تعد ليلة النصف من شعبان من الأيام الفضيلة لدى المسلمين، إذ يقضونها بالعبادة والصيام والدعاء.
ويملك السوريون طقوسًا اجتماعية ودينية في هذا اليوم، وبينما تتشابه عاداتهم في بعض المحافظات يملكون خصوصية في أخرى.
وبعد عام 2011، وتشكل خريطة سيطرة تقسم الجغرافيا السورية، تغيرت طقوس الاحتفال، بينما تخلى بعض السوريين عنها تمامًا.
ويشكل ارتفاع الأسعار في جميع المناطق السورية وانخفاض قيمة الرواتب، عائقًا أمام ممارسة طقوس اعتاد عليها السوريون.
طقوس الاحتفال
يتشارك السوريون بعض الطقوس، مثل الصيام في النهار وتوزيع الصدقات والحلوى، وفي المساء يتوجهون نحو المساجد لإحياء الليلة بحضور فرق الإنشاد.
أحمد (45 عامًا)، يعمل ضمن فرقة إنشادية في دمشق تشارك في الاحتفالات الدينية، قال لعنب بلدي، إن الاحتفال بليلة النصف من شعبان مقدس لدى الدمشقيين.
ويعقد الناس المصالحات بين المتخاصمين في هذا اليوم، ويتجهون رجالًا ونساء إلى المساجد لإحياء الليلة هناك.
ويعتبر الجامع الأموي (مسجد بني أمية الكبير)، مكانًا بارزًا يتجمع فيه سكان مدينة دمشق للصلاة والدعاء والتسبيح منذ بداية الليلة حتى فجر اليوم التالي.
أما في درعا قال توفيق (32 عامًا)، ويعمل مدرس تربية إسلامية، إن الاحتفالات تتركز في مسجد موسى بن نصير في حي القصور.
ومن الخصوصيات التي تحدث في هذه الليلة لدى أهالي درعا، والتي يشارك فيها، صنع الخبز الحوراني (خبز القالب)، وتوزيعه على الجيران.
وأضاف أن الناس يبدأون بتعليق الزينة على شرفات منازلهم إعلانًا باقتراب شهر رمضان، ويقوم فاعلو الخير بسداد الديون المترتبة على من لا استطاعة لهم بهذا.
المنطقة الشرقية
يحتفل سكان المنطقة الشرقية فيما مضى بليلة النصف من شعبان، كسائر المحافظات السورية، ويعبرون عن ذلك بتوزيع الحلويات أو الحلاوة، والتوجه للجوامع للعبادة، وفئة أخرى تتجه لإقامة الموالد والاحتفال مع أقربائها بهذه الليلة.
بثينة (70 عامًا)، معلمة صف متقاعدة، من محافظة دير الزور، قالت إن مظاهر الاحتفال بليلة النصف من شعبان أو كما يدعونه أهالي المنطقة (المحيا)، مفقودة منذ بداية النزاع في المنطقة، إضافة لغلاء الأسعار التي تعيق الأهالي من توزيع الحلويات أو إقامة الموالد.
وفي مثل هذه الليلة يتوجه الأهالي لزيارة المقابر، لكن تراجع هذا الطقس لخوف الناس من الألغام، إضافة إلى بعد المسافة.
ومن الطقوس الخاصة لسكان المدينة وخاصة للأطفال، اللعب بالمفرقعات والألعاب النارية، التي فقدت وجودها هي الأخرى.
أضافت بثينة، أن جميع هذه الطقوس كانت تقوم بها مع عائلتها منذ أن كانت صغيرة.
لكن بعد حالات النزوح والنزاع التي عاشتها، اختفى هذا الطقس من حياتها مثل بقية سكان المنطقة.
رجب (40 عامًا)، موظف حكومي في دير الزور، قال إن الاحتفال بهذه الليلة لم يعد موجودًا في ريف المحافظة بشكل خاص، بعد سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على المنطقة، واعتبار الاحتفال بدعة.
إدلب تجمع الطقوس رغم العقبات
بلال المختار (58 عامًا) مهجر من ريف إدلب الجنوبي ويعمل مزارعًا، قال إن الناس سابقًا كانت تقوم بتوزيع الحلويات وإقامة الموالد، باعتبارها ليلة فضيلة، لكنها محصورة ضمن فئة من الناس وخص بالذكر الصوفية.
لكن بسبب الوضع المادي المتردي في المنطقة، يجد أغلب السكان صعوبة بممارسة هذه الطقوس.
وأضاف أن الجهات الحاكمة (حكومة “الإنقاذ” المظلة السياسية لـ”هيئة تحرير الشام”) في المنطقة تعتبر هذه المظاهر من الاحتفالات بدعة لذا يتجنب الناس ممارستها.
ومع تحول إدلب إلى منطقة تجمع المهجرين من أغلب المناطق التي شهدت عمليات عسكرية بين النظام السوري وفصائل المعارضة، نقل كثيرون منهم طقوسهم، كأهالي حماة الذين يصنعون حلاوة “المحيا” لهذه اللية تحديدًا.
ليلة النصف من شعبان
يحتفل المسلمون بهذه الليلة لما يجدون فيها من أهمية، إذ جرى تحويل القبلة التي يصلون باتجاهها، من المسجد الأقصى في فلسطين إلى البيت الحرام في مكة، في العام الثاني من الهجرة.
وصلى قبلها المسلمون قرابة 16 شهرًا باتجاه المسجد الأقصى، لذا يرى المسلمون لهذا اليوم أهمية دينية.
ويبدأ الاحتفال بعد غروب شمس يوم 14 حتى فجر يوم 15 من شعبان.