منظمات تعتبر نتائج التحقيقات بقضية الناشطة هبة “رواية هزلية”

  • 2024/03/06
  • 12:43 م
مطالب بفتح تحقيق دولي في قضية الناشطة هبة حاج عارف - 2 آذار 2024 (حركة العمل الوطني من أجل سورية/ تويتر)

مطالب بفتح تحقيق دولي في قضية الناشطة هبة حاج عارف - 2 آذار 2024 (حركة العمل الوطني من أجل سورية/ تويتر)

انتهت التحقيقات في قضية مقتل الناشطة، هبة حاج عارف، ببيان نشرته “مديرية أمن الباب“، مساء يوم الاثنين، يفيد بأن وفاة هبة جاء نتيجة عملية انتحار، مع نفي وقوع جريمة جنائية  .

وجاء في البيان الذي وجه للرأي العام، أن التحقيقات استمرت 6 أيام، رفض فيها خال هبة الذي يعتبر ولي أمرها بسبب وجود والدها خارج “المناطق المحررة”، عملية التشريح لأسباب تتعلق بخصوصية المتوفاة ورغبة عائلتها.

واستلم خالها، بعد إقرار خطي على رفض التشريح، الجثة للدفن الفوري.

ولأن عملية التشريح تعذرت، وبناءً على طلب رئيس النيابة العامة في مدينة بزاعة، جرى تشكيل لجنة ثلاثية مؤلفة من ثلاثة أطباء مختصين، اثنان منهم طبيبان شرعيان، والثالث طبيب عصبية داخلية مختص، لإجراء الكشف الطبي اللازم وإصدار تقرير الخبرة، والذي جاء في نتيجته، ثبوت الاختناق بنقص التروية الدموي ونقص الأكسجة الدماغية، مما أدى لتوقف التنفس والقلب بسبب “الشنق الانتحاري”.

نفى البيان وقوع جريمة جنائية، نتيجة التأكد من براءة المشتبه بهم وعددهم 17، وبناء على مراجعة كاميرات المراقبة ويبلغ عددها 24 موجودة في الشوارع المحيطة لمنزل الناشطة، حسب البيان.

وذكر البيان، أن “مديرية أمن الباب” أطلعت منظمات المجتمع المدني، وعلى رأسها “وحدة دعم وتمكين المرأة (كانت الناشطة هبة عضوة فيها)، إضافة لممثلين عن اتحاد الإعلاميين السوريين، على النتائج التفصيلية الواجب كشفها والإجابة على استفساراتهم حول الحادثة وملابساتها، ليكونوا طرفًا حياديًا.

بيان غير مقنع

لم يرض البيان الذي نشرته “مديرية أمن الباب” الرأي العام، وجرى التشكيك بصحة ما ورد، خاصة من جانب عدم قبول عائلتها تشريح الجثة.

قال القاضي حسين حمادة لعنب بلدي، عندما ترد إخبار أو شكوى إلى القضاء تتضمن وفاة شخص في ظروف يشبه أنها جريمة، فإن قاضي التحقيق عليه أن ينتقل إلى مكان وجود الجثة برفقة كاتبه والطبيب الشرعي، ويقوم بوصف المكان والجثة ويطلب من الشرعي تحديد سبب الوفاة.

وعند الاشتباه في تحديد سبب الوفاة، فإن القاضي يطلب من الطبيب تشريح الجثة لمعرفة السبب، وهذا الإجراء لا يحتاج إلى موافقة ذوي المتوفي.

وأضاف حمادة، أن القاضي يمكنه الذهاب أبعد من هذا، إن حصل ووردت إخبار بدفن شخص يشتبه أنه ضحية جريمة، يأمر حينها بإخراج الجثة من القبر والكشف عليها بمعرفة الطبيب الشرعي، لتحديد سبب الوفاة، وهذا الإجراء أيضًا لا يحتاج لموافقة ذويه.

تباين في البيانات

نشرت “مديرية أمن الباب“، في 28 من شباط الماضي، بيانًا أعلنت فيه عن مباشرتها بالتحقيقات، والتي أنكرت فيه أيضًا علاقة المؤسسات المدنية أو العسكرية بقضية الناشطة هبة، واعتبرت أن ما يجري تداوله لا أساس له من الصحة، في محاولة لتحويل الحادثة لقضية رأي عام.

وفي 1 من آذار الحالي نشرت الحكومة “المؤقتة“، المسيطرة على مناطق ريف حلب، بيانًا اعتبرت فيه أن ما جرى كان جريمة وأنها عازمة على كشف ملابساتها، ومحاسبة كل من تسول له نفسه العبث بحياة الآخرين.

وزار وفد من الحكومة، بتوجيه من رئيسها، عبد الرحمن مصطفى، عائلة الناشطة وقدم واجب العزاء في مدينة بزاعة، ولم ينشر “الائتلاف الوطني” أي بيان بما يخص قضية هبة.

حاولت عنب بلدي التواصل مع الجمعيات التي كانت الناشطة عضوة فيها، لكنها لم تحصل على ردود، واعتذر قسم آخر عن تقديم توضيحات بحجة الخوف على العضوات المقيمات في الشمال.

جريمة وليست انتحار

لم تكن الحكومة “المؤقتة” أول من اعتبرت قضية الناشطة هبة جريمة قتل، إذ أدانت “الحركة السياسية النسوية السورية“، ما اسمته بالعمل “الإرهابي”، وحملت المسؤولية إلى “الائتلاف” و”المؤقتة”، والحكومة التركية كونهم القوى المسيطرة على المنطقة.

ووفقًا لما نقلته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” عن ناشطات مقربات من هبة، فقد تعرضت الناشطة لتهديدات من قبل جهات مختلفة بسبب نشاطها ودورها في تمكين المرأة، وكذلك بسبب عضويتها في مجلس بزاعة المحلي في أيار العام الماضي.

وعلى إثر ذلك طالتها العديد من عمليات التحريض والتشهير من قبل جهات مسلحة تتبع لقوات الجيش الوطني، وأخرى من قبل أشخاص مدنيين من مدينتها، ما دفعها لتقديم استقالتها من المجلس المحلي.

ونعت “وحدة دعم وتمكين المرأة” الناشطة، وكتبت، “ببالغ الأسى والحزن.. تنعى عضوتها.. والتي عثر عليها مقتولة في منزلها ببلدة بزاعة”.

تهديد وطمس للأدلة

نشرت حركة “العمل الوطني من أجل سورية“، عدة بيانات بخصوص قضية الناشطة هبة حاج عارف، وجاء أحدثها بعد بيان “مديرية أمن الباب”، الذي أفاد بأن الحادثة كانت انتحارًا.

واتهمت الحركة المديرية، بتبعيتها لـ”جماعة مسلحة” تتبع لـ”الحكومة المؤقتة”، واعتبرت البيان “رواية هزلية” هدفها تبرئة القتلة والمتهمين.

وبينت الحركة، أن البيان تجاهل ذكر أي شيء يتعلق بأخذ البصمات، وتحدث عن مراجعة كاميرات في المنطقة، دون نشر التقرير الخاص بذلك، ولم ينشر تقرير الطبيب الشرعي والأطباء الذين تحدث عنهم، ومنعت عائلتها وأصدقاؤها من الحصول على هذه التفاصيل رغم مطالبتهم بها.

وأضافت، أن البيان تجاهل التحقيق بالتهديدات التي تعرضت لها هبة من قبل جماعات مسلحة تتبع للحكومة “المؤقتة”، بما فيها التهديد بقتلها وإرغامها على الاستقالة من المجلس المحلي لبلدة بزاعة، إضافة لتجاهله الحديث عن دوافع الانتحار، وإفادات عائلتها بتعرضها للضرب في وجهها وأنحاء من جسمها.

وذكرت الحركة مستندة إلى التواصل مع محيط الناشطة وصديقاتها، أن بيان “أمن الباب” زعم أن خال هبة هو من رفض تشريح الجثة، علمًا أن والدها موجود وزوجها من ذوي الاحتياجات الخاصة كذلك، وهما من طالبا بالتشريح، لكن جرى توقيفهما لمنعهما من التصريح بأي موقف.

واعتبرت الحركة أن تشريح الجثة هو من ضروريات التحقيق وبيان الحقيقة، بالنظر إلى خطورة الجريمة وخلفيتها.

وفي تقرير سابق، ذكرت الحركة أن عائلة هبة وصديقاتها تعرضوا لضغوطات شديدة وتهديدات منعتهم من الحديث الإعلامي أو لمنظمات حقوقية.

حسب البيان، لم يسمح لأي جهة غير أمنية بالحديث عن الجريمة، وتحدثت تلك الجهات نيابة عن العائلة والمنظمات المدنية والإعلامية.

وطالب بيان المنظمة الجهات الأمنية بالحديث الصريح والشفاف، وإلا سوف يتم اعتبارها “شركاء في التغطية على الجريمة والتستر على مرتكبيها، بما فيها منظمات تتلقى تمويلًا غربيًا”.

مطالب بتحقيق دولي

طالبت حركة “العمل الوطني من أجل سورية”، و”الحركة السياسية النسوية السورية”، في بيان منفصل، بفتح تحقيق دولي مستقل وشامل في قضية الناشطة هبة حاج عارف، بمشاركة منظمات حقوقية دولية لكشف تفاصيل الجريمة والوقوف على ملابساتها وتحديد المسؤولين عنها، وضمان محاكمة المجرمين وتقديمهم للعدالة، كي لا تكون هذه الجريمة تكرارًا لحوادث سابقة تم التعتيم عليها ولم يتم الكشف عن مرتكبيها.

وذكرت حركة “العمل الوطني”، وجوب مشاركة لجنة “التحقيق الدولية حول سورية”، ومنظمة “العفو الدولية”، و”هيومان رايتس ووتش” (HRW)، و”الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، وهيئات حقوقية مستقلة.

هبة حاج عارف

هبة صهيب حاج عارف، من بلدة بزاعة في ريف حلب الشرقي، تبلغ من العمر 30 عامًا، وهي مشرفة تعليمية في مركز “الأخوة للتعليم العام” التابع لجمعية “يني أديم للثقافة والتضامن” (Yeni Adım Eğitim Kültür ve Dayanışma Derneği) التعلمية، وعضوة في “شبكة حماية المرأة”، و”وحدة دعم وتمكين المرأة”، والـ”حركة السياسية النسوية السورية”، وكانت سابقًا عضوًا في المجلس المحلي لبلدة بزاعة، وهي متزوجة ولديها طفلة بعمر 6 سنوات وطفل بعمر الثالثة.

عثر على الناشطة وقد فارقت الحياة، في مساء يوم 26 شباط الماضي، وأثارت قضيتها الرأي العام، والمنظمات الحقوقية والنسوية، لاعتبارهم أن مثل هذه “الجرائم” تهدف لإسكات صوت الناشطين في مناطق تسمى بال”المحررة”.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا