أجرت قناة “العربية” السعودية سلسلة من المقابلات المصورة مع زوجة أول زعيم لتنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف بـ”أبو بكر البغدادي”، سردت سلسلة من المعلومات عن أبرز مراحل تطور شخصية “البغدادي”، وكواليس عمله وتحركاته خلال ذروة نشاط التنظيم في سوريا والعراق.
وفي المقابلة مع زوجة زعيم التنظيم الأولى، أسماء محمد، ونشرتها القناة السعودية في 16 من شباط الحالي، قالت فيها إن “البغدادي” كان حريصًا على أمنه الخاص، مشيرة إلى أن مخاوفه كانت كبيرة من الطيران المسيّر الأمريكي.
أسماء محمد قالت إن زوجها كان يلازم المنزل عند سماعه بوجود طائرة مسيّرة أمريكية في الأجواء، ولا يغادره حتى يحصل على معلومات تفيد بخلو الأجواء من الطيران.
وأضافت خلال إجابتها على أسئلة الصحفي، أن زوجها لم تبدُ عليه علامات المشاركة في أي عمل عسكري، كما لم يتعرض لأي محاولة استهداف أو اعتقال خلال توليه زعامة التنظيم.
وأشارت إلى أن زوجها لم يكن يرتدي حزامًا ناسفًا خلال وجوده في المنزل مع أولاده، لكنه كان يحمل مسدسًا باستمرار.
من العراق إلى الرقة
زوجة “البغدادي” أشارت خلال حديثها إلى أنها انتقلت مع عائلتها بعد عام 2012، إلى محافظة الرقة السورية، علمًا أنها كانت تقيم قبل ذلك في العراق، وكان زوجها زعيم التنظيم يقيم مع قادة آخرين في التنظيم بمعزل عن عائلته في المنطقة نفسها.
لم تكن أسماء محمد تعلم بخطة انتقال “البغدادي” وعائلته من العراق، لكن في عام 2012، أبلغت أن كامل العائلة ستنتقل إلى مكان آخر لم يكن تعلمه حينها.
ونقلت زوجة “البغدادي” مع أبنائها دون زوجها في سيارة باتجاه محافظة الموصل العراقية، ثم انتقلت إلى سيارة أخرى هناك، ومنها إلى منزل رجل (لم تذكر اسمه) كانت ترافقه زوجته.
ولمدة أيام، انتقلت عائلة “البغدادي” بين مدينة الموصل، وجنوب الموصل، ومنها نحو نقطة عسكرية لقوات “بيشمركة” في إقليم شمالي العراق، حيث دفع السائق مبلغًا من المال لضابط كردي هناك، الذي دلّ السائق بدوره على طريقة العبور من المنطقة.
أسماء محمد كانت تعتقد أنها ذاهبة مع المجموعة التي ترافقها إلى مدينة إربيل، لكنها وجدت نفسها شمال شرقي سوريا بعد ساعات، بحسب ما قالته خلال حديثها لقناة “العربية”.
وفي محافظة الرقة السورية، أقامت عائلة البغدادي لسنوات، وعندما خرج زعيم التنظيم لأول مرة في خطبته الشهيرة، كانت تقيم العائلة هناك، بحسب محمد، وقد اصطحب أولاه الذكور معه إلى خطبته الأولى.
وبعد سيطرة التنظيم على محافظة الموصل العراقية، عادت العائلة نحو الموصل لتقيم فيها مجددًا.
وكان أول ظهور للبغدادي عند الإعلان عن قيام “الدولة الإسلامية” عبر خطبته في مسجد “النوري” في الموصل عام 2014.
كان ينتظر “اعترافًا بدولته”
عام 2015، بعد توسّع رقعة سيطرة التنظيم في سوريا والعراق ظهر نوع من “الغرور” على قادته بحسب ما قالته زوجة زعيمه “أبو بكر البغدادي” لقناة “العربية” السعودية.
وأضافت أن زوجها كان يتحرك بحريّة، حتى أنه كان يقود سيارته بنفسه، في بعض الأحيان، ولم يكن يحتاج مرافقًا لقيادة السيارة.
أسماء محمد أشارت إلى أن التنظيم كان يفكر بآلية توسيع هذه “الدولة” التي بناها على مر السنوات، وكان يبني أحلامًا حول “فتح” مناطق جديدة، وحتى “دخول روما”.
وقالت إن قادة التنظيم كانوا يعتقدون أن المخاطر انتهت، وإن تنظيم “الدولة” تمكن من بناء دولته، وكل ما كانوا ينتظرونه حينها هو “اعتراف أممي” بهذه الدولة.
ومنذ عام 2017، تشكلت تحالفات عسكرية ضد تنظيم “الدولة” وبدأت عمليات السيطرة على المناطق التي تنتشر فيها مجموعاته في سوريا والعراق.
وفي شمالي سوريا انطلقت عمليات عسكرية لفصائل المعارضة السورية التي كانت توصف بـ”المعتدلة” آنذاك، في أرياف محافظة حلب الشمالية والشرقية بدعم تركي، تمكنت من السيطرة على مدينة أعزاز، واتجهت شرقًا.
وفي محافظات الحسكة والرقة أطلقت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) عمليات عسكرية دعمها التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة حتى اليوم مشكل من (86 دولة)، تمكن من السيطرة على مناطق واسعة أبرزها محافظة الرقة، ومناطق واسعة من محافظة دير الزور.
وفي الشرق السوري انطلقت عمليات متزامنة من قبل النظام السوري بدعم جوي روسي، وبري إيراني، انتهت بالسيطرة على ريفي حمص وحماة الشرقيين، ووصلت حتى نهر الفرات شرقي دير الزور.
تزامنت العمليات في سوريا مع أخرى أطلقتها الجيش العراق وقوات “الحشد الشعبي العراقي” بدعم من التحالف الدولي أيضًا، ونشاط من ميليشيات عراقية تدعمها طهران.
وفي عام 2019، انتهت سيطرة التنظيم الجغرافية الفعلية عندما سيطرة “قسد” على بلدة الباغوز الواقعة شرقي محافظة دير الزور على الشريط الحدود مع العراق، ولم يعثر حينها على “البغدادي” أو أي من أفراد عائلته.
ويعد “أبو بكر البغدادي” أول زعماء التنظيم، واستمرت فترة قيادته خمس سنوات وأربعة أشهر.
وقُتل “البغدادي” بعملية إنزال جوي نفذتها القوات الأمريكية في منطقة باريشا بريف إدلب الشمالي، في 27 من تشرين الأول 2019، أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص مدنيين (ثلاثة رجال وثلاث نساء وطفلة)، وابن البغدادي الذي فجر نفسه بحزام ناسف بحسب ما جاء على لسان أسماء محمد زوجة زعيم التنظيم.
التنظيم لا يزال قائمًا
رغم عدم وجود مناطق سيطرة فعلية للتنظيم في سوريا والعراق، تحدد مناطق عديدة في البلدان على أنها مناطق نفوذ لخلايا التنظيم، كما يملك مناطق سيطرة واسعة في دول أفريقية.
وبشكل دوري، ومع نهاية كل أسبوع، يصدر تنظيم “الدولة” إحصائية لعدد العمليات العسكرية والأمنية التي نفذتها خلاياه في مناطق انتشارها حول العالم، حتى اليوم.
وحتى اليوم تناول على زعامة التنظيم خمسة زعماء، قتل منهم أربعة، ولا يزال الخامس على رأس التنظيم حتى اليوم.
وبعد مقتل “البغدادي” لم تظهر أي صورة أو تسجيل مصور لزعماء التنظيم، إذ يعتبر قادته مجهولين، ولا يعرف منهم سوى ألقابهم.
اقرأ أيضًا: أربعة “خلفاء قتلى” لتنظيم “الدولة الإسلامية”.. تعرف إليهم
وفي سوريا، سجلت عمليات تنظيم “الدولة” أعلى وتيرة لها منذ أكثر من عام، بحسب ما أعلن عنه التنظيم تباعًا عبر معرفه الرسمي في “تلجرام” (غرفة إخبارية مغلقة تضم صحفيين)، وتوزعت هذه العمليات على الجزء الشمالي من سوريا، وأخرى في منطقة البادية بريف حمص الشرقي.
وأعلن التنظيم عن 32 عملية خلال الأسبوع الأول لبداية العام الحالي، تبعها 34 عملية خلال الأسبوع الذي تلاه، واستمرت هذه العمليات بشكل متواتر حتى اليوم، ووصلت إلى مناطق جديدة تضم مراكز المدن، في الحسكة، والقرقة، مدن أخرى شرقي حمص.
اقرأ أيضًا: عمليات تنظيم “الدولة” تتضاعف.. النظام عاجز و”قسد” تحاول