سكان دمشق يعتمدون على “البسطات” لشراء ملابسهم

  • 2024/03/04
  • 4:02 م
سوق البالة بحي الإطفائية في دمشق- 3 من شباط 2024 (عنب بلدي/ سارة الأحمد)

سوق البالة بحي الإطفائية في دمشق- 3 من شباط 2024 (عنب بلدي/ سارة الأحمد)

“قرب يا حباب كل بنطلون بخمسين ألف ليرة بس، قرب يا أستاذ فرح ابنك بطقم بأربعين ألف ليرة”، عبارات تتردد على مسامع المتجولين بين “البسطات”، يطلقها الباعة لجذب الزبائن وعرض ما يبيعونه من “موديلات” وألوان مختلفة.

تلجأ بعض العائلات في محافظة دمشق إلى شراء ملابسها من “البسطات” المفروشة على جوانب الطرقات، والتي تعتبر الملاذ الأرخص، باعتبار أسعار بيعها تتناسب مع أصحاب الدخل المحدود.

وتنافس الأسعار “البسطات” أسعار الملابس في المحال التجارية بدمشق والتي ارتفعت فيها الأسعار نحو 200% مقارنة بالعام الماضي.

واتخذت هذه “البسطات” في كل منطقة حيزًا، بدءًا من شارع “الدراويش” حتى سوق “الحميدية” إلى باب سريجة، ومن سوق “الصالحية” حتى شارع “الحمراء”، حيث تنخفض أسعار الملابس فيها نحو 80% عن المحال التجارية.

وبحسب جولة أجرتها عنب بلدي على هذه الأسواق، فإنها تشهد إقبالًا لافتًا رغم الجودة غير المناسبة أو الرديئة، نظرًا إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها السكان وتراجع القوة الشرائية.

محال و”بسطات” لبيع ملابس “البالة” في حي القنوات بدمشق- 3 من شباط 2024 (عنب بلدي/ سارة الأحمد)

جودة أقل وسعر أفضل

سوسن (37 عامًا) من حي المهاجرين بمدينة دمشق، أم لطفلين، قالت لعنب بلدي، إنه منذ نحو ثلاث سنوات لم تشتر قطعة واحدة من المحال التجارية في دمشق، وتلجأ لشرائها من “البسطات” المنتشرة في شوارع المدينة.

يصل راتب زوج السيدة إلى 300 ألف ليرة سورية، لا يكفي لشراء معطف طفل صغير، إذ يتراوح سعر المعطف بين 250 و400 ألف ليرة، بينما لا يتعدى سعره على “البسطات” 60 ألف ليرة.

سوسن أوضحت أن جودة الملابس التي تشتريها من “البسطات” لا تضاهي جودة ملابس المحال لكن الوضع المعيشي يتطلب منها البحث عن الأرخص.

غسان (53 عامًا) من سكان حي البرامكة بدمشق، أب لأربعة أطفال، قال لعنب بلدي، إنه لم يعد باستطاعته إكساء نفسه وعائلته من المحال التجارية، إذ لا يتجاوز راتبه 350 ألف ليرة سورية.

ومنذ حوالي سنتين لم يشتر غسان أي قطعة ملابس لنفسه، أما ملابس زوجته وأبنائه فتقوم زوجته بشرائها من “بسطات” عديدة بحسب من يعطي سعرًا أفضل بعد المفاصلة.

وأوضح أن “البسطات” تبيع الملابس بجودة سيئة ومعظمها “ستوك” (ملابس مخزنة لمدة طويلة أو تحتوي على عيب أو خدش)، لكن أسعارها تناسب الكثيرين مثل بيجامة نسائية بسعر 45 ألف ليرة، بينما يبلغ سعرها في المحال 600 ألف ليرة تقريبًا.

ويبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية في سوريا 278 ألفًا و910 ليرات سورية شهريًا، بعد أحدث زيادة طرأت في 5 من شباط الماضي، ويقابل الحد الأدنى نحو 19.30 دولار، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار الصرف.

كما يشتري السكان الملابس الداخلية الرجالية والنسائية من البسطات “رغم سوء جودتها”، فسعر القطعة منها لا يتجاوز 12 ألف ليرة بينما تباع لدى المحال التجارية بنحو 50 ألف ليرة للقطعة.

محال و”بسطات” لبيع الألبسة في حي القنوات بدمشق- 3 من شباط 2024 (عنب بلدي/ سارة الأحمد)

“البسطة” لا تحتاج لمصاريف

علي (44 عامًا) من مدينة القنيطرة، وصاحب “بسطة” لبيع الملابس في دمشق، قال لعنب بلدي، إن الفرق بين المحال التجارية و”البسطات” هي جودة الألبسة، بالإضافة إلى قبول أصحاب “البسطات” بأرباح قليلة.

كما أن المحال تحتاج إلى أجور ومحروقات للمولدة ودفع ضرائب، بينما “البسطة” لا تحتاج لمصاريف أبدًا.

وبالرغم من تدني جودة الملابس باعتبارها صناعة محلية (نخب ثالث)، فإن أسعارها تتناسب مع دخل الفرد في سوريا، كما تباع بأسعار منخفضة باعتبار أن أصحاب المحال لا يفضلون عرضها لتكدسها لمدة طويلة فتكون من نصيب “البسطات”.

وأضاف علي أنه بالرغم من التضييق الذي يعاني منه بسبب الدوريات الأمنية لإزالة البسطات “خوفًا على المظهر العام لمدينة دمشق” يعود في كل مرة ويتابع عمله.

محال و”بسطات” لبيع الألبسة في حي القنوات بدمشق- 3 من شباط 2024 (عنب بلدي/ سارة الأحمد)

حملات متكررة

تجري المحافظة حملات متكررة لإزالة “البسطات”، لكن حملاتها لم تمنع الباعة من عملهم وظلت أصواتهم تنادي للشراء على كل رصيف، ولا تتغير سوى بضائعهم في كل فصل.

وبعد أيام على الحملة التي نفذتها المحافظة على “البسطات” التي ملأت أرصفة المدينة، وإزالتها بشكل كامل خلال حزيران 2023، عادت “البسطات” لتتمدد محتلة الأرصفة من جديد ومسببة أزمة مرورية، بحسب ما ذكرته صحيفة “الوطن” المحلية.

وبحسب ما نقلته الصحيفة عن باعة “البسطات”، فإنه لا حل أمامهم سوى عودتهم للعمل في نفس الأماكن.

وذكرت أنه بالرغم من وجود “البسطات” في المناطق الأكثر اكتظاظًا بالمارة يتسبب بإعاقة الحركة واحتلال الأرصفة، فعلاجها لن يكون بإزالتها وترك أصحابها فريسة للجوع، بل بتأمين أماكن مخصصة للعمل وبيع منتجاتهم بشكل شرعي، ودون ذلك فإن عودتهم إلى ذات الأمكنة ستتكرر بشكل دائم.

سوق “البالة” بحي الإطفائية في دمشق- 3 من شباط 2024 (عنب بلدي/ سارة الأحمد)

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية