عمليات تنظيم “الدولة” تدخل المدن.. خيارات “قسد” قليلة
شهدت المناطق الشرقية من سوريا، خلال الأسبوع الماضي، تزايدًا لنشاط تنظيم “الدولة الإسلامية”، وفق إحصائيات التنظيم لعملياته بالمنطقة، تزامن ذلك مع عمليات أمنية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) لمكافحة هذا النشاط.
وقال تنظيم “الدولة” عبر العدد الأسبوعي لصحيفته الرسمية “النبأ”، اليوم الجمعة 23 من شباط، إنه نفذ أربع عمليات في سوريا، أسفرت عن مقتل 14 شخصًا، معظمهم من قوات النظام السوري، إلى جانب آخرين من “قسد” بمحافظة دير الزور.
وتوزعت عمليات التنظيم بين محافظتي حمص والحسكة، بمعدل عمليتين لكل منهما.
وفي محافظة الحسكة، قال التنظيم إنه نفذ هجومين داخل المدينة، لأول مرة منذ سنوات، إذ ستهدف عنصرين من “قسد” في حي الصالحية بمدينة الحسكة، سبق ذلك بنحو أسبوع هجوم مشابه في حي المفتي بالمدينة نفسها.
عمليات داخل المدن
عمليات التنظيم دخلت مراكز المدن حيث تسيطر “قسد” لأول مرة بعد غياب لسنوات، في كانون الثاني الماضي، بعد أن كانت الاستهدافات المشابهة تتركز في المناطق الريفية وضواحي المدن، وعلى أطرافها.
أبرز هذه الاستهدافات كان في المربع الأمني بمدينة القامشلي، حيث يسيطر النظام السوري. وتسمى المنطقة بهذا الاسم لأنها تضم أفرع أمنية، ومبان حكومية، في مساحة جغرافية تعتبر صغيرة نسبيًا.
الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية، عرابي عرابي، قال لعنب بلدي إن دخول عمليات التنظيم إلى المدن بعد كل هذه المدة يدل على وجود شبكة أمنية تعمل على جمع المعلومات وتسهيل الأمور اللوجستية والمقرات لخلاياه.
وتكمن خطورتها بأنها تعكس وجود بنك أهداف وموارد مالية للاستمرار في هذا النمط من العمل بالنسبة للتنظيم.
وأضاف أن تصعيد الاغتيالات ضد العناصر من رتب متدنية بداية، ثم استهداف قيادات برتب أعلى يعتبر من نتائج هذا النوع من الاستهدافات.
ويرى عرابي أن خطورة هذا النوع من الاستهدافات يكمن بتعقيدات عملية الملاحقة، إذ يعتبر تتبع الخلايا في المدن أكثر صعوبة مما هو عليه في الأرياف المفتوحة.
وفي 17 من شباط الحالي، نشر المكتب الصحفي في محافظة الحسكة نشر عبر “فيس بوك” صورة من تشييع العنصر الذي قتل بهجوم التنظيم في القامشلي، دون الإشارة إلى الجهة المسؤولة عن مقتله.
وقال “المكتب” إن الصورة من تشييع الملازم شرف بسام العزو من الهيئة العامة لمستشفى القامشلي “الوطني”، مشيرًا إلى أنه قتل “خلال أداء واجبه الوطني في مدينة القامشلي”.
ومنذ مطلع العام الحالي، طالت عمليات تنظيم “الدولة” مناطق جديدة في سوريا كانت قد غابت عنها لسنوات، إذ استهدفت قبل أيام موظفًا في “الإدارة الذاتية” بحي المفتي في مدينة الحسكة، إلى جانب عمليات في مدينة السخنة شرقي حمص، طالت عناصر بقوات النظام.
التنظيم تكيّف مع عمليات “قسد”
أمس الخميس، قالت “قسد” عبر موقعها الرسمي إن قواتها كثفت مؤخرًا من عملياتها الأمنية ضد عناصر تنظيم “الدولة”، وتمكنت من إلقاء القبض على العشرات منهم.
وفي اليوم الذي سبق الإعلان، نفذت وحدات “مكافحة الإرهاب” (YAT) التابعة لـ”قسد”، بالتعاون مع قوات التحالف الدولي (مشكل من 86 دولة)، عملية أمنية استهدفت أحد عناصر التنظيم في قرية ألبو نيتل بمحافظة دير الزور، أسفرت عن اعتقاله.
وقالت “قسد” إن العملية جرت بدعم ومراقبة من قبل التحالف، إذ داهمت قواتها مكان اختباء عنصر في التنظيم اسمه حسين نواف الحسين، وتمكنت من إلقاء القبض عليه.
وأشارت إلى أن الحسين كان يعمل على تنفيذ عمليات تستهدف المؤسسات المدنية والعسكرية في المنطقة.
سبق ذلك عملية أطلقتها “قسد” بمخيم “الهول” شرقي الحسكة، حيث تقيم عائلات لمقاتلين في التنظيم، واستمرت العملية لبضعة أيام، أسفرت عن اعتقال متورطين بالعمل لصالح التنظيم، بحسب ما أعلنته “قسد” حينها.
إلى جانب عمليات أخرى متفرقة أطلقتها “قسد” في مناطق سيطرتها استهدفت خلايا التنظيم.
اقرأ أيضًا: نشاط تنظيم “الدولة” في الحسكة يثير مخاوف موظفي “الإدارة الذاتية”
العمليات الأمنية التي تعلن عنها “قسد” بشكل متكرر، تسفر عن اعتقال أفراد ومقاتلين في التنظيم، وقادة في بعض الأحيان، لكنها لم تترك أثرًا ملحوظًا على نطاق نشاط خلايا التنظيم شمال شرقي سوريا، إذ لا تزال عملياته نشطة بشكل متواتر حتى اليوم.
الباحث في شؤون الجماعات الجهادية عرابي عرابي، قال لعنب بلدي إن “قسد” لم تحرز أي تقدم في مواجهة التنظيم بالرغم من العمليات الأمنية والاعتقالات التي تنفذها ضمن مناطق سيطرتها.
وأرجع أسباب غياب الأثر إلى أن التنظيم تأقلم مع خطوات “قسد” الأمنية منذ أكثر من عام، إذ صارت تحركاتها الأمنية متوقعة، ويمكن تفاديها.
الباحث اعتبر أن تصاعد وتيرة عمليات التنظيم، ودخولها نطاق المدن، يشير إلى اختراق أمني في صفوف “قسد” يسرب معلومات كثيرة لصالح التنظيم، ولجهات كثيرة أخرى.
وبالنسبة لـ”قسد” فإن الخيارات قليلة، وأغلبها تنقلب عليها في نهاية المطاف، سواء عن طريق تصعيد الاعتقالات أو الحملات الأمنية، إذ تنعكس على شكل زيادة بوتيرة عمليات الاستهداف.
عمليات تجاوزت حدودها
على مدار السنوات الماضية، كان تقدير عمليات التنظيم الأسبوعية ممكنًا، إذ لم تتجاوز 20 استهداف أسبوعيًا، وفي أقصى حالاتها كان يقع 10 منها في مناطق سيطرة “قسد” شمال شرقي سوريا.
ومنذ مطلع العام الحالي، تجاوزت عمليات التنظيم حدودها المعهودة، إذ أعلن الأخير عن تنفيذ 32 عملية في خلال الأسبوع الأول من 2024، ثم عاد ليعلن عن 34 عملية خلال الأسبوع الذي تلاه، وتوزعت هذه العمليات بين مناطق سيطرة النظام السوري، و”قسد”.
اقرأ أيضًا: عمليات تنظيم “الدولة” تتضاعف.. النظام عاجز و”قسد” تحاول
في نيسان 2023، قالت وزارة الخارجية الأمريكية في إحاطة صحفية حول عمليات تنظيم “الدولة” في سوريا والعراق، إن هجمات التنظيم تراجعت في سوريا والعراق خلال الأشهر الأولى من العام نفسه، ووصفت الفترة الزمنية حينها بأنها “الأكثر سلمية” من حيث انخفاض عمليات التنظيم.
ويرى خبراء أمميون أن تنظيم “الدولة الإسلامية” يمتلك بين 5000 و7000 عنصر في سوريا والعراق، وأن مقاتليه في أفغانستان يشكلون اليوم أخطر تهديد “إرهابي”، في حين يحاول التنظيم إعادة بناء نفسه وتجنيد أشخاص جدد وتحديدًا من مخيمات شمال شرقي سوريا، بحسب تقرير نشرته وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، وكذلك من “المجتمعات الضعيفة” في الدول المجاورة لسوريا.
وفي مطلع 2023، أصدر “مشروع مكافحة الإرهاب” الأمريكي دراسة رصدت تفاوت عمليات التنظيم في سوريا والعراق، وقارنها بنظيراتها خلال الأعوام السابقة.
وقتل تنظيم “الدولة الإسلامية” أكثر من 147 جنديًا و31 مدنيًا، خلال 2022، كما أسفرت عملياته عن جرح أكثر من 136 شخصًا في وسط سوريا عام 2022، بحسب الدراسة.
الدراسة أشارت إلى أن الخسائر التي سببتها عمليات التنظيم في 2022، تشكّل نحو 47% من إجمالي الخسائر التي أوقعتها عمليات التنظيم في عام 2021.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :