أسعار زيت الزيتون تؤثر على الاستهلاك في درعا.. بدائل مكلفة
لم تتمكن فايزة السعيد من شراء أكثر من صفيحة (تنكة) زيت زيتون واحدة، بسعر مليون ليرة سورية اشترتها في موسم عصر الزيتون، في تشرين الثاني 2023.
وشهدت أسعار زيت الزيتون ارتفاعًا متواترًا وصل إلى 1.4 مليون ليرة سورية في السوق المحلية في محافظة درعا جنوبي سوريا، حسبما رصدت عنب بلدي.
أوضحت فايزة، وهي ربة منزل من سكان ردعا، أن أسعار الزيت أصبحت خارج قدرة العائلة المادية، إذ اعتادت سابقًا شراء نحو خمس “تنكات” (التنكة تتسع لـ16 ليترًا) كمؤونة سنوية، لكن الظروف الاقتصادية الصعبة دفعتها إلى الشراء هذه المرة على دفعات، بعد توفير الثمن من عمل الأبناء والزوج، وفق ما بيّنته لعنب بلدي.
من جهتها، لم تشترِ انتصار عبد الحميد، وهي ربة منزل، زيت الزيتون لعائلتها لعدم قدرة العائلة على دفع ثمنه، كجزء من عادة درجت عليها بيوت المحافظة تتلخص بشراء الزيت في موسم العصر من المعاصر، أو المزارعين مباشرة، كون الأسعار ترتفع بعد الموسم الذي انتهى منتصف كانون الثاني الماضي.
وقالت انتصار، إن الأسعار تغيرت وصارت خارج قدرة المشتري، مشيرة إلى شرائها “تنكة” زيت الزيتون في موسم العصر لعام 2022 بـ275 ألف ليرة سورية، قبل أن يصل السعر حاليًا إلى نحو خمسة أضعاف ما كان عليه.
أسعار زيت الزيتون تتصاعد في درعا منذ أكثر من عام، وتحديدًا بعد سماح حكومة النظام السوري في تشرين الأول 2022، بتصدير 45 ألف طن من زيت الزيتون، مبررة القرار بأن إنتاج سوريا المتوقع كان نحو 125 ألف طن، والكميات الموافق على تصديرها هي فائض إنتاج.
بدائل مكلفة
في أيلول 2023، وصلت أسعار زيت الزيتون، إلى نحو 800 ألف ليرة سورية مع توجه التجار لسحب السلعة من الأسواق تمهيدًا لرفع سعرها.
كما أصدرت الحكومة في آب 2023، قرارًا بوقف تصدير زيت الزيتون اعتبارًا من مطلع أيلول في العام نفسه، لكن أسعار الزيت لم تنخفض.
ولم تمضِ أربعة أشهر على قرار إيقاف تصدير الزيت حتى عاودت اللجنة الاقتصادية في رئاسة الحكومة، في كانون الأول من العام نفسه، السماح بتصدير زيت الزيتون، على أن يكون التصدير في عبوات لا تتجاوز خمسة ليترات، وألا تزيد الكميات المصدرة عن 5000 طن.
مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة، عبير جوهر، قالت لصحيفة “الوطن“، في 6 من شباط، إن الحكومة سمحت بتصدير جزء من الإنتاج كي لا تفقد سوريا مكانتها في إنتاج زيت الزيتون في الأسواق العالمية.
تلجأ فايزة للاقتصاد باستخدام زيت الزيتون وتعوض النقص عبر شراء زيت عباد الشمس وخلطه بزيت الزيتون لتوفير استهلاكه.
ووصل سعر ليتر زيت عباد الشمس إلى 25 ألف ليرة سورية، بينما وصل سعر ليتر زيت الزيتون إلى 87 ألفًا و500 ليرة.
لجأ محمد نهار (33 عامًا) للبحث عن الزيتون في الحقول المجنية، وهو ما يسمى بـ”التعفير”، وقال إنه يبحث عن الثمار تحت الشجر أو ما تبقى على الأغصان، واستطاع أن يجمع ما يقارب 100 كيلوجرام خلال عشرة أيام، أنتج خلالها “تنكة” من زيت الزيتون.
وأوضح أنه لن يتمكن من شراء الزيت لهذا العام، لعدم قدرته المالية، إذ يعمل بالمياومة بأجر يبلغ 20 ألف ليرة سورية، ما يعني حاجته للعمل لشهرين لأجل شراء “تنكة” زيت زيتون.
للمائدة وللعصر
تختلف نسبة إنتاج الزيت تبعًا لاختلاف نوع الأشجار والعناية فيها وعمرها، إذ يختلف إنتاج الأشجار حديثة الإنتاج عن الأشجار المعمّرة.
وبحسب المهندس الزراعي خالد سليمان، توجد أنواع من الزيتون تحتاج كميات أكبر من الثمار حتى تنتج الزيت وهذه الأصناف مخصصة للمائدة كزيتون “أبو شوكة” وزيتون “الماوي”، إذ تنتج كل 150 كليوجرامًا نحو “تنكة” زيت، بينما تنتج معظم الحقول من كل 100 كيلوجرام نحو “تنكة” زيت.
وتوجد أنواع زيتون مخصصة للزيت كالقيسي والنبالي والصوراني، وهناك أصناف ثنائية الاستخدام تصلح كزيتون للمائدة وإنتاجها جيد في الزيت كـ”الاسطنبولي” و”الدان”.
وأوضح المهندس الزراعي أن إنتاج الحدائق المنزلية لا يختلف عن إنتاج الحقل، لكن الفارق تصنعه العناية بالشجر، ورش المحصول وتسميده وسقايته.
مدير زراعة درعا، بسام الحشيش، قال في تصريح لصحيفة “البعث” في تشرين الثاني 2023، إن عدد أشجار الزيتون في المحافظة 3.5 مليون شجرة وإنتاج الزيتون وصل إلى 25 ألف طن، 16 ألف طن منها مخصص للعصر، موضحًا أن زيت الزيتون المصنوع محليًا يغطي 40% من حاجة المحافظة من الزيت.
وبحسب مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة، فإن تقديرات الإنتاج لهذا العام تبلغ 91 ألف طن في كامل سوريا، جزء من الزيتون سيستخدم للمائدة، والجزء الأكبر للعصر، ويقع نحو 50% من إنتاج هذا العام في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :