عمال شركة مصفاة “بانياس” دون حوافز.. الاستقالات مرفوضة

  • 2024/02/23
  • 4:44 م
أعمال صيانة ضمن مصفاة "بانياس" - 24 من تشرين الأول 2023 (شركة مصفاة بانياس)

أعمال صيانة ضمن مصفاة "بانياس" - 24 من تشرين الأول 2023 (شركة مصفاة بانياس)

لم تتجاوز فرحة عمال مصفاة “بانياس” بنظام الحوافز الجديد أكثر من شهر، حين استفاقوا نهاية كانون الثاني الماضي، على خبر إيقاف الحوافز التي بنوا الكثير من الآمال عليها.

“جعفر” (اسم مستعار لأسباب أمنية) من ريف طرطوس ويقيم في مساكن مصفاة “بانياس”، قال إنه حصل على الحوافز ثلاث مرات، مرتان آخر شهر كانون الأول 2023 ومرة مع بداية كانون الثاني الماضي، بقيمة 700 ألف ليرة في كل مرّة، ما أشعره بفرحة كبيرة، فهو لأول مرة منذ سبعة أشهر تمكن من تأمين احتياجات أسرته وشراء الملابس لأبنائه.

وأضاف جعفر (43 عامًا) الذي يعمل في قسم الهدرجات أحد أكثر الأقسام صعوبة وخطورة في المصفاة، أنه خطط مع زملائه على إعادة زمن الجمعيات (وهي فكرة تقوم على تجميع مال من الزملاء كل شهر ومنحه لشخص)، وبدأوا جمعية جديدة بمقدار 300 ألف ليرة شهريًا، ووضعوا الأدوار للحصول عليها، قبل أن يطيح إلغاء قرار الحوافز بخططهم وطموحاتهم.

“يجربون فينا، لا أحد يهتم بنا وكيف نعيش، علينا أن نعمل بالإجبار أشغالًا شاقة برواتب لا تكفي أولادنا حتى ثمن الأكل”، ختم جعفر حديثه مؤكدًا أن ظروف العمل قاسية جدًا ولا يسمح لهم بالاستقالة أو التقاعد المبكر، وحتى الإجازات صعب جدًا الحصول عليها.

قبل الحوافز لم يكن راتب جعفر وغالبية زملائه يتجاوز الـ200 ألف ليرة، كونهم عمال موظفون على أساس الفئتين الرابعة والخامسة.

على الرغم من أن “عباس” (32 عامًا) يعمل في قسم النتروجين، لم يتقاضَ سوى 415 ألف ليرة كحوافز، في كل مرة من المرات الثلاث التي حصل على حوافزه فيها عن أشهر أيلول وتشرين الأول وتشرين الثاني 2023، كان سعيدًا في قرارة نفسه من المبالغ المالية الجيدة التي حصل عليها، ومنحته حلم إمكانية تأسيس عائلة والزواج.

“عباس” قال إنه تقدّم بشكوى لأنه لم يحصل على حوافز مشابهة لحوافز زملائه، ووعده رئيس قسمه أن يحسنها له في الأشهر المقبلة، لكن اليوم عاد الشاب إلى نقطة البداية، وهي محاولة الحصول على موافقة استقالة للسفر وإيجاد فرصة عمل سواء في العراق أو في لبنان.

وترفض الإدارات قبول استقالة العاملين في الدولة أو حتى منحهم إجازة طويلة بلا أجر، ليتحول مكان العمل إلى ما يشبه السجن، بينما يحلم كثير من العمال بالحصول على الاستقالة وإيجاد فرصة عمل بالقطاع الخاص حيث أن الرواتب أعلى بقليل قياسًا برواتب العاملين بالدولة، التي لا يتجاوز الحد الأدنى لها 279 ألف ليرة سورية بعد الزيادة الماضية مطلع شباط الحالي، في حين تصل رواتب العمال بالقطاع الخاص إلى نحو مليون ونصف المليون ليرة سورية.

أعمال صيانة ضمن مصفاة “بانياس” – 24 من تشرين الأول 2023 (شركة مصفاة بانياس)

رح يرجعوا يعطونا 4000؟

“سليم” (52 عامًا) الذي يعاني الكثير من الأمراض بينها التحسس وألم الظهر، نتيجة عمله منذ سنوات طويلة في قسم البريت والإسفلت بمصفاة “بانياس”، قال إنه لم يستغرب قرار إيقاف الحوافز والتريث بمنحها، لأنه كان متأكدًا بأن مثل هذه الفرحة لن تدوم، فهم مجرد عمال وليسوا مسؤولين بربطات عنق، على حد تعبيره.

وقال الرجل إنه حين حصل على حوافزه الجديدة أول ما فعله أنه اشترى أدويته الكاملة، وزار الطبيب ليجد حلًا لألم الظهر الذي يلازمه، لكن اليوم مع إيقاف الحوافز سيضطر لإيقاف العلاج، فهوى لا يقوى على تحمل تكاليفه العالية سواء لناحية الأدوية أو أجور المعاينات.

“سيعودون إلى منحنا 4000 وفي أحسن الأحوال 5000 ليرة حوافز، كما كانوا يعطونا قبل القرار؟”، تساءل الرجل الذي يبدو أنه مستسلم تمامًا لواقعه ومثله غالبية العمال، الذين لم يفكروا بالإضراب عن العمل لدفع الحكومة للتراجع عن قرارها بإيقاف الحوافز.

وكانت رواتب عمال المصفاة تعتبر جيدة في فترة ما قبل عام 2011، حيث كان سقف الحوافز حينها 9000 ليرة، أي ما يعادل نحو 180 دولار أمريكيًا، (الدولار ما قبل عام 2011 كان 50 ليرة، واليوم 14650 ليرة).

وعلى الرغم من صدور مرسوم منح الحوافز للعاملين في الدولة بنسب تصل إلى 300% عام 2022، لم يطبق مرة واحدة، حيث كانت الحكومة تعلن تباعًا عن تطبيقه في الوزارات والمؤسسات التابعة لها، وقد أقرت الحوافز لعمال شركة مصفاة “بانياس” ومؤسسات وزارة النفط اعتبارًا من أيلول 2023، قبل أن يتم إيقافه مع نهاية شهر كانون الثاني 2024.

وبررت وزيرة التنمية الإدارية، سلام سفاف قرار التريث بمنح الحوافز، بأنه سيؤدي إلى هدر المال العام نتيجة الفهم الخاطئ له.

وأضافت أن هدف المرسوم كان التوجه إلى العامل النشيط، على مبدأ “من يعمل أكثر يربح أكثر”، مشيرة أنه على أرض الواقع تم ربط المرسوم بقضية زيادة الأجور وتحسين الواقع المعيشي، وهذا الأمر لم يكن واردًا خلال تحديد هدف المرسوم.

ويواجه المواطن السوري موجات ارتفاع الأسعار وغياب القدرة على تأمين حاجيات عائلته الأساسية، وسط تدهور الليرة أمام العملات الأجنبية، مع غياب أي حلول تنتشله من أزماته المتلاحقة.

ويبلغ متوسط تكاليف المعيشة في مناطق سيطرة النظام أكثر من 10.3 مليون ليرة سورية، والحد الأدنى لتكلفة المعيشة 6.5 مليون ليرة.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية