ما قبل الزلزال ليس كما بعده.. رائحة الموت عالقة في ذاكرة الناجين

رجل يكتب اسمًا على شاهدة قبر أحد ضحايا الزلزال الذي ضرب مناطق شمال غربي سوريا في بلدة حربنوش بريف إدلب - 8 شباط 2023 ( إياد عبد الجواد /عنب بلدي)

camera iconرجل يكتب اسمًا على شاهدة قبر أحد ضحايا الزلزال الذي ضرب مناطق شمال غربي سوريا في بلدة حربنوش بريف إدلب - 8 شباط 2023 ( إياد عبد الجواد /عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

قبل 6 من شباط 2023، كانت عائلة حميد تعيش مثل أي عائلة نازحة في مدن وبلدات الشمال السوري، فتارة أيام سرور وفرح وتارة أخرى أيام حزن وهم، إلى أن جاء ذلك اليوم وتلك الساعة محوّلة حياة العائلة وقلبت معيشتها وحطّمت آمالها.

خلقت كارثة الزلزال في قلب حميد عساف وعقله وذهنه كسرًا لا يُجبر إلا بلقاء من فقدهم، وصار يوم الزلزال مفصليًّا في حياته، فما قبله ليس كما بعده، بحسب ما قاله لعنب بلدي، مضيفًا أنه لن يشعر أحد بشعور فقد الأحبة إلا من ذاق مرارة طعمه وقسوة واقعه وشديد أيامه.

حميد مهجر من قرية العطشانة بريف حلب الجنوبي، فقد 16 شخصًا من أفراد عائلته جرّاء الزلزال، بعد انهيار المبنى الذي كانوا يقيمون فيه بقرية بسنيا غربي إدلب، ونجا مع شقيقه وشقيقتيه، من الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وأربع محافظات سورية قبل عام.

وأدى الزلزال إلى وفاة أكثر من 4500 شخص وإصابة نحو 10400 شخص شمال غربي سوريا، وفي مناطق سيطرة النظام السوري توفي 1414 شخصًا في محافظات حماة وحلب واللاذقية، بينما توفي في تركيا أكثر من 56 ألف شخص وأصيب نحو 100 ألف آخرين بجروح، وفق بيانات الأمم المتحدة.

الوداع الأخير

بدأ حميد الساعات الأولى من صباح يوم الزلزال بالبحث تحت الركام لعله يجد رمقًا من حياة في جسد من أجساد 16 شخصًا من عائلته هم تحت أنقاض وركام ما خلفه الزلزال.

وذكر في حديثه لعنب بلدي، أن عملية إخراج وانتشال أفراد عائلته استمرت مدة ثلاثة أيام، واصفها بأنها كانت من أشد أيام حياته قساوة وشدة وبلاء.

“تم دفنهم جميعًا في مقبرة جماعية وكان الوداع الأخير”، أضاف حميد.

بعد الدفن، بدأت سلسلة الذكريات من ناحية، والحزن من ناحية أخرى، والواجبات التي لا بد أن يقوم بها من ناحية ثالثة.

بدأ حميد بعدها مع إخوته حياة جديدة مهشمة مليئة بالجراحات والأسى والكمد والحزن، حياة يستحضرون فيها ذكريات لكل فرد ممن فقدوهم، حسب قوله.

وعن تلقيه للمساعدات، أوضح حميد أن المساعدات الإنسانية والإغاثية التي وردته كانت مقبولة، إذ تسلّم بالفترة الأولى مبالغ مالية على ثلاث دفعات من منظمة “جول”، قيمة كل دفعة 150 دولارًا أمريكيًا (الدولار 30.2 ليرة تركية).

وذكر أن هناك بعض المساعدات من “أهل الخير” وبعض الجمعيات الخيرية لا يذكر قيمتها نتيجة النسيان الذي لازمه بعد الزلزال.

لا يزال حميد وأفراد عائلته الناجين يقطنون في خيمة ليست مجهزة كما يجب، فهي تحتاج إلى عوازل تقيها حرّ الصيف وبرد الشتاء.

خلال الأشهر الماضية، كان حميد يعمل في سقاية أراضي الزيتون في منطقة حارم وما حولها إلى أن انتهى موسم قطاف الزيتون قبيل نهاية 2023، ويبحث حاليًا عن فرصة عمل جديدة لتلبية احتياجات ومطالب الحياة اليومية.

بعد الزلزال، طالبت الفرق التطوعية والأهالي في الشمال السوري بإدخال المعدات والآليات للإسراع في عمليات إنقاذ العالقين تحت الركام.

وقوبلت المطالب بتذرع أممي بوجود عوائق لوجستية أمام وصول المساعدات، على مدار أربعة أيام من الزلزال، الأمر الذي أرجعه خبراء وناشطون في المجال الإنساني في حديثهم لعنب بلدي إلى أن الأمم المتحدة “خذلت السوريين”، وأظهرت إهمالًا واضحًا لاحتياجاتهم خلال الكارثة.

وأوضحوا أن هناك العديد من المؤشرات أظهرت أنها تعمدت تأخر وصول المساعدات، وأسهمت بتحويل عمليات الإنقاذ إلى عمليات انتشال جثث.

اقرأ أيضًا: تحت أنقاض الزلزال.. الأمم تكتم أنين السوريين

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة