هل سيصل أهل السنة للسلطة؟

  • 2024/02/18
  • 1:36 م
خطيب بدلة

خطيب بدلة

خطيب بدلة

لا يستطيع أحد، مهما كان خبيرًا في الكذب، والدجل، والمزاودة، أن يتهمني بالعداء لأهل السنة. لماذا؟ لأنني، ببساطة، سني المولد، وأهلي سنة، وقسم من أصدقائي، وسكان منطقتي، سنة، أعيش بينهم منذ 70 سنة، مثل السمن على العسل.

ولكنني أستطيع الزعم، وأنا مرتاح الضمير، أن قسمًا كبيرًا منهم أساؤوا لأنفسهم، ولأهلهم، أكثر مما أساء إليهم العالم كله، وذلك عندما ركضوا، مستخدمين عاطفتهم دون عقلهم، وراء أصحاب مشاريع “الإسلام السياسي”، كجماعة “الإخوان المسلمين”، والجماعات السلفية الجهادية الوهابية، وصدقوا أكذوبة الأكثرية العددية المذهبية، وأحقيتها بتسلم السلطة في سوريا، وشكلوا لتلك الجماعات، خلال الـ13 سنة الماضية، حاضنة شعبية صلبة، ودفعوا، مقابل ذلك، أثمانًا باهظة من أرواحهم، وأموالهم، وممتلكاتهم، وأوطانهم، وهكذا، حتى غدا الهرب بواسطة البلم المطاطي، والوصول إلى البلاد العلمانية الديمقراطية، حلمًا بعيد المنال للغالبية العظمى منهم.

طرحت، في هذه الشأن، أسئلة كثيرة، جاء أحدها على لسان رجل مسيحي، كتب لي، حرفيًا: يا أخي، لماذا أنت تحمل السلم بالعرض وتمشي في الزواريب الضيقة؟ أليس من حق أهل السنة أن يحكموا سوريا بعد كل هذه التضحيات؟ أجبته بأن سؤالك هذا ساذج، ومحمل بالمغالطات، فنحن، أولًا، لا يجوز أن نترك مبدأ المواطنة جانبًا، ونلجأ إلى الحسابات الدينية والمذهبية، وثانيًا، إذا وافقنا على كلامك، يصبح من حق جميع السوريين أن يعرفوا، مسبقًا، شكل الحكم الذي ينوي هؤلاء “السنة” إقامته عندما يصلون إلى السلطة. ولتوضيح فكرتي سأضرب لك بعض الأمثلة، لو أنني قلت لك، قبل سنة 2011، إن جماعات الإسلام السياسي، حينما تصل إلى السلطة، في أي مكان من سوريا، ستقيم إمارة إسلامية، ستقول لي: هذا كلام خاطئ، لأن شعبنا معتدل بطبعه، لا يعرف التشدد، وأنا لا أستطيع، وقتئذ، الإصرار على رأيي، لأنه مجرد توقع، أو تخمين، ولكن، بعد 2011، أقامت هذه الجماعات إمارات إسلامية في كل مكان استولت عليه، في الموصل، وفي الرقة، وفي إدلب، بل وفي كل قرية سيطرت عليها، يعني الموضوع انتقل من مضمار التوقعات، إلى حيز التطبيق المتواتر على أرض الواقع.

الاعتراض الثاني مشتق من الأول، وهو: جماعات الإسلام السياسي أقامت إمارات إسلامية في مناطق صغيرة، ولكن من المستبعد أن تلجأ إلى ذلك فيما “لو” وصلت للحكم في سوريا.

الجواب، أولًا، أن العلة كلها تكمن في هذه الـ”لو”، فالشعب السوري، بمكوناته الأخرى كلها، لا يمانع في أن يصل رجل سني إلى أعلى المناصب في سوريا، شريطة أن يلتزم بمبدأ المواطنة، وبالشكل الذي يتفق عليه مجمل الشعب السوري، وهناك مشكلة أكبر من هذه، هي أن الدول التي تقودها أمريكا، لن تسمح بإقامة دولة إسلامية في هذه المنطقة، وإن كنتم قد نسيتم ما حصل بعد إقامة “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، فأنا أذكركم.

الحل الأفضل، بالنسبة لسوريا، برأيي المتواضع، وبكل وضوح، إقامة دولة علمانية ديمقراطية، تقوم على مبادئ حقوق الإنسان، والمواطنة، ويبقى دين كل سوري، أو مذهبه، محترمًا، مصونًا.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي