخل، وتلعب الخبرة دورًا كبيرًا في العثور عليها وفق سمير، لافتًا إلى أن جمعها ليس سهلًا، ويتطلب جهدًا جسديًا وأجور تنقل في مساحات واسعة.
وتعد فترة جني الكمأة قصيرة نسبيًا، لكن مردودها المالي مرتفع، فالعاملون في جنيها يبيعون ما يجمعونه للتجار أو ضمن الأسواق، كما يطلق اسم “الجماية” على جامعي الكمأة، وفق سمير.
رحلة مخاطر
لم يعد الخروج لجمع الكمأة رحلة “ممتعة” كما في الماضي، بعد أن فقد العديد من الأشخاص حياتهم خلال رحلة البحث عنها جراء العديد من الأسباب، كالهجمات التي يقف خلفها مجهولون، أو انفجار الألغام الأرضية والقنابل من مخلّفات الحرب.
وذكر جامع الكمأة سمير سطو لعنب بلدي، أن جمع الفطر بات محفوفًا بالمخاطر بعد سنوات النزاع في سوريا، لافتًا إلى أن بادية الحسكة أقل خطورة من بقية مناطق البادية في سوريا (الرقة ودير الزور وحمص).
وفي 25 من شباط الماضي، قُتل 14 شخصًا من جامعي فطر الكمأة في بادية الرقة، إثر انفجار لغم أرضي بسيارة كانت تقلهم، إلى جانب ثمانية جرحى نقلوا لتلقي العلاج، في حادثة هي الثالثة من نوعها خلال 24 ساعة.