خطيب بدلة
شخصية العربي المسلم، في الحقيقة، بالغة الأهمية. لماذا؟ لأن من يريد أن يفهمها، أو يتعامل معها، يجب أن يكون متسلحًا بذكاء شديد، ودهاء استثنائي، وخبرة حياتية واسعة.
حينما يضيق العربي المسلم بظلم الحاكم العسكري، العلماني، الدكتاتوري، الكافر، يلجأ، بالفطرة، إلى تأييد الجماعات الجهادية التي هبت لتقاتله، وإذا لزم الأمر يدعم تلك الجماعات بالمال، ويضحي ببعض أبنائه لنصرتها، ولكنه، عندما تصل تلك الجماعات إلى الحكم في منطقته، ويرى من ظلمها وتخلفها الكثير، يحزم أمره ويهاجر. إلى أين؟ إلى أكثر بلدان العالم كفرًا، وعلمانية، وديمقراطية، البلدان التي تحرص على حرية الإنسان، وكرامته، بغض النظر عن كونه مواطنًا أو لاجئًا، وإذا صادف أن سألوه، في محكمة اللجوء، عن موقفه من التعايش والاندماج، يستفيض في عرض محفوظاته من الآيات والأحاديث التي تحض على العدل، والتسامح، والمساواة، ثم يضيف، دون أن يسألوه: وأنا، كذلك، مع حقوق المثليين، فكل إنسان حر بجسمه، وعواطفه، و…
ولكن، ما هي إلا سنوات قليلة، وبعد أن يدق خوازيقه في أرض تلك البلاد الكافرة، يعود عنصر الاستبداد الذي شب وترعرع عليه إلى ساحة شعوره، فيترك كل الآيات القرآنية التي تحض على التعايش، ويحصر عقيدته بسورة “التوبة” التي تأمر بقتل المشركين، ثم يبدأ بإنكار امتلاك الدولة التي آوته الجغرافيا التي يعيش عليها شعبُها، ويردد عبارة: هذه أرض الله، ونحن لنا حق فيها. ولأن الدولة التي تؤويه تضع إمكانات صندوق التضامن الاجتماعي تحت أمره، يبدأ بإجراء عملية “نفض” لجسمه، وأجسام أفراد أسرته، وفي أثناء ذلك يرى، بأم عينه، التطورَ الهائل في علوم الطب، والأجهزة الطبية، وإذا زاد حمل زوجته على الـ9 أشهر، يأخذها إلى أقرب مستشفى، ويقبل رأي الأطباء “الكفرة” بأنه إذا لم تولد خلال أسبوع فإنها تحتاج إلى قيصرية، لئلا يموت الجنين في بطنها، وفي نفس الليلة، يدخل إلى أحد لايفات “تيك توك”، ويجادل ساعتين، مؤيدًا الاعتقاد بأن مدة حمل المرأة يمكن أن يدوم أربع سنوات!
قد يقول قائل بأن هذا الإنسان العربي المسلم، حينما يعيش في دولة أوروبية، ليس أكثر من لاجئ، لا تأثير له على الفضاء المشترك العام في تلك الدولة. هذا الكلام، حقيقة، غير صحيح، فهؤلاء اللاجئون، الهاربون من حكوماتهم المستبدة، أو من الجماعات المسلحة التي سيطرت على مناطق في بلدهم، يعيدون إنتاج جهلهم وتخلفهم في الدولة التي استضافتهم، يستهزئون بالقوانين الديمقراطية، ويشتركون في مظاهرات دون ترخيص، وإذا دقتهم الحماسة، في مظاهرة ما، تراهم يبصقون في وجه شرطي، أو يتكاثرون على سيارة بوليس ويحرقونها، أو يحطمون زجاجها، وخلال سهراتهم الصباحية في لعب الورق، تعلو أصواتهم، ليزعجوا سكان البلد الأصليين الذين ينامون باكرًا كي يبكروا إلى أعمالهم، فإذا نظر مواطن أصلي إلى أحدهم نظرة استهزاء، يقيمون القيامة، وينشرون على وسائل التواصل أن “الشعب” هنا عنصري، يحتقر الغرباء.
باختصار: اللاجئون القادمون من بلادنا، يساعدون الأحزاب اليمينية على الوصول للسلطة، علمًا أن البند الرئيس في برامج تلك الأحزاب: طرد اللاجئين!