بعد تعديلات "العقد الاجتماعي"

“الإدارة الذاتية” تسوّق لانتخابات محلية.. تشكيك مسبق بنزاهتها

من اجتماع مجلس الشعوب الديمقراطي التابع للإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا- 15 من شباط 2024 (الإدارة الذاتية/ فيس بوك)

camera iconمن اجتماع مجلس الشعوب الديمقراطي التابع للإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا- 15 من شباط 2024 (الإدارة الذاتية/ فيس بوك)

tag icon ع ع ع

عاد الحديث عن الانتخابات المحلية لدى “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا مجددًا، إذ أعلنت الأخيرة نيتها تحديد موعد الانتخابات خلال الفترة المقبلة، وتشمل جميع البلديات في مناطق سيطرتها.

نائب الرئاسة المشتركة لهيئة الإدارات المحلية في “الإدارة الذاتية” لؤي أخته، قال في 19 من شباط، إن الهيئة تسعى بعد إصدار العقد الاجتماعي لتحديد صلاحيات ومسؤوليات البلديات وتنظيمها الإداري والمالي وعلاقتها بـ”الكومينات”.

وأضاف أن “الإدارة” عيّنت قانونيين “أكفاء” من ذوي الخبرة في مجال البلديات، من مختلف “المقاطعات”، لإعداد مسودة “قانون البلديات واتحاد البلديات الديمقراطية”.

لؤي أَخته نوّه إلى أنه بعد إعداد ومناقشة مسودة القوانين، سيحدد موعد انتخابات رئاسة البلديات على مستوى المنطقة، ثم تفعيل القانون، دون تحديد النطاق الزمني لإنجاز هذه الخطوات.

وكانت “الإدارة الذاتية” غيرت هيكليتها وتسميتها، منتصف كانون الأول 2023، بعد الانتهاء من إعداد تعديلات “العقد الاجتماعي” الخاص بها.

ونص “العقد الاجتماعي” الجديد على التسمية الجديدة وهي “الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا”، وصارت تتكون من إقليم واحد، وهو إقليم شمالي وشرقي سوريا، ويتضمن سبع مقاطعات.

وتدير “الإدارة الذاتية” مناطق شمال شرقي سوريا بشكل أساسي، وتحظى بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية، وهي على خلاف أساسي مع تركيا على الحدود الشمالية، وتعتبر قواتها امتدادًا لحزب “العمال الكردستاني” المحظور والمصنف إرهابيًا لديها.

مظلة شرعية

مطلع شباط الحالي، قال الرئيس المشترك لـ”مجلس الشعوب الديمقراطي” في “الإدارة الذاتية”، فريد عطي، إن “الإدارة” تعمل على وضع آلية لاستحداث مؤسسات جديدة، مثل المفوضية العليا للانتخابات، ومحكمة حماية “العقد الاجتماعي”، والمؤسسة العامة للرقابة المالية والمحاسبة.

وحدد عطي الربع الأول من 2024 كنطاق زمني لاستحداث هذه المؤسسات.

كما ستصدر القوانين اللازمة والناظمة لعمل المؤسسات المذكورة، ويلي ذلك البدء بانتخابات البلديات أولًا، ثم انتخابات المجالس انطلاقًا من مجالس “الكومين” والبلدة، ثمّ المدينة فالمقاطعات ومجلس “الشعوب الديمقراطي” أخيرًا.

لكن دراسة أعدها مركزجسور للدراسات” حول آلية وأهداف صياغة “العقد الاجتماعي”، خلصت إلى أن “الإدارة الذاتية” تهدف لخلق “مظلة شرعية” لنفسها ضمن مناطق سيطرتها.

واعتبرت الدراسة أن إجراء “الإدارة” انتخابات عامة، هو تمهيد قانوني للالتفاف على الضغوط الأمريكية والمطالب الشعبية بإجراء تغييرات في كوادر “الإدارة” وقياداتها، للحد من الفساد ومعالجة السياسات الاقتصادية والأمنية.

هل “الإدارة” قادرة

خلال اجتماع في 9 من كانون الثاني 2024، ناقش “مجلس الشعوب الديمقراطي”، مجموعة من القضايا، منها تشكيل جسم المفوضية العليا للانتخابات، وأوضح حينها، بحسب ما نقلته وكالة “نورث برس“، أن المفوضية ستتألف من 20 عضوًا، يقسمون على خمسة “المقاطعات”.

وحول آلية تعيين أعضاء “مفوضية الانتخابات”، سيختار ثلثها من مجلس “العدالة الاجتماعية في الإدارة الذاتية”، والثلثان الآخران من “مجلس الشعوب الديمقراطية” و”مجالس المقاطعات” مع مراعاة المكونات والشرائح.

الباحث المساعد في مركز “عمران للدراسات” أسامة شيخ علي، قال لعنب بلدي، إن “الإدارة الذاتية” تحاول “القفز على الواقع” من خلال حديثها عن إجراء انتخابات في مناطق سيطرتها، خصوصًا وأنها كيان غير معترف به من أي جهة.

ويرى الباحث أن الخطوة تهدف لتصوير “الإدارة” على أنه يغلب عليها الطابع “الدولتي”، أو المؤسساتي، وهو ما دفعها لإطلاق حوارات مع ممثلين عن مناطق شمال شرقي سوريا، لكن اتضح لاحقًا أن هؤلاء الممثلين هم مختارون من قبل “الإدارة” نفسها.

ويتطلب إجراء أي انتخابات حقيقية، ضمان وجود نظام قضائي مستقل ونزيه، وهو ما لا تملكه “الإدارة” في الوقت الراهن، إلى جانب الشفافية المفقودة في مؤسساتها، بحسب شيخ علي.

الباحث يرى أن الجهات المعنية باختبار أعضاء “مفوضية الانتخابات” أنشأتها “الإدارة الذاتية” سابقًا، وتعتبر منبثقة عنها، بالتالي يمكن القول إن “الإدارة” هي من ستختار أعضاء “المفوضية” التي ستشرف على انتخاباتها.

بعد “عقد اجتماعي”

في 10 من حزيران 2021، وبناء على التفويض الممنوح لها، بدأت “الرئاسة المشتركة للمجلس العام للإدارة الذاتية” بتشكيل لجنة باسم “لجنة صياغة العقد الاجتماعي والميثاق الأساسي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا”، مهمتها إعادة صياغة “العقد الاجتماعي”.

وحددت “الرئاسة المشتركة للمجلس العام في الإدارة” حينها هيكلية وبنية اللجنة، على أن يكون عدد أعضائها 150 شخصًا، مع احتفاظها بحق إضافة أعضاء آخرين عند اللزوم.

ولاحقًا، بلغ العدد النهائي لأعضاء اللجنة 157 شخصًا، بعد أن وضعت “الرئاسة المشتركة” عدة شروط عامة وعريضة لعضوية اللجنة، وهي: إتمام الـ18 من العمر، وعدم وجود حكم بجرم شائن، والإقامة في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية”، والتمتع بخبرة قانونية أو سياسية أو إدارية أو اجتماعية.

ولاقت هذه اللجنة انتقادات من حيث حجم التمثيل فيها، كما انتُقدت لكونها مكونة من شخصيات محسوبة على حزب “الاتحاد الديمقراطي” (الجناح السوري لحزب “العمال الكردستاني”)، بحسب ما قاله خبراء في حديث سابق لعنب بلدي.

اقرأ أيضًا: تدوير سلطة الأمر الواقع شمال شرقي سوريا

تزامنًا مع تغييرات

في 20 من كانون الأول 2023، انتخب “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) خلال مؤتمره الرابع الذي عقد بمدينة الرقة، محمود المسلط، وليلى قره مان، رئيسين مشتركين له، بمشاركة من ممثلين عن “الإدارة الذاتية”.

وحملت الأسماء الجديدة ملامح تغيير، إذ ينحدر المسلط من خلفية عشائرية، وهو ابن شقيق رئيس “الائتلاف الوطني” المعارض، سالم المسلط، وفي الوقت نفسه كان يقيم في الولايات المتحدة، وتجمعه علاقات جيدة مع الأمريكيين والأتراك.

ومن جانب آخر، تعد ليلى قره مان عضوًا في حزب “العمال الكردستاني” المدرج على لوائح “الإرهاب” التركية والدولية، حالها حال سلفها إلهام أحمد.

ووفق النظام الداخلي الجديد لـ”مسد”، ألغى الأخير الهيئة التنفيذية من هيكليته، التي كانت تشغل رئاستها القيادية البارزة فيه إلهام أحمد، وأحد كوادر “العمال الكردستاني” في سوريا.

سبق ذلك أيضًا وعود قدمتها “الإدارة الذاتية” لإحداث تغييرات على صعيد إدارة محافظة دير الزور، التي نشبت فيها مواجهات مسلحة في آب وأيلول 2023، على خلفية اعتقال “قسد” لقائد “مجلس دير الزور العسكري”، وتحولت لانتفاضة تطالب بحقوق المكون العربي في المنطقة.

وطرحت “الإدارة“، بحسب ما أعلنته في 22 من تشرين الأول 2023، جملة من المخرجات مكونة من 42 بندًا، أبرزها إعادة هيكلة المجالس المحلية والتشريعية والتنفيذية والبلديات، وترتيب قوى “الأمن الداخلي” و”مجلس دير الزور العسكري” خلال ستة أشهر.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة