الزراعات البينية في إدلب.. مردود إضافي يحتاج الخبرة

دفع ارتفاع تكاليف العناية بأشجار الزيتون وضعف المردود المادي المزارع حسان بهلول، المقيم في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، لاستغلال الأراضي الخالية بين أشجار الزيتون وزراعة محصول الجلبان فيها، إلا أن ذلك كبده خسائر مالية كبيرة نتيجة عدم معرفته الكاملة بأضرار الزراعة البينية.

زراعة محاصيل بين الأشجار أسلوب زراعي لم يعتده المزارعون في شمال غربي سوريا، لكن انخفاض إنتاجية محاصيل الزيتون وارتفاع تكاليف العناية بها شجعت المزارعين على تغيير المفاهيم الزراعية السائدة عن أضرار هذه الزراعات.

محاولات كسب المساحات الزراعية بين الأشجار دون خبرة أو دراية، والعودة لطلب الاستشارات من ذوي الاختصاص كالمهندسين الزراعيين عادت بالخسائر على الفلاحين ورسخت نمط الزراعة الأحادية.

المزارع حسان بهلول (51 عامًا) يملك أرضًا قرب مدينة إدلب مزروعة بأشجار الزيتون مساحتها عشرة دونمات، جرب زراعة محصول الجلبان بين أشجار الزيتون ما أدى إلى أضرار كبيرة في أشجار الزيتون وتراجع الإنتاج بنسبة 60%، وفق حديثه لعنب بلدي.

وأضاف المزارع، أنه على دراية بمخاطر زراعة محاصيل أخرى بين الأشجار ولكن ارتفاع تكاليف العناية بأشجار الزيتون وضعف المردود المادي دفعنه لتجربة زراعة الجلبان بين أشجار الزيتون، وكانت النتائج “كارثية”، إذ تراجع الإنتاج لثلاثة مواسم متتالية لحين زوال الأضرار التي خلفتها زراعة الجلبان بين الأشجار.

ما الزراعة البينية

الزراعة البينية هي طريقة زراعية تتم من خلال زراعة محصولين مختلفين في وقت واحد على مسافة قريبة جدًا، بهدف الاستفادة من المساحات الزراعية والاستفادة من التنوع البيولوجي في القضاء على الآفات الزراعية والتآزر بين المحصولين.

يجب أن تتم الزراعة البينية بحكمة ودراية من ناحية معرفة خصائص النباتات والآفات الزراعية حتى لا تؤدي الخصائص البيولوجية لأحد النباتات بالإضرار بالنبات الآخر.

المهندس الزراعي ياسر الجرك، قال لعنب بلدي، إن الزراعة البينية أو ما يعرف بالزراعة التحميلية من شأنها زيادة الأراضي القابلة للزراعة وتحقيق الاكتفاء الذاتي في المنطقة وتحسين المردود المادي للفلاح.

ويرى المهندس أن العائق الرئيسي أمام نجاح الزراعة البينية يكمن في ضعف الثقة والتواصل بين المهندس الزراعي الذي يبحث المسألة بشكل علمي ومدروس وبين الفلاح الذي يحاول الاعتماد على نفسه ما يعود بالضرر على المزارع في حال اختيار محاصيل زراعية غير متناسبة.

قلة المياه عائق

المدير العام للزراعة في إدلب، المهندس تمام الحمود، قال لعنب بلدي، إن الزراعة البينية تنتشر بشكل رئيسي في منطقة حارم حيث يتم زراعة بعض الخضار كالكوسا والخيار والباذنجان بين أشجار الزيتون لزيادة الدخل والمردود الاقتصادي، وخاصة زراعة الخضار بشكل مبكر كالكوسا والخيار، وذلك محاولة لاستغلال دفء المنطقة ما يؤدي إلى إنتاج مبكر عن بقية المناطق.

والمحاصيل الزراعية المبكرة من الزراعات البينية تغطي النقص في الأسواق وتخفف من الاستيراد ما يؤدي لخفض الأسعار وتعود بالنفع على المواطن وتحقق مردودًا جيدًا للمزارع، وفق الحمود.

ولفت الحمود إلى عدم وجود إمكانية لزراعة الخضار كزراعة بينية في الأراضي البعلية لأن معظم الخضار صيفية وتحتاج للري المنتظم أما المحاصيل البقولية كالفول والجلبان والمحاصيل العطرية كالكمون فيمكن زراعتها مع الزراعات البعلية مثل أشجار الزيتون مع ضرورة تقديم ريات تكميلية للأشجار بعد حصاد المحصول وخلال أشهر الصيف لتعويض الضرر الناتج عن الزراعة البينية

وأشار المهندس إلى أن زراعة البقوليات بين أشجار الزيتون كالفول والجلبان، وأيضًا المحاصيل العطرية والطبية كالكمون، زراعات مهمة أيضًا لزيادة المردود الاقتصادي من الأرض.

وحول أضرار هذه الزراعة ذكر المهندس أن أهم ما يؤرق بال الفنيين الزراعيين احتمال تسبب الزراعة البينية بعدوى مرض فطري خطير مشترك بين الزيتون وبعض الخضار كالباذنجان والبندورة والفليفلة والبطاطا وغيرها من العائلة الباذنجانية، وهو مرض الذبول الذي يسببه فطر الفيروسليون الذي ينتقل إلى الأشجار عن طريق جرح في الجذور ويؤدي إلى أعراض مرضية وتدهور في الشجرة المصابة مع صعوبة فائقة في العلاج.

واعتبر مدير الزراعة أن امتناع بعض المزارعين عن الزراعات البينية يعود لعدم توفر ماء الري، فمعظم الأراضي المشجرة بعلية، والسبب الآخر عدم الرغبة في إجهاد الأشجار مثل الزيتون إضافة لوجود قناعة عند بعض المزارعين بخطأ هذه الممارسة الزراعية.

ولفت المهندس تمام الحمود، إلى أن حل مشكلة الري بالاعتماد على الري عن طريق المشاريع الحكومية من مياه نهر العاصي أو ينابيع حارم وغيرها، وهذا لا يؤثر على المياه الجوفية، أما ريها من المياه الجوفية فيحتاج إلى دراسة وافية.