في الفيلم المصري “فرق خبرة” طرح مختلف لمفاهيم قلما تناقش سينمائيًا ودراميًا على المستوى العربي على الأقل، بالنسبة للأعمال المصنفة في إطار رومانسي عاطفي، فحواها العلاقات الغرامية بين أبطال العمل، فالفيلم لا يتحدث عن الحب مقدار تركيزه على كيفية هذا الحب، وتحديدًا في علاقة يهيمن فيها طرف على آخر، فيبدو الأول طاغية والآخر حلقة أضعف.
الفيلم لا يشير إلى فوارق خبرة فقط بين طرفي العلاقة، بل يركز أكثر على ضعفها حد الانعدام لدى طرف، مقابل قدرة الآخر على المراوغة والتملص من الالتزامات التي تمليها أي علاقة عاطفية، فالحب هنا مخنوق بمسمى صداقة، وتحت ذريعة التخوف من علاقة عاطفية جديدة بعد سابقة فاشلة، وتسخير مشاعر الآخر الصادقة بشكل عملي وتوظيفها للاستفادة منها بمعزل عن أحاسيس العاشق الصادق.
وفي الوقت الذي ترتب الحياة لقاء ناجي وسلمى مصادفة، فهي لم ترتب أيضًا ظروف الطرفين لدخول هذه العلاقة، إذ يعاني ناجي ظروفًا عائلية صعبة تضع والديه على شفا الطلاق، إلى جانب طريقة نشأة الشاب الوحيد لأبويه قبل أخت صغيرة، في بيئة لم تعزز ثقته بنفسه، فبدا هادئًا، هزيلًا أمام تجارب الحياة والعلاقات البشرية، في الوقت الذي بدت به سلمى على دراية بالواقع أكثر.
تفاوت البيئة أيضًا من العوامل المؤثرة في مجرى علاقة سلمى وناجي، وهي ظروف مؤثرة في العلاقات العاطفية بالمجمل، فالقبول النسبي الذي حظي به ناجي دون مسمى عاطفي، لم يمنح الطرفين قبولًا متبادلًا على مستوى القيم والعادات والأفكار، والمبادئ التي ينشد كل حبيب من حبيبته التمسك بها، والعكس بالعكس.
والهروب من المسميات تحت حجة الاستمتاع باللحظة وعيشها دون حسابات، والخوف من المواجهة ورفع سقف المطالب لم يعزز حضور الشاب بعيون حبيبته الملولة، مقدار ما أتاح لها سيطرة كان يمكن تلافيها، على عواطف الشاب، فسؤال هيثم، ابن خالة ناجي، عن طبيعة العلاقة، كان كفيلًا بتوضيح تمسك ناجي بهذه العلاقة أيًا كانت الضريبة التي سيدفعها في سبيل نفخ الروح فيها.
الفيلم هادئ الإيقاع، يتطرق إلى تعامل العائلة مع الابن الذكر الوحيد، وتحويله لمحور حياة الأسرة بصورة قد تبدو سلبية، إلى جانب الروتين والملل الذي قد يطول الحياة الزوجية ويغذي مشكلاتها، والتعطش للطريق القصير من أجل الوصول إلى الهدف البعيد، وهذا كان مذهب سلمى في الفيلم.
صدر الفيلم عام 2021، من تأليف شريف نجيب وإخراجه، ومن بطولة هدى المفتي، ومحمد الشرنوبي، ودلال عبد العزيز، ومحمود البزاوي، وطه الدسوقي.