الفطر في إدلب.. بري يحفزه المناخ وزراعي بأدوات بسيطة
إدلب – شمس الدين مطعون
تشكل الأجواء الضبابية والرطوبة العالية عوامل جيدة تساعد في نمو الفطر البري بين الأحراش وعلى المرتفعات الجبلية وفي الأراضي الزراعية لمحافظة إدلب.
وتبدأ فترة نمو الفطر أواخر كانون الأول من كل عام، وتستمر خلال الأيام الباردة، لا سيما بوجود الضباب أو الأمطار الخفيفة، حيث تمتاز هذه المرحلة بارتفاع نسبة الرطوبة وقلة الإضاءة وهشاشة الأرض، فتشكل عملية قطاف الفطر رحلة ووجبة غنية ينتظرها الأهالي سنويًا.
الفطر، باعتباره وجبة محببة لكثيرين ذات منافع صحية عدة، ساعد ارتفاع سعره في تحوله إلى مصدر دخل لبعض العائلات، سواء عبر جمعه من الطبيعة أو زراعته في المنزل، إذ أسهمت ظروف زراعته البسيطة ونموه الكثيف خلال فترة قصيرة في الإقبال على زراعته.
ينمو في الطبيعة
حسن العيسى، شاب من أهالي سهل الروج بريف إدلب، يخرج برفقة أصدقائه في رحلة جمع الفطر بين السهول وعلى المرتفعات.
“في الضباب كل يوم في فطر”، قال حسن، موضحًا لعنب بلدي أنه اعتاد منذ سنوات هذه الرحلة، بحثًا عن الفطر لتحضير أطعمته المحببة، كالشوي فوق المدفأة أو تحميص الفطر مع البصل والزيت.
أوضح حسن أن ثمار الفطر التي تنمو في الطبيعة لها أشكال وأصناف منوعة، بينما يعكف الأهالي على جمع صنفين فقط، خوفًا من التعرض للفطر السام الذي ينتشر بكميات قليلة لكن لا طريقة آمنة لتمييزه.
والفطر الأبيض أو ما يُعرف بالزراعي، وفق حسن، يتميز بلونه الأبيض من الخارج ويميل إلى البني تحت مظلته، أما النوع الأخر، وهو أكثر انتشارًا ويطلق عليه “بوز العجل”، فيتميز بلونه البني من الخارج وشكله الأشبه بالمظلة ولونه الداخلي يميل للرمادي وعلى سطحه مادة لزجة.
يخرج الأهالي للبحث عن الفطر في الطبيعة للحصول على وجبة للعائلة، بينما تنشط تجارته في الفترات التي يشتد فيها الضباب، حيث يزداد نموه في المناطق الجبلية.
زراعة في المنزل
تبدأ عملية التجهيز لزراعة الفطر في المنزل أواخر أيلول، في سبيل زراعته مع بداية فصل الشتاء.
يزرع جهاد زيادة، مهجر من ريف دمشق يقيم بالفوعة، الفطر المحاري في إحدى الغرف بمكان إقامته، وقال لعنب بلدي، إن ما شجعه على هذه الزراعة هو العوامل البسيطة التي تحتاج إليها، إضافة إلى توفر سوق جيد لبيع الفطر حيث يتراوح سعر الكيلو بين دولارين و3 دولارات، بحسب جودة الصنف.
وأوضح جهاد أن الظروف التي يحتاج إليها نمو الفطر تتمثل بحرارة معتدلة ورطوبة بنسبة تتعدى 80%، وظلام خلال فترة الحضانة، وضوء وتهوية في فترة الإثمار، كما تجري هذه الزراعة في غرف مغلقة.
زراعة الفطر تبدأ بتأمين البذور المتوفرة في الصيدليات الزراعية، كما يمكن الحصول عليها من الفطر البري الذي يُجمع من الطبيعة.
وبحسب جهاد، فإن الزراعة تتم في أكياس بلاستيكية مملوءة بالتراب وبقايا سنابل القمح (التبن)، قبل إغلاق الأكياس بإحكام لوضعها في غرفة مظلمة ودافئة وتركها لنحو 20 يومًا، يبدأ بعدها نمو الفطر خارج الأكياس، وتنتهي العملية بقص الثمار الخارجة.
وتحفز هذه الزراعة الكثيرين على إنشاء مشاريع مشابهة، نظرًا إلى انخفاض تكلفة إنتاجه وحاجته لأسابيع قليلة فقط لقطاف المحصول.
وعن عملية الزراعة أوضح المهندس الزراعي خضر حسن الخضر، لعنب بلدي، أن الفطر المحاري من أشهر الأصناف التي تُزرع، وله أنواع بحسب لونه (المشروم، عش الغراب).
وقال المهندس، إن زراعة الفطر تحصل ضمن أقفاص بلاستيكية أو أكياس نايلون مثقبة، موضحًا أن الزراعة تتطلب ظروف رعاية خاصة من الرطوبة والحرارة والإضاءة حسب كل مرحلة نمو، بالإضافة إلى تجهيز المواد الأولية.
وأشار إلى أن الأمراض التي قد تعانيها زراعة الفطر حشرية وتسمى “ذبابة الفطر”، وبكتيرية يمكن تمييزها بشكل بقع على سطح الجسم الثمري، وكلاهما يسبب تلف الجسم الثمري ما يجعله غير قابل للأكل، لذلك يجب عند زراعة الفطر ضمن مزارع القيام بعمليات التعقيم و”البسترة” لحماية بذرة الفطر.
الأنواع السامة
تتنوع ثمار الفطر التي تنمو في الطبيعة (الفطر الزراعي)، بحسب الخضر، وهي عدة أصناف، منها الأبيض متوسط الحجم، ويكون لون حراشفه السفلية بنيًا، والأصفر وهو متوسط الحجم، بلون بني للحراشف أيضًا، وهناك الأبيض كبير الحجم، وأبيض كروي مع جدران سميكة ويسمى “الكمأة”.
أنواع كثيرة من الفطور تنتشر في المنطقة، منها ما هو صالح للأكل (غير سام)، ومنها غير صالح للأكل (سام)، ويصعب التمييز بينها، إذ يتطلب الأمر تحليلًا مخبريًا، لكن هناك بعض المؤشرات المتعارف عليها قد تساعد بتمييز الفطور السامة وغير السامة، حسب الشكل أو طبيعة النمو.
ومن هذه المؤشرات، أن الفطر السام ينمو على جذوع الأشجار وبشكل متراكب، كالفطر الذي ينمو بشكل مستعمرات كبيرة، والفطور ذات الألوان غير المألوفة أو الفطر الذي يبدو منتفخ الجسم الثمري، والأنواع التي تفرز سوائل عند الجرح.
كما أن الحراشف الموجودة على الوجه السفلي للجسم الثمري للفطر السام صغيرة وأعدادها كبيرة، ويمكن تمييز بعض الفطور السامة من جذعها الطويل الأجوف الرفيع، بينما تشبه بعض الفطور السامة النوعيات القابلة للأكل، بلون أبيض للجسم الثمري، تتوسطه بقعة بنية تعتبر دليلًا على السمّية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :