أزمة خبز تضرب رأس العين.. نقص كميات واستغلال للحاجة
تشهد مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة أزمة خبز خانقة منذ أيام، نتيجة نقص في كميات الخبز المنتجة من قبل الفرن الآلي الوحيد في المدينة.
هذا النقص خلق حالة استغلال من تجار وأصحاب “بسطات”، إذ رفعوا سعر الخبز إلى 15 ألف ليرة سورية للربطة الواحدة (عشرة أرغفة بوزن 1100 غرام)، في حين لا تزال تباع في الفرن بسعر نحو 1500 ليرة سورية (الدولار يقابل 15 ألف ليرة).
وتؤرق هذه الأزمة سكان المدينة البالغ عددهم 115 ألف نسمة، حسب إحصائية سابقة حصلت عليها عنب بلدي، ويعتمد غالبية السكان على الزراعة، ولا تتجاوز أجرة العامل دولارين أمريكيين لليوم الواحد (ما يعادل 30 ألف ليرة سورية).
ما سبب الأزمة؟
المتحدث الرسمي في المجلس المحلي برأس العين، زياد ملكي، أوضح أن انخفاض كميات الخبز في رأس العين يعود إلى عملية جرد من قبل منظمة “إدارة الكوارث والطوارئ التركية” (AFAD) لكميات الطحين الداخلة إلى المدينة كل عام في شهر شباط.
وقال لعنب بلدي إن الطحين يدخل إلى رأس العين شهريًا بشكل مجاني، وتبلغ الكميات الداخلة 600 طن، لافتًا إلى أن الفرن الآلي قلل من كميات إنتاج الخبز حاليًا للحفاظ على احتياطي الطحين الذي يبلغ 40 طنًا.
وأضاف ملكي أن المجلس المحلي يعتزم شراء كميات من الطحين حتى استكمال عمليات الجرد في تركيا وإعادة إرسال الطحين إلى المنطقة.
وذكر أن المجلس يبيع الربطة التي تزن 1100 غرام بسعر ثلاث ليرات تركية للسكان، وهو سعر التكلفة بسبب توفر الطحين مجانًا، بالإضافة إلى تحمل المجلس تكاليف النقل الشهرية بقيمة 15 ألف دولار أمريكي (الدولار الأمريكي نحو 15 ألف ليرة سورية)، ويضاف إليها التكاليف التشغيلية للفرن من أجور عمال ومحروقات وصيانة.
وأشار إلى أن الإنتاج الطبيعي للفرن في الأيام العادية يبلغ 30 ألف ربطة يوميًا، وتغطي المدينة والريف بشكل كامل، لكن في الوقت الحالي تراجع الإنتاج إلى حوالي 15 ألف ربطة يوميًا بسبب قلة كميات الطحين.
عشرة أضعاف
اشتكى بعض السكان لعنب بلدي من قلة توفر الخبز وصعوبة الحصول عليه، وشرائهم السلعة من “البسطات” والباعة المتجولين في المدينة بأسعار مضاعفة.
محي الدين شرفة، من سكان رأس العين ووالد لستة أطفال، قال لعنب بلدي إن الخبز كان متوفرًا بداية هذا الشهر، وكان يصلهم يوميًا من خلال مندوبي الفرن الآلي، لكن الحصول عليه بات أمرًا صعبًا ومكلفًا خلال هذا الأسبوع.
وأضاف أن عائلته تحتاج يوميًا إلى ثلاث ربطات خبز، كان يشتري الواحدة بثلاث ليرات تركية (1500 ليرة سورية)، بينما تباع اليوم في السوق “السوداء” بأسعار تصل إلى 15 ألف ليرة سورية.
وطالب شرفة بضرورة توفير الخبز خلال الأيام المقبلة، لأنه سلعة أساسية في المائدة، ولا يمكن التقنين فيه أو الاستغناء عنه.
الخبز بالمنزل خيار مكلف
في ظل تراجع إنتاج كميات الخبز في الفرن الآلي، يجد الأهالي في المدينة أنفسهم مضطرين إلى التفكير بحلول بديلة.
ويلجأ البعض إلى تحضير الخبز بشكل بدائي في المنزل، وهو خيار يواجه عقبات نظرًا لصعوبة تأمين المواد الأولية اللازمة، بسبب غيابها عن الأسواق المحلية.
علا الغمري سيدة من رأس العين، قالت إنها لا تحصل على حصتها الكاملة من الخبز من المندوب، مشيرة إلى أنها اضطرت لشراء الطحين من المحال التجارية بأسعار مرتفعة تصل إلى 200 ليرة تركية للكيس الواحد، ووزنه ثلاثة كيلوغرامات.
وتحضر السيدة الخبز في المنزل باستخدام وسائل بدائية نظرًا لنقص الحطب، مضيفة أنها لا تملك القدرة على شراء الخبز من السوق “السوداء”، إذ يتراوح سعر الربطة بين عشرة آلاف و15 ألف ليرة سورية.
سكان الريف يعتمدون على أنفسهم
لا يختلف حال الريف عن المدينة، حيث يعاني سكان الريف أيضًا من قلة الخبز، وعدم حصولهم على حصصهم المستحقة، ما جعلهم يضطرون إلى الاعتماد على أنفسهم عبر خبزه وتحضيره في منازلهم
أياد عساف، مندوب لبيع الخبز في ريف رأس العين، قال إنه كان يتلقى يوميًا 750 ربطة من الخبز لتوزيعها على عدة قرى، لكن خلال هذا الأسبوع، لم يستلم أي كمية من الخبز.
وأوضح أن أهالي القرى يأتون يوميًا إليه بحثًا عن الخبز، لكن دون جدوى، مشيرًا إلى أن وضع القرى يعتبر أفضل من وضع المدينة، حيث يتوفر لدى سكان الريف المواد الأولية لتحضير الخبز في المنزل.
وذكر عساف أن جزءًا كبيرًا من أهالي الريف لم يخزنوا الطحين العام الماضي، نظرًا لانخفاض سعر القمح إلى حوالي 180 دولارًا للطن، وبيعه لتسديد الديون المترتبة عليهم.
وتقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليهما “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، بينما تحيط بهما جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.
وتعد الزراعة إلى جانب تربية المواشي من المهن الأساسية التي يعمل بها غالبية سكان منطقة رأس العين والمناطق الشمالية والشمال الشرقي في سوريا، وهي تشكّل مصدرًا رئيسًا للدخل في هذه المناطق.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :