إدلب – أنس الخولي
يشتكي تجار السيارات في إدلب شمال غربي سوريا من خسائر مالية، جراء ارتفاع تكاليف الشحن والضرائب التي تفرض على استيرادها، خلال رحلتها من دول المنشأ إلى إدلب، إضافة إلى مضاربات وإغراق الأسواق المحلية بالسيارات.
محمد يوسف الخال، صاحب شركة “الحوت” لتجارة السيارات، قال لعنب بلدي، إن سوق السيارات في إدلب بات سيئًا جدًا خلال الأسابيع الماضية، وانخفضت المبيعات بنسبة 75%، ويضطر التاجر لبيع السيارات بخسارة أحيانًا حتى يصرّف البضاعة التي لديه.
وأرجع التاجر أسباب تراجع حركة الأسواق لإغلاق طرقات التجارة إلى المناطق الشرقية التي كان التجار يعتمدون عليها لتصريف بضاعتهم، واستيراد بعض التجار بإدلب كميات تفيض عن حاجة السوق، ما أدى إلى عدم توازن العرض والطلب، وتغير أساليب الشحن وحاجة السيارات المستوردة للصيانة بعد وصولها.
وتأتي السيارات من كوريا ثم إلى لواء إسكندريون في تركيا ثم إلى معبر “باب الهوى” في إدلب، وتُعرض للبيع في مزاد علني بالمنطقة الحرة في سرمدا، وتباع السيارة حسب أفضل سعر ضمن المزاد.
أضاف التاجر محمد أن كثرة العرض في المزاد العلني خفض أسعار السيارات بنسبة تتراوح بين 25 و30%، ما يعني خسارة التاجر بالسيارة الواحدة ما يقارب 50 دولارًا أمريكيًا (كل دولار يعادل 30.5 ليرة تركية)، مشيرًا إلى اعتماد التجار على مرابح بعض السيارات الحديثة لتغطية الخسائر.
سيارات حديثة بشروط
تسمح تركيا لتجار السيارات في إدلب باستيراد السيارات الأوروبية المستعملة، والعبور عبر أراضيها حتى تاريخ إصدار سابق عشر سنوات فقط، أما السيارات المنتجة بعد هذا التاريخ فتحتاج إلى إذن خاص لدخولها عبر الأراضي التركية إلى إدلب.
مصطفى أحمد القد، أحد سكان سرمدا ويعمل في مجال التخليص الجمركي للسيارات، قال لعنب بلدي، إن تركيا تسمح للتجار بإدخال السيارات الأوروبية المستعملة حتى موديل 2013، أما السيارات الأحدث فتحتاج إلى إذن دخول خاص تصل تكلفته إلى 2000 دولار أمريكي.
من جانبه، قال التاجر محمد سليم، صاحب شركة “ترانس” لتجارة السيارات، إنه يشتري السيارات من كوريا بسعر يتراوح بين ألف وألفي دولار أمريكي تقريبًا، وذلك بالنسبة للسيارات من موديلات عام 2005 حتى 2008.
بعد شراء السيارات في كوريا يشحن التاجر السيارات إلى تركيا باسم إحدى الشركات التركية، ويبلغ الشركة التركية بالسيارات التي شحنها على اسمها، وتقوم بدورها بتسلم السيارات كما هو موضح في بوليصة الشحن، ثم تشحنها إلى سوريا.
وبحسب التاجر محمد سليم، فإن تكلفة شحن السيارة الواحدة من كوريا إلى تركيا تبلغ 1300 دولار أمريكي، ويضاف إليها 550 دولارًا كرسوم جمركية في تركيا، و550 دولارًا تكاليف شحن من تركيا إلى إدلب، و235 دولارًا كرسوم جمركية في معبر “باب الهوى”، و60 دولارًا لوضع اللوحات، وكل هذه المبالغ تضاف إلى سعر السيارة الأصلي قبل بيعها حتى لا يتكبد التاجر أي خسائر.
أضرار من أسلوب الشحن
تشحن السيارات الأوروبية المستوردة عبر النقل البحري من كوريا إلى تركيا، وكانت شركات الشحن تنقل السيارات عبر ناقلات مخصصة، إذ تركن السيارات إلى جانب بعضها في الناقلة البحرية، أما اليوم فيتم تفكيك السيارات في كوريا ثم توضع في حاويات الشحن البحري، وتشحن إلى تركيا ليعاد تركيبها، ما يؤدي إلى أضرار تلحق بالسيارات خلال عملية النقل.
محمد يوسف الخال، صاحب شركة “الحوت” قال، إن التجار سابقًا كانوا يستوردون السيارات بناقلة بحرية مخصصة تعرف بـ”الرورو” تتسع لـ2000 سيارة، لكن شركات النقل قررت عدم استخدام “الرورو” وشحن السيارات بالحاويات.
وأضاف محمد أن التجار اليوم يضطرون لتفكيك السيارات، وحشر كل أربع منها في حاوية نقل لتخفيف أعباء الشحن، ما يؤدي إلى أضرار بالغة تصيب السيارات، خصوصًا الزجاج الخلفي والأمامي للسيارة، والذي يتكسر غالبًا.
بينما يشحن التجار السيارات ذات الأسعار المرتفعة على أن تكون كل سيارتين في حاوية للمحافظة عليها، وفق التاجر.
بسام حاكورة، يعمل في صيانة السيارات (صوّاج)، قال لعنب بلدي، إنه يتعاقد مع تجار السيارات لإصلاحها فور وصولها قبل عرضها في الأسواق، لافتًا إلى أن السيارات كانت سابقًا تصل من الميناء بحالة جيدة وقد تلحق بها أضرار بسيطة.
بينما اليوم، تخرج السيارات من حاويات النقل بحالة سيئة، خصوصًا مقدمة السيارة والجانب الخلفي (الطبّون)، وتحتاج إلى صيانة تستغرق ثلاثة أيام إلى أسبوع حسب الأضرار، وإلى تغيير الزجاج بسبب تكسره من الصدمات التي يتعرض لها في أثناء عملية النقل، وفق عامل الصيانة.
رحلة طويلة
انعكس التوتر الحاصل في البحر الأحمر (استهداف سفن بريطانية وأمريكية من قبل الحوثيين) على معظم شركات النقل البحري، وأجبرها على تغيير خط النقل من البحر الأحمر إلى الدوران حول القارة الإفريقية، ما أدى إلى زيادة تكاليف الشحن على التجار، وطول فترة وصول البضاعة إلى الأسواق.
أسامة رسلان، من شركة “الراشد والرسلان” لتجارة السيارات في سرمدا، قال لعنب بلدي، إن رحلة النقل قبل 40 يومًا كانت تستغرق شهرًا كاملًا، أما اليوم فمن المتوقع أن تستغرق الرحلة ثلاثة أشهر، لافتًا إلى أن بضاعته التي يشحنها لم تصل منذ شهر ونصف.
وأضاف أسامة أن تغيّر طرق النقل البحري وطول مسافة الرحلة انعكسا بشكل سلبي على أسعار السيارات، إذ ارتفع سعرها بمقدار 400 إلى 800 دولار أمريكي، بسبب تضاعف تكاليف الشحن، مشيرًا إلى أن تكلفة شحن الحاوية ارتفع من 3000 إلى 6000 دولار.
وتوقف معظم التجار عن الاستيراد في الفترة الحالية، بسبب ارتفاع تكاليف الشحن وطول الرحلة البحرية، والخسائر التي تصيب التجار بسبب كثرة العرض وقلة الطلب، ما دفعهم إلى الاعتماد على بضاعتهم الحالية والتأني في بيعها لحين استقرار الأوضاع.
وتنتشر السيارات الحديثة بمختلف أنواعها في مناطق شمال غربي سوريا، وتلقى إقبالًا من سكان المنطقة بسبب أسعارها المنافسة مقارنة بمناطق السيطرة الأخرى.
ويتراوح سعر السيارة وسطيًا من طراز “توسان 2008” بين 3200 و3600 دولار أمريكي، وطراز “سنتافيه 2005” سعرها من 2900 إلى 3400 دولار أمريكي.