بايدن يتعهد باستمرارها.. هل تتطور الهجمات الأمريكية في سوريا والعراق

  • 2024/02/13
  • 10:40 ص
طيارون من القوات الجوية الأمريكية يشاركون في تمرين الإصلاح السريع لأضرار المطارات في مكان غير معلوم داخل منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية- 11 من شباط 2024 (سينتكوم)

طيارون من القوات الجوية الأمريكية يشاركون في تمرين الإصلاح السريع لأضرار المطارات في مكان غير معلوم داخل منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية- 11 من شباط 2024 (سينتكوم)

نفذت الولايات المتحدة قبل أكثر من أسبوع غارات جوية واسعة النطاق في سوريا والعراق ردًا على مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في الأردن، على الشريط الحدودي المحاذي لسوريا، وبالتحديد في نقطة عسكرية تعرف باسم “البرج 22” جرح فيها أيضًا أكثر من 40 جنديًا أمريكيًا آخر بهجوم نفذته طائرة مسيرة باتجاه واحد (انتحارية)، تبنته فصائل شيعية مدعومة من إيران في العراق.

الرد الأمريكي جاء بعد تهديدات أطلقها مسؤولون من واشنطن على مدار أيام، لكن الهدف الذي حققته بقي محط تساؤل، خصوصًا أن الفصائل المدعومة من إيران استمرت بنهجها في استهداف القواعد الأمريكية بالمنطقة، ما أظهر غارات واشنطن على أنها لم تحقق الهدف المرجو منها.

الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قال خلال مؤتمر صحفي جمعه بالملك الأردني عبد الله الثاني، الاثنين 12 من شباط، إن القوات العسكرية الأمريكية ضربت أهدافًا في العراق وسوريا، ردًا على مقتل جنود أمريكيين، معلنًا عن أن الرد لم ينتهِ، وستستمر الضربات.

وفي 28 من كانون الثاني الماضي، استهدفت أمريكا عبر سلسلة من الضربات 85 موقعًا في سوريا والعراق، ردًا على مقتل جنود لها بقصف اتُهمت إيران بالضلوع فيه.

لن تذهب أبعد من ذلك

مدير الاتصالات السابق في القيادة المركزية الأمريكية (سينتكوم) العقيد جو بوتشينو، كتب في موقع “Real Clear Defence” الأمريكي، المتخصص بالشؤون العسكرية، أن الرد الأمريكي على مقتل الجهود بين سوريا والأردن “لن يذهب أبعد من ذلك”.

وانتقد بوتشينو تعاطي بلاده مع مقتل جنودها، معتبرًا أن الرد لم يكن كافٍ، ولم يستهدف أي شخص إيراني، أو مصالح إيرانية في المنطقة، أو أي سفن إيرانية في البحر الأحمر.

ونظرًا للشروط التي لم تحققها الغارات، بحسب بوتشينو، فإن هذه الضربات ستفشل في نهاية المطاف في إعادة ترسيخ الردع والمصداقية الأمريكية في الشرق الأوسط.

وبالنسبة للعقيد الأمريكي، فإن الرد على الهجوم في الأردن كان من المفترض أن يكون مختلفًا، مشيرًا إلى أنه جاء كرد فعل تكتيكي على حادثة معينة، ولم يكن ضمن استراتيجية شاملة لمواجهة ما وصفه بـ”نفوذ إيران الخبيث في المنطقة”.

العقيد جو بوتشينو اعتبر أن التركيز على الجماعات الوكيلة لإيران في العراق وسوريا لا يعالج “القلب المظلم للفوضى والعنف”، إذ سيعيد “الحرس الثوري الإيراني” تجهيز صفوف هذه المجموعات في غضون أسابيع، وستستمر حلقة ردود الفعل من الهجمات على القوات الأمريكية التي تليها ردود أمريكية “جوفاء”.

وأوصى بوتشينو في حال كانت واشنطن تحتاج لاستعادة قوة الردع، بأن تضرب أهدافًا تهتم بها إيران، مثل “قادة الحرس الثوري الإيراني”، أو القواعد العسكرية الإيرانية، أو سفن التجسس الإيرانية التي تتسكع في البحر الأحمر لأكثر من عقد من الزمان.

على أمريكا أن تغادر

اليوم، الثلاثاء 13 من شباط، نشرت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية مقالًا كتبه أندرياث كلوث، المتخصص في شؤون الدبلوماسية الأمريكية والأمن القومي والجغرافيا السياسية، جاء فيه أنه بمجرد تسوية الأزمة في غزة، يتعين على أمريكا أن تنسحب من المنطقة، حتى تتمكن من الحفاظ على قدرتها في أوروبا وآسيا.

كلوث يرى أن ما يجعل الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط ذا أهمية خاصة هو أنه يمثل نقاشًا أكبر حول دور أمريكا في العالم، ويطرح سؤالًا فيما إذا كان على الولايات المتحدة أن تظل قوة مهيمنة، تستخدم زعامتها للحفاظ على قدر ضئيل من النظام العالمي، أم ينبغي لها أن تخفض نفقاتها حتى تتمكن من التعامل مع مشكلاتها الخاصة، فتترك عالمًا متعدد الأقطاب وفوضويًا على نحو متزايد لسياسات القوة غير المقيدة.

الباحث الزميل في مركز “أولويات الدفاع” الأمريكي دانيال ديبيتريس، نشر في كانون الأول 2023، دراسة خلص فيها إلى أن الانسحاب الأمريكي من كامل الشرق الأوسط هو الخيار الصحيح لعدة عوامل أبرزها أن القوات الأمريكية في سوريا والعراق معرضة لخطر كبير طالما ظلت منتشرة هناك.

ويعتقد ديبيتريس أن تنظيم “الدولة الإسلامية” لم يعد منظمة متماسكة تهدد الولايات المتحدة، وهو السبب الظاهري للانتشار الأمريكي في سوريا والعراق، لكن لا تبرر بقايا التنظيم وجود قوات أمريكية دائمة في سوريا والعراق.

وتستهدف التهديدات غير المرتبطة بالتنظيم، مثل الميليشيات الشيعية، المواقع الأمريكية، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى انتقام عسكري أمريكي فشل في ردع الهجمات، وهو ما يوضح أن تكاليف نشر القوات الأميركية إلى أجل غير مسمى في سوريا والعراق تفوق الفوائد.

طموح إيراني

مع ارتفاع وتيرة الاستهدافات للقواعد الأمريكية في المنطقة، خرج السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، بات رايدر، متهمًا وكلاء إيران باستغلال “الحرب” الدائرة في غزة لدفع أمريكا نحو الانسحاب من سوريا والعراق.

وأضاف في مؤتمر صحفي مسجل نشره “البنتاجون”، في 27 من تشرين الثاني 2023، أن وكلاء إيرانيين يحاولون الاستفادة من الحرب في غزة لتحقيق أهدافهم الخاصة.

وفي حالة العراق وسوريا، تطمح هذه الجماعات منذ فترة طويلة لرؤية القوات الأمريكية تغادر، بحسب رايدر، مشيرًا إلى أن وجود قوات بلاده في العراق جاء بدعوة من الحكومة العراقية، ويركز فقط على هزيمة تنظيم “الدولة”، دون الإشارة إلى مبررات انتشارها في سوريا.

رايدر اعتبر أن الحرب الدائرة في فلسطين تم احتواؤها، لكن وكلاء إيران مستمرون بمحاولات استغلال الموقف.

الباحث في الشأن السوري بمركز “Century International” آرون لوند، قال في حديث سابق لعنب بلدي، إنه من المؤكد أن كلا الجانبين يريد خروج الآخر من سوريا، ولكن بعد عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها “حركة المقاومة الإسلامية” (حماس) ضد إسرائيل، ظهرت قضايا أخرى على المحك.

وأضاف أن إيران وحلفاءها، بمن فيهم النظام السوري والميليشيات الشيعية العراقية المدعومة من طهران، يحاولون الضغط على الولايات المتحدة لإجبارها على كبح جماح إسرائيل في غزة، إذ لا يتعلق التصعيد الحالي في المقام الأول بطرد الولايات المتحدة من سوريا، على الرغم من أن ذلك قد يكون النتيجة من الناحية النظرية.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا