اللاذقية – ليندا علي
شكّل ارتفاع سعر باقات الإنترنت في مناطق سيطرة النظام السوري أعباء جديدة على عديد من الطلاب والعاملين عن بُعد، الذين يحتاجون إلى الإنترنت لإتمام أعمالهم على مدار الساعة.
وصفت روعة (25 عامًا) رفع سعر الباقات بـ”المصيبة”، إذ تعمل سكرتيرة عن بُعد مع إحدى الشركات العربية، ويتطلب منها الأمر اجتماعات مستمرة عبر تطبيق “زوم”، إضافة إلى وجود يومي على الشبكة بمعدل ثماني ساعات على الأقل.
قبل قرار الرفع الأخير، كانت الشابة التي تعيش في مدينة جبلة بريف اللاذقية تدفع 120 ألف ليرة سورية شهريًا، ثمن باقة 120 جيجا، إلا أن الباقة ألغيت وفق القرار الجديد، وأصبحت عبارة عن 110 جيغا بسعر 270 ألف ليرة.
مثل غالبية العاملين من مناطق سيطرة النظام لمصلحة مؤسسات خارج البلاد، لا تحصل الشابة على أجر كبير، إذ لا يتجاوز معاشها الشهري 250 دولارًا أمريكيًا، في وقت لا يهتم فيه أصحاب العمل لارتفاع سعر الباقات، فالراتب محدد مسبقًا، ومن الصعب المطالبة بزيادة بسبب ارتفاع أجور الإنترنت.
هاشم (32 عامًا)، يعمل محرر مقاطع مصورة (مونتير) مع إحدى القنوات على تطبيق “يوتيوب” التي تبث من خارج سوريا، ما يتطلب وجود إنترنت سريع، إذ لا يلبيه الإنترنت الخاص بالهاتف الثابت، لذا يلجأ إلى شركات الاتصالات الخلوية في سوريا، لكون السرعة فيها أعلى.
وقال الشاب لعنب بلدي، إنه حتى صيف العام الماضي، كان يستطيع إتمام عمله بسهولة عبر الإنترنت المنزلي، لكن الآن ورغم اشتراكه بسرعة 5 جيجا ومضاعفتها منذ ذلك الوقت، لم يختلف عليه الأمر، واستمر الوضع السيئ للإنترنت.
يحتاج هاشم إلى 300 ألف ليرة سورية شهريًا على الأقل لمتابعة عمله، الذي يقتضي استقبال المقاطع المصورة وتطبيق المونتاج ثم إرسالها مجددًا إلى القناة.
ومطلع شباط الحالي، أعلنت شركات الاتصالات الخلوية في سوريا عن أسعار جديدة للباقات التي تتضمن مكالمات وإنترنت، إضافة إلى باقات خاصة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي تشمل تطبيقات معينة كـ”واتساب” أو “فيس بوك” فقط.
جهينة (43 عامًا)، موظفة بنظام العمل عن بُعد، قالت لعنب بلدي، إنها كانت تشجع طفلها على حضور القنوات التعليمية والوثائقية أو حتى أفلام الكرتون عبر “يوتيوب”، لغياب الكهرباء ونسيان التلفاز بشكل نهائي.
رفع أسعار الباقات دفع جهينة لمنع طفلها من متابعة هذه المقاطع، إذ تضاعف سعر باقة الإنترنت التي كانت تشتريها لهذا الغرض من 90 ألفًا إلى 175 ألف ليرة سورية.
في الريف.. دفع دون شبكة
المشكلة الكبرى لدى سكان الأرياف والضواحي، الذين لا يستطيعون الاستغناء عن الإنترنت اللازم لأعمالهم، تكمن في سوء شبكة الإنترنت، خاصة عند انقطاع الكهرباء، التي تشهد ساعة وصل مقابل كل 5 ساعات قطع.
من جانبه، فعّل علي (34 عامًا) باقة 50 جيجا بسعر 82 ألف ليرة سورية، وهو يعمل إضافة إلى وظيفته الحكومية مترجمًا وكاتب محتوى مع عدة مدونات تعليمية، ولا يعلم علي، حسب قوله لعنب بلدي، ما إن كانت الباقة ستكفيه لشهر، إذ يتطلب منه عمله البحث في مواقع عديدة لإعداد مادة ما.
وأضاف أنه يتخوف من زيادة استخدامه للإنترنت، ما سيضطره لتفعيل باقة أخرى، فقد يتطلب العمل أن يبحث في عشرات المراجع ليجد المعلومة التي يريدها، وكلما طال البحث ازداد استهلاكه للإنترنت.
لا يتجاوز مجموع ما يحصل عليه الشاب في نهاية الشهر مليوني ليرة سورية، تذهب منها 150 ألف ليرة على الأقل للإنترنت.
يقيم علي في ضاحية بسنادا بريف مدينة اللاذقية، موضحًا أن أكثر ما يثير غضبه دفعه المال ثمنًا لخدمة غير متاحة فترة المساء، إذ يضطر إلى الاستيقاظ فجرًا مع فترة وصل الكهرباء ليتمكن من العمل، لأن الإنترنت يغيب تمامًا بعد الساعة الثامنة مساء، ولا يأتي إلا مع الكهرباء.
وقبل رفع الأسعار الأخير في شباط الحالي، رفعت “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” أسعار خدمات الاتصالات الخلوية والثابتة مرتين في 2023، تحت مبرر “ضمان استمرار الخدمات”.
وتظهر الأرقام المالية للشركتين الخلويتين في سوريا “سيريتل” و”MTN” أن الزيادات تأتي في محاولة للحفاظ على نسبة الأرباح، بينما نطاق وجودة الخدمات دون تغيير ملحوظ.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي، بلغت إيرادات شركة “سيريتل” نحو تريليون ليرة سورية عن التسعة أشهر الأولى من عام 2023، بالمقارنة مع 456.6 مليار عن نفس الفترة من عام 2022 بنسبة نمو 122%، في حين بلغت إيرادات شركة “MTN” نحو 532 مليار ليرة سورية بالمقارنة مع 264.4 مليار ليرة لعام 2022، بنسبة نمو 101%.