عروة قنواتي
يجب أن نتفق كلنا على أن الاشارات والأوصاف والتلميحات والحركات الخارجة عن الأصول الرياضية وعن أخلاقها ومعاييرها في أي لعبة كانت هي مرفوضة تمامًا، ويجب استنكارها ووضع الأصبع عليها بلا تهاون إن كان ما ذكرناه قد صدر عن نجم رياضي أو مسؤول أو مدرب أو حكم تجاه الجماهير والعشاق في كرة القدم وفي غيرها.
لماذا بدأنا بهذا الوصف السريع؟ حتى لا يُحسب لنا موقف مناهض أو مساير لما حصل مع الدون البرتغالي كريستيانو رونالدو أمام جمهور نادي الشباب وقبلها مع جمهور الزعيم الهلالي في دوري روشن السعودي.
وكانت لجنة الانضباط والأخلاق في الاتحاد السعودي لكرة القدم أكدت في بيان رسمي الأربعاء الماضي إيقاف رونالدو مباراة واحدة في جميع المباريات الرسمية التي يحق له المشاركة فيها.
كما حددت الغرامة المالية على النجم البرتغالي بقيمة 10 آلاف ريال، وإلزام فريقه واللاعب بدفع 20 ألف ريال لنادي الشباب، تمثل تكاليف رسوم تقديم الشكوى.
وبالتأكيد كان الكثير من عشاق الكرة السعودية والدولية ينتظرون عقوبة أكبر أو لربما توقعوها بما يعادل الإيقاف لمباراتين و أكثر مع توجيه تنبيه وتحذير شديد اللهجة حول هذه التصرفات، وبمثل هذه العقوبة التي من المفترض أن طوت صفحة إحراج الاتحاد السعودي أمام الأندية بعدم محاباة نجم مهم كرونالدو ونادٍ كبير كنادي النصر، إلا أنها ليست كافية وغير مرضية عند كثير ممن استنكروا سلوك الدون رونالدو من رؤية تحاكي صورة أن المخالفة ضخمة تؤذي مزاج المتابعين والمشاهدين ما يجعل اللجنة المنظمة في إحراج جديد حال تكرر مثل هذه التصرفات من النجم البرتغالي أو من غيره.
ما أريد الوصول إليه هنا أن دوائر الاستفزاز الجماهيري في ملاعب الشرق قد تكون كما ألفها سابقًا رونالدو عندما لعب للمان يونايتد أو للريال أو اليوفي أو حتى في منتخب البرتغال، ولكنها زائدة على الحد في ملاعبنا العربية وملاعب الشرق الأوسط عمومًا، ومن طبيعة رونالدو أن يشعر بالنرفزة في الملعب من قرارات الحكم لربما أو من محاصرته بأسماء خصومه في حناجر المشجعين على المدرجات، كما جرى معه في عدة مباريات مع الهتاف باسم ليونيل ميسي أكثر من مرة للإغاظة والاستفزاز.
أنا أتفق مع المقولة التي تتحدث عن أن نجمًا بحجم كريستيانو رونالدو وأهميته وتراكم سنوات الخبرة واللعب عنده من المفترض أن تجعله أكثر حكمة وحنكة في التعامل بمثل هذه الأوقات وبحجم هذه الضغوطات، وألا يكون سهل المنال والصيد في هذه المصيدة.
إلا أن ملاعب الشرق ستبقى تحفل بالعديد من هذه الممارسات والمحاولات، وسنجد أمامنا في السنوات المقبلة تطورًا في هذه الحكايات وحوادث أكثر، والسؤال الأبرز إلى متى يبقى الجمهور فقط من حقه أي شيء وبأن النجم يجب أن يترفع عن رد الاستفزاز والتطاول. الوعي الجماهيري والاحترام مطلوب، وهنا دور الأندية ودور الجهات الرقابية بإيقاف هذا النوع من الاشتباك اللفظي والمعنوي، كما فعلت رابطة الدوري الإنجليزي في حالة قديمة أذكرها يوم ضرب الفرنسي إيريك كانتونا مهاجم مانشستر يونايتد آنذاك مشجعًا من نادي كريستال بالاس كان يسيء إليه بعد طرده من المباراة.
جماهير المان يونايتد أصبحت في كل مواجهة أمام كريستال بالاس ترفع صورة ضرب المشجع وتفتخر بفعل كانتونا بعد رحيله عن الفريق، حتى جاءت قرارات الاتحاد الإنجليزي وتوعده بأقسى العقوبات حال تكررت هذه الحالة على المدرجات وتم التذكير بالحادثة مرة أخرى.
وليكن لنا في ملاعب إنجلترا درس مهم في ملاعبنا التي أصبحت تنشد التطور الكروي والاحترافية والنجومية والتقدم.