“الترحيل” يثير مخاوف نازحي دير الزور في الحسكة
منذ أيام، بدأت “قوى الأمن الداخلي” (أسايش) التابعة لـ”الإدارة الذاتية” باستدعاء النازحين من محافظة دير الزور والمقيمين في محافظة الحسكة، وتحديدًا في مدينة القامشلي، عبر مخاتير الأحياء التي يقيمون فيها، أو باتصال هاتفي، بغرض تجديد “بطاقة الوافد” التي تسمح بإقامتهم في المدينة بشكل قانوني.
“عبد الستار” (اسم مستعار لأسباب أمنية) رجل سبعيني استدعاه “الكومين” (مختار الحي) إلى منزله، لإبلاغه بضرورة مراجعة مكتب “أسايش” في حي حلكو بالقامشلي، بموجب إجراءات روتينية تقوم بها “الإدارة الذاتية” في مناطق سيطرتها، لكنه اكتشف أن الغرض من الزيارة هو تجديد “بطاقة الوافد” ليتجنب “الترحيل” من المدينة.
قدم “عبد الستار” في مركز “أسايش” أوراقه الثبوتية للشخص المسؤول الذي حذره من أن “بطافة الوافد” منتهية الصلاحية وعليه تجديدها، علمًا أن الرجل حاول تجديد البطاقة، لكن المكتب المتخصص بشؤون النازحين في “الإدارة” مغلق منذ أشهر، وبطاقته مهترئة كونها مصنوعة من الكرتون، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
وبينما لم يوضح “الأمن الداخلي” للمراجعين أسباب إغلاق المكتب المتخصص بشؤون النازحين في “الإدارة الذاتية”، تواصلت عنب بلدي مع المكتب بشكل متكرر على مدار الأيام الماضية، لكنها لم تحصل على رد.
لأكثر من نصف ساعة، انتظر “عبد الستار” خارج مكتب “أسايش” ريثما يتفقد الموظف أوراقه، وبعد التدقيق، أبلغ مع أربعة أشخاص آخرين كانوا ينتظرون بجانبه، أن عليهم مراجعة المكتب نفسه بعد عشرة أيام.
مخاوف من “الترحيل”
ما يثير مخاوف “عبد الستار” هو حالة عدة الوضوح المصاحبة لعملية تفقد الأوراق التي أطلقتها “الإدارة الذاتية” بشكل غير معلن في الحسكة، إذ يرى أن انتهاء صلاحية “بطاقة الوافد” التي يحملها تهدده بـ”الترحيل” رغم امتلاكه عقد ملكية في مدينة القامشلي، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
“أحمد” هو اسم مستعار لرجل آخر في الـ60 من عمره، تحفظ على ذكر اسمه لمخاوف أمنية، قال لعنب بلدي، إنه وصل إلى الحسكة عام 2013 بعد تدمير منزله ومزرعته في البوكمال شرقي دير الزور بقصف للنظام السوري، وعلى الرغم من أنه يعيش في الحسكة منذ ذلك الحين، استُدعي مؤخرًا إلى قسم “أسايش” في القامشلي بسبب انتهاء صلاحية بطاقته.
“أحمد” قال إنه تعرض لمعاملة غير لائقة علمًا أن وثائقه كانت سليمة، واضطر للانتظار لأكثر من ست ساعات.
وبعد جهود مضنية من قبل المعارف والجيران، مُنح مهلة قصيرة لإحضار كفيل من أبناء المنطقة، وتجديد بطاقته، ولكنه يخشى أن يُطلب من الكفيل مبلغ جديد لتجديد الكفالة، ما قد يثنيه عن تقديم كفالة له.
وتفرض “الإدارة الذاتية” على النازحين من مناطق النفوذ الأخرى استخراج “بطاقة وافد” للسماح لهم بالإقامة في الحسكة، وتتطلب هذه البطاقة وجود كفيل من أبناء المنطقة نفسها، يدفع مبلغًا لـ”الإدارة” مقابل السماح للنازح بالإقامة في الحسكة بكفالة منه.
“أحمد” أشار إلى أنه لم يكن الوحيد في مركز “أسايش”، بل كان هناك الكثير من النازحين من مختلف المناطق، ويُهددون بالترحيل إلى مناطق أخرى إذا لم يجددوا “بطاقة الوافد” التي استخرجوها سابقًا.
العودة غير ممكنة
النازحون من مدينة دير الزور نحو القامشلي ممن التقتهم عنب بلدي، قالوا إنهم لا يستطيعون العودة إلى مدنهم الأساسية بسبب وجود النظام السوري والميليشيات الإيرانية فيها، إلى جانب أن أفرادًا من عائلاتهم ملاحقون من قبل النظام السوري بتهم مختلفة منها التجنيد الإجباري.
وإلى جانب الأسباب الأمنية لعدم العودة، قال “أحمد” و”عبد الستار”، إن منزليهما دُمرا جراء القصف الأحدث الذي نفذته أمريكا لميليشيات إيرانية في المنطقة مطلع شباط الماضي، ما جعل خيار العودة معدومًا نظرًا إلى عدم وجود مأوى لهم في مدنهم الأصلية.
عنصر من “الأمن الداخلي” (أسايش) في مدينة الحسكة (تحفظ على اسمه لأسباب أمنية) قال لعنب بلدي، إن “الإدارة الذاتية” تعمل على مراجعة بيانات وبطاقات جميع النازحين والوافدين إلى المناطق التي تسيطر عليها في الوقت الراهن دون أسباب واضحة.
وأضاف أن مخاوف النازحين من “الترحيل” ليست واقعية، إذ لم يسبق أن اتخذت “الإدارة” إجراء من هذا النوع في السابق.
وحاولت عنب بلدي مرارًا التواصل مع إداريين في “الأمن الداخلي” للحصول على موقف رسمي حول هذه الإجراءات، لكنها لم تحصل على أي توضيح في هذا الصدد حتى لحظة تحرير هذا التقرير.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :