غياب الاعتراف بـ”المؤقتة” يعرقل إنشاء البنوك في ريف حلب

  • 2024/03/03
  • 12:48 م
يشهد مركز البريد والشحن التركي "PTT" ازدحامًا بشكل يومي في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي- 23 من حزيران 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

يشهد مركز البريد والشحن التركي "PTT" ازدحامًا بشكل يومي في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي- 23 من حزيران 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

عنب بلدي – جنى العيسى

فتح مؤتمر “الاستثمار الأول”، الذي أقيم في منطقة ريف حلب شمال غربي سوريا بإشراف “الحكومة السورية المؤقتة” المسيطرة على المنطقة، الباب أمام التساؤلات حول غياب وجود المصارف، التي اتفق عديد من الخبراء والمستثمرين على أن عدم وجودها من أبرز معوقات الاستثمار.

وتعاني المنطقة من غياب شبه كامل للخدمات المصرفية المختلفة، رغم أن سيطرة تركيا على المنطقة قد تعتبر عاملًا يساعد في تحسين هذه الخدمات، إذ افتتح خلال السنوات الماضية عدد من فروع مؤسسة البريد والشحن التركية (PTT)، التي تقدم بعض الخدمات المالية والمصرفية.

وتقدم فروع “PTT” خدمات مصرفية بسيطة تتعلق بتسليم رواتب الموظفين، إذ يمنح الموظفون في تلك المناطق، من معلمين وشرطة وموظفي مجالس وأطباء وخطباء، بطاقات مصرفية لسحب رواتبهم، بالإضافة إلى فتح حسابات شخصية بنكية، يمكن للمواطن إيداع أمواله فيها أو سحب المبالغ المودعة في أي وقت، إما بالليرة التركية وإما بالدولار.

وتتوفر لدى هذه المراكز خدمة تسلم وتسليم حوالات خارجية من وإلى جميع دول العالم.

عصب الاستثمار

يعد غياب البنوك إحدى العقبات الرئيسة في وجه الاستثمار بالشمال السوري، بحسب ما أكده الباحث في الاقتصاد السياسي يحيى السيد عمر، مشيرًا إلى أنه قبل البدء بأي جهود لتنشيط الاستثمار، لا بد من تأسيس نظام مصرفي قادر على دعم العمل الاستثماري، إذ تعتبر البنوك عصب الاستثمار.

وفي ملف سابق، ناقشت عنب بلدي  مع باحثين ومتخصصين وخبراء واقع الاستثمار في المنطقة، والإمكانيات لذلك، وطبيعة المشاريع الممكنة، واحتياجات المنطقة لإنشاء بيئة استثمارية، ومدى ارتباط الأمر بمشروع “العودة الطوعية”، ومسؤولية حماية أموال المستثمرين وضمان حقوقهم.

وأوضح السيد عمر أنه لا بد من إدراك أن للبنوك أنواعًا عديدة، منها البنوك التجارية والصناعية والزراعية والعقارية، وبنوك التمويل الصغير والمتناهي الصغر، وكل نوع منها له شروطه ومتطلباته وأهدافه.

لا اعتراف قانوني

وزير الاقتصاد في “الحكومة السورية المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، قال لعنب بلدي، إن من أبرز معوقات الاستثمار في المنطقة غياب البنوك، ما يسبب مشكلة في تحويل الأموال بين الدول، خاصة إذا كانت بكميات كبيرة وبعملات أجنبية.

ويجب أن يكون البنك مرتبطًا بنظام “سويفت” لمراقبة الأموال وضمان عدم التعامل مع جهات أو أشخاص لهم علاقة بالإرهاب، ويجب أن تمر جميع التحويلات المالية في مختلف دول العالم عبر هذا المخدم.

وبسبب عدم وجود اعتراف قانوني بـ”الحكومة المؤقتة”، لا يسمح بافتتاح بنك يعترف به دوليًا، وفق المصري، مشيرًا إلى أن افتتاح أي بنك من هذا النوع يحتاج إلى موافقة النظام السوري أيضًا، لتجنب المشكلات القانونية في هذا الإطار.

ولا يمكن الاعتماد على مراكز “PTT” كبديل عن البنوك، لكون التعامل فيها يجري فقط من وإلى تركيا، كما لا تجري عبرها تحويلات مالية بمبالغ كبيرة، بحسب وزير الاقتصاد.

وتسيطر “الحكومة السورية المؤقتة”، المظلة السياسية لـ”الجيش الوطني السوري”، على ريفي حلب الشمالي والشرقي ومدينتي تل أبيض ورأس العين شمال شرقي سوريا.

بنوك الادخار.. خيار متاح

الباحث يحيى السيد عمر، أوضح أنه في حال الرغبة بتأسيس بنوك تجارية وصناعية، لا بد أن تكون مرتبطة بالنظام المصرفي الدولي، وهذا غير متاح، نظرًا إلى عدم وجود الاعتراف السياسي بـ”الحكومة المؤقتة”.

ويكمن الحل في هذه الحالة ببنوك مغلقة أو نصف مغلقة، ويمكن الاستعاضة عن الارتباط بالنظام المصرفي الدولي من خلال التعاون مع البنوك في الدول الداعمة للقضية السورية، وفق السيد عمر.

ولا يقتصر دور البنوك على التمويل، بل يتعدى ذلك ليشمل الوساطة في عمليات الاستيراد والتصدير، وهذه الوساطة لا يمكن أن تتم دون وجود شبكة علاقات مع البنوك الأخرى.

أما في حال الرغبة بتأسيس بنوك تمويل صغير أو متناهي الصغر، فيمكن الاستغناء عن الارتباط بالنظام المصرفي الدولي، وإن كان هذا الارتباط يعزز من فاعليتها، لكنه شرط غير ملزم، بحسب الباحث.

وأضاف السيد عمر أن من المتطلبات الرئيسة لتأسيس البنوك في المنطقة وجود بنك مركزي أو مؤسسة مالية تعنى بتنظيم العمل المصرفي، إذ سيؤدي غياب مؤسسة إشرافية كهذه إلى فوضى في العمل وأزمات مالية وربما إفلاس، فضلًا عن ضرورة وجود مستثمرين قادرين على تمويل البنوك، أو المساهمة في تمويل رأس مالها.

غالبية هذه المتطلبات قد لا يكون بالإمكان تنفيذها في ظل الظروف السياسية والاقتصادية السائدة، لذلك من الحلول الإسعافية الممكنة التي يراها الباحث يحيى السيد عمر، تأسيس بنوك ادخار، تقبل ادخار الأفراد، وإن كان بمبالغ بسيطة، ولاحقًا تقوم باستثمار هذه الأموال من خلال تمويل أنشطة استثمارية، فمن خلال هذه البنوك يمكن الاستغناء عن كبار الممولين وعن الربط بالنظام المصرفي الدولي، لكن لا بد من العمل على كسب ثقة المودعين، ومن المقترح هنا الاعتماد على نظام مصرفي إسلامي، كون غالبية السكان في المنطقة قد لا يتعاملون مع بنوك ربوية.

أنواع شائعة للبنوك

توجد عدة أنواع من البنوك حول العالم، ولكل منها أدوار مختلفة في الاقتصاد، وأكثرها شيوعًا ثمانية بنوك:

  • البنوك المركزية، تدير المعروض النقدي في دولة واحدة أو سلسلة من الدول، وتشرف على البنوك التجارية، وتحدد أسعار الفائدة وتتحكم بتدفق العملة، وتقوم بأهداف السياسة النقدية للحكومة.
  • بنوك التجزئة، هي أكثر أنواع البنوك شيوعًا واستخدامًا من قبل الأفراد والشركات الصغيرة، وتكون على شكل بنوك محلية صغيرة أو بنوك وطنية لها فروع في جميع أنحاء الدولة، وتقدم خدمات مثل الحسابات المصرفية، والقروض الشخصية، وبطاقات الخصم والائتمان، كما تنتشر أجهزة الصراف الآلي التابعة لها في معظم الأماكن.
  • البنوك التجارية، هي التي تركز بشكل أكبر على دعم الشركات، ويمكن لكل من الشركات الكبيرة والصغيرة اللجوء إلى البنوك التجارية إذا كانت بحاجة إلى فتح حساب جارٍ أو حساب توفير، أو اقتراض الأموال، أو الحصول على الائتمان أو تحويل الأموال إلى شركات في الأسواق بالخارج.
  • بنوك الظل، هي شبكة مصرفية لا تلتزم بنفس اللوائح التي يتعين على البنوك الكبرى الالتزام بها، وتحصل على تمويلها عبر حسابات الادخار والمستثمرين بدلًا من استخدام الأموال الصادرة عن البنك المركزي.
  • بنوك الاستثمار، تتحمل هذه البنوك العديد من المسؤوليات الخاصة، كإدارة تداول الأسهم والسندات والأوراق المالية الأخرى بين الشركات والمستثمرين، وقد تركز طاقتها على تقديم المشورة للأفراد والشركات التي تحتاج إلى التوجيه المالي، أو إعادة تنظيم الشركات.
  • البنوك التعاونية، تكون بنوك تجزئة أو بنوكًا تجارية، وما يميزها أنها عادة ما تكون جمعيات محلية أو مجتمعية يساعد أعضاؤها في تحديد كيفية إدارة الأعمال.
  • الاتحادات الائتمانية، تقوم بإصدار القروض وتوفير المدخرات والحسابات الجارية وتلبية الاحتياجات المالية الأخرى للمستهلكين والشركات، والفرق هو أن البنوك شركات هادفة للربح في حين أن الاتحادات الائتمانية ليست كذلك.
  • جمعيات الادخار والقروض، غالبًا ما يشار إليها باسم التوفير أو مؤسسات مالية تستخدم المدخرات المودعة بشكل أساسي لإنشاء قروض عقارية وقروض إعادة التمويل وقروض المنازل وغيرها.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية