الاشتباكات بين “قسد” والنظام.. فائدة للطرفين دون تغيير على الأرض

  • 2024/02/18
  • 11:32 ص
عناصر في "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) خلال حملة أمنية شمال شرقي سوريا- 30 من كانون الثاني 2023 (SDF)

عناصر في "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) خلال حملة أمنية شمال شرقي سوريا- 30 من كانون الثاني 2023 (SDF)

عنب بلدي – يامن المغربي

شهدت الأيام الماضية تصعيدًا عسكريًا بين قوات النظام السوري و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، المسيطرة على مناطق شمال شرقي سوريا.

وأسفرت الاشتباكات التي جرت في ريف دير الزور الشرقي، الأسبوع الماضي، عن قتلى وجرحى، وجاءت مع اتهام “قسد” لقوات تتبع للنظام السوري بـ”محاولة التسلل باتجاه بلدات تقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات.

التصعيد الأخير يأتي بعد أشهر من الاشتباكات بين العشائر و”قسد”، التي ألقت الأخيرة اللوم فيها على النظام، واتهمته بدعمها، ورغم أنها تبدو خسارة للطرفين، فإن لدى كل منهما أسبابه لتحقيق أقصى استفادة ممكنة منها أيضًا.

وفي حين يتهم النظام السوري “قسد” بالسيطرة على النفط السوري والحصول على دعم أمريكي، تحمّل “قسد” النظام مسؤولية الهجمات التي تعرضت لها قواتها في المنطقة.

ما أسباب التوتر؟

منذ تشرين الثاني 2023، أنشأت “قسد” تحصينات عسكرية على خلفية اشتباكاتها مع العشائر، وفي الشهر نفسه، اشتبكت مع النظام السوري.

ولا يبدو أن للتصعيد اليوم أسبابًا مختلفة عن المعتاد، إذ لا تشهد الاشتباكات هجومًا كبيرًا من طرف دون آخر، ويبدو أنها تبقى ضمن خطوط مرسومة بين الطرفين.

قيادي في “قوى الامن الداخلي” (أسايش) التابعة لـ”الإدارة الذاتية” (مظلة “قسد” السياسية) في القطاع الجنوبي، قال في تصريحات سابقة لعنب بلدي، إن “قسد” تصدت لعدة هجمات من قبل مقاتلين قادمين من مناطق النظام السوري خلال الأيام الماضية.

وأضاف القيادي الذي تحفظ على اسمه لأسباب أمنية، أن الهجمات وقعت بالقرب من بلدات الشعفة، وأبو حمام، بريف دير الزور الشرقي، إضافة إلى هجوم ثالث في بلدة الهرموشية، تزامنًا مع قصف بقذائف هاون من قبل “قسد” استهدفت مواقع تتحصن فيها قوات النظام السوري.

ويرى الباحث في الشؤون العسكرية بمركز “جسور” رشيد حوراني، أن التصعيد يعود لرغبة النظام بالضغط على “قسد” المستهدفة عبر الضربات الجوية التركية، وينفذ النظام تصعيده ضدها على أمل إجبارها على تقديم تنازلات لمصلحته.

وقال حوراني في حديث لعنب بلدي، إن النظام السوري يحاول استثمار الضغط على “قسد” بعد المعارك التي خاضتها العشائر العربية ضدها، ولا تزال مستمرة في بعض المناطق في دير الزور.

ورغم التصعيد بين الطرفين، فإنه لا يزال ضمن قواعد محددة، وهو ما يعني أن الأهداف ترتبط بالحصول على مكاسب سياسية أكثر مما هي مكاسب عسكرية أو السيطرة على مناطق جغرافية.

ووفق حوراني، فإن الطرفين يدوران في حلقة مفرغة، فلا النظام السوري قادر على إضعاف “قسد” بالمرحلة الحالية في ظل الدعم الأمريكي، ولا الأخيرة قادرة على مواجهة النظام والميليشيات الإيرانية، وغاية التصعيد هو توجيه رسائل لمختلف الأطراف.

وتتمركز قوات للنظام السوري إلى جانب “قسد” في عشرات المواقع العسكرية شمال شرقي سوريا.

على الرغم من حالة التوتر الأمني التي تعيشها ضفتا نهر “الفرات” بمحافظة دير الزور بين “قسد” وقوات النظام السوري، تجلت بقصف وهجمات ومواجهات مسلحة، يتمركز الطرفان في نقاط عسكرية مشتركة بمحافظات أخرى كالحسكة ومناطق من أرياف حلب.

وتعتبر مدينة تل رفعت شمالي حلب مثالًا على تداخل القوات العسكرية، إذ تتشارك قوات النظام و”قسد” الحواجز العسكرية والنقاط المنتشرة على خطوط التماس مع “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا.

وتنتشر قوات النظام أيضًا على الحدود السورية- التركية بمحافظة الحسكة، وأخرى في مدينة عين العرب شرقي محافظة حلب.

وشهدت عدة مناطق تسيطر عليها “قسد” توترات أمنية كبيرة خلال شباط الحالي، وإلى جانب الاشتباكات مع النظام، أسفر هجوم، في 10 من الشهر نفسه، بقذائف “RPG” وأسلحة متوسطة على إحدى نقاط “قسد” العسكرية في ذيبان عن مقتل عنصرين من “قسد”.

واستهدف الهجوم نقاطًا ومقار لـ”قوات سوريا الديمقراطية“ (قسد) في بلدة ذيبان، كما استهدف بقذائف “RPG” مقرًا لـ “قسد” في جبل البصيرة دون تسجيل ضحايا أو خسائر.

وفي اليوم نفسه، تجولت سيارات تابعة لـ”قسد” في شوارع مدينة البصيرة، ونادى العناصر عبر مكبرات الصوت عن حظر تجول في المدينة، بعد استهداف مواقعها العسكرية من قبل مجهولين.

كيف يستفيد الطرفان من التصعيد؟

منذ أيلول 2023، يتكرر القصف المتبادل بين قوات النظام السوري وميليشيات موالية لإيران تتمركز غرب نهر الفرات من جهة، و”قسد” التي تسيطر على شرق النهر بمحافظة دير الزور شرقي سوريا من جهة أخرى.

وفي 29 من تشرين الأول 2023، قالت “قسد” إن مجموعات من النظام السوري والأجهزة الأمنية التابعة له شنت هجومًا بالمدفعية الثقيلة والهاون وأسلحة “الدوشكا” على قرى وبلدات أبو حردوب، وذيبان، وأبو حمام، مخلفة قتلى بينهم مدنيون.

ردت “قسد” على الهجوم نفسه بقصف صاروخي طال مدينة الميادين التي تسيطر عليها ميليشيات موالية لإيران، وتعتبر مركزًا رئيسًا لها منذ سنوات، مخلّفًا قتلى وجرحى.

وقالت وكالة “سبوتنيك” الروسية حينها، إن مدنيًا قتل وأصيب نحو 40 آخرين معظمهم من الأطفال والنساء، جراء قصف صاروخي “انتقامي” نفذته “قسد” على مدينة الميادين، ردًا على نجاح أبناء العشائر العربية بـ”تحرير” إحدى البلدات المتاخمة لقاعدة أمريكية في ريف دير الزور الشرقي.

ويحظى كل من الطرفين، النظام و”قسد”، بدعم خارجي، وفي حين تحصل الأخيرة على دعم أمريكي، توجد ميليشيات إيرانية في المنطقة تدعم حكومة دمشق.

وتؤدي هذه الاشتباكات المحدودة وربما المدروسة إلى فوائد سياسية لكلا الطرفين، خاصة في ظل شكل هذه الاشتباكات ومدى اتساعها الجغرافي.

المحلل العسكري العقيد أحمد حمادة، أشار في حديث لعنب بلدي إلى أنه لا يرى “تصعيدًا حقيقيًا” بين النظام و”قسد”، وإنما تأتي هذه الاشتباكات ضمن رغبة إيرانية روسية بالسيطرة على شرق الفرات ضمن مناطق سيطرة “قسد” والتحالف الدولي.

وأضاف أن هناك نقاط توتر على خطوط التماس في محافظتي الحسكة وحلب والمناطق المتداخلة بينهما، بينما هناك في مناطق منبج وتل رفعت والقامشلي تفاهمات تحكم العلاقة بين هذه الأطراف.

وأضاف أن المفاوضات والوساطة الروسية تصطدم برغبة “قسد” بحصد مكاسب قانونية في إدارة شرق الفرات والنظام يرفض ذلك، بحسب رأيه.

من جهته يرى حوراني أن النظام وحلفاءه يحاولون الضغط على أمريكا باعتبار أن “قسد” تشكل الشريك المحلي لواشنطن في المنطقة، ويسعون لتهديد الوجود الأمريكي وإجباره على الانسحاب من سوريا.

وتتزامن هذه التوترات مع استهداف للقواعد الأمريكية في المنطقة، إذ لازمت الصواريخ والطائرات المسيرة التي يطلقها وكلاء إيران من سوريا والعراق القواعد الأمريكية في البلدين، وصارت استهدافات شبه يومية، منذ منتصف تشرين الأول 2023.

النظام السوري وقسد“.. أعداء في الشرق حلفاء شمالًاعنب بلدي (enabbaladi.net)

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا