تربة ومناخ ملائمان 

الكمون.. محصول رابح في سوريا

محراث زراعي يحرث حقلًا في رأس العين في شمال شرقي الحسكة- 5 من كانون الثاني 2024 (عنب بلدي)

camera iconمحراث زراعي يحرث حقلًا في رأس العين في شمال شرقي الحسكة- 5 من كانون الثاني 2024 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – ماريا الشعبان

اكتسبت زراعة الكمون في سوريا هذا العام، بمختلف مناطق السيطرة، رواجًا ملحوظًا بين المزارعين، كمحاولة تكيف مع التحديات الزراعية والاقتصادية التي واجهها الفلاحون في مواسم مختلفة، وعلى وجه التحديد في الموسم الماضي.

اتجه بعض الفلاحين إلى زراعة الكمون عوضًا عن محاصيل أخرى غير مجدية ماديًا مقارنة بتكاليف زراعتها والعناية بها، وفضّله بعضهم الآخر نظرًا إلى الأرباح التي حققها المحصول في موسم العام الماضي.

تكرار تجارب ناجحة

مع زيادة الطلب على شراء البذار، ارتفعت أسعارها في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، بحسب ما ذكره المزارع عمر عبدو، من سكان سرمين بريف إدلب الشرقي.

وترتفع أسعار البذار مع اقتراب موسم الزراعة، إذ وصل السعر التقريبي للكيلوغرام الواحد من بذار الكمون هذا العام في عموم سوريا إلى نحو 5 إلى 7 دولارات أمريكية، مع التنويه لاختلاف الأسعار والعملات المتداولة باختلاف مناطق السيطرة.

وقال “أبو يوسف” لعنب بلدي، وهو أحد فلاحي ريف حماة الشمالي، إن شراء الكيلوغرام من بذار الكمون كلفه ما يقارب 100 ألف ليرة سورية (نحو 7 دولارات أمريكية).

وذكر المزارع أن موسم حصاد بذار الكمون في صيف عام 2023 كان وفيرًا وغنيًا، نظرًا إلى المناخ الملائم الذي شهدته المنطقة ذاك العام.

وكان “أبو يوسف” زرع في العام الماضي مساحة 100 دونم من الأراضي الزراعية ببذار الكمون، وحصد ما يقارب 17 طنًا من حبوبه، ويأمل هذا العام أن يحصد ما يقارب 12 طنًا.

ويتراوح متوسط إنتاج الدونم الواحد من الأراضي الزراعية بين 50 و100 كيلوغرام من الكمون، وتعتمد كمية وجودة الإنتاج على نوع التربة وملاءمة المناخ، إذ تنمو نبتة الكمون بعلًا في التربة الحمراء، وتحتاج إلى الري في التربة الصفراء الخفيفة والمتوسطة، ويحبذ هذا النوع من النبات معدلات هطول مستقرة نسبيًا، الأمر الذي يعد أحد أسباب إقبال الفلاحين و”ضامني” الأراضي زراعية (المستأجرون) في محافظة حماة على زراعة الكمون، أملًا بأن يكون المحصول غنيًا كالعام الماضي، وفقًا لما ذكره المزارع “أبو يوسف”.

لا تختلف الأسباب التي دعت مزارعي عامودا في ريف الحسكة إلى زراعة الكمون عن أسباب سائر الفلاحين، فرغم التحديات البيئية التي تواجهها المنطقة من تواتر سنوات الجفاف، وشحٍ حصص المحروقات المخصصة لآلات الري والحراثة والحصاد، شهد قطاع زراعة الكمون في المنطقة إقبالًا، يعزوه المزارع شيرفان سهدو إلى جودة موسم الكمون في العام الماضي، الذي كان دافعًا لعديد من المزارعين للاستثمار بهذا المحصول من جديد أو لأول مرة.

ووفقًا للمزارع، فإن أكثر ما يؤرق الفلاحين بالنسبة لزراعة الكمون هي نسبة الهاطل المطري، فيعولون على استمرار الأمطار بشكل متوازن، دون سيول أو جفاف، ليحقق موسم هذا العام نجاحًا كسابقه.

أملًا بتعويض الخسائر

تتمحور أسباب توجه المزارعين لزراعة الكمون حول الأوضاع المناخية والاقتصادية للمنطقة، ففي ظل انخفاض أسعار المحاصيل التقليدية في إدلب شمال غربي سوريا، ومنها محصول القمح، تعتبر النباتات العطرية خيارًا جيدًا للمزارعين لتحسين أوضاعهم الاقتصادية وترميم الخسارات.

التفت مزارعو المدينة إلى زراعة الكمون على حساب القمح، لانخفاض أسعار مبيعه مقابل ارتفاع أسعار الكمون، وفقًا لما ذكره المهندس الزراعي محمد شيخ دياب لعنب بلدي في تقرير اقتصادي سابق، إذ حددت وزارة الزراعة في حكومة “الإنقاذ” سعر شراء القمح من الفلاحين لعام 2023 بـ320 دولارًا للطن الواحد، في حين كان سعره 450 دولارًا في عام 2022.

واتجه فلاحون لزراعة المحاصيل الأقل تكلفة والأكثر إنتاجية، ومنها المحاصيل العطرية كالكمون والكزبرة والحبة السوداء، لتفادي الخسائر المادية وكساد المحاصيل الذي عانوا منه العام الماضي.

وبالانتقال إلى شمال شرقي سوريا، وتحديدًا إلى مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة، لاقت زراعة الكمون رواجًا في الموسم الحالي، لارتفاع سعر مبيع المنتج، وتكاليفه المتوسطة، واعتماده على العمل اليدوي، بالإضافة إلى تربة المنطقة الخصبة والمناسبة لهذه الزراعة، بحسب ما ذكره المهندس الزراعي ماجد السليم لعنب بلدي.

وبلغ سعر مبيع الطن من الكمون نحو 4000 دولار أمريكي، بينما لا يتجاوز سعر طن القمح في رأس العين 200 دولار، وسعر طن القطن 550 دولارًا، ما جعل المزارعين يرغبون بزراعة الكمون لتكاليف زراعته المنخفضة نسبيًا أمام تكاليف بقية المحاصيل، ولتعويض الخسائر التي واجهتهم في الموسم الماضي.

تجارة رابحة “نسبيًا”

يعتمد الفلاحون في تسويق محاصيل الكمون على البيع الحر، بالتعامل مع تجار المنطقة الذين يعملون بدورهم على تصدير المحاصيل إلى الدول المستوردة، ولا تقدم الحكومات عروضًا لشراء حبوب الكمون كما هي الحال بالنسبة لمحاصيل أخرى كالقمح، وفقًا لما ذكره مزارعو مناطق متفرقة من سوريا لعنب بلدي.

ووصل سعر الطن من محصول الكمون شمالي الرقة، الموسم الماضي، إلى 5000 دولار أمريكي، بحسب ما ذكره المزارع “أبو علي” لعنب بلدي.

أما في إدلب وريفها فارتفع سعر بيع الطن من 4200 إلى 6800 دولار.

بينما بلغ سعر الطن الواحد من الكمون في العام الماضي بمحافظة حماة وما حولها نحو 2300 دولار أمريكي.

تتباين أسعار المنتج باختلاف المنطقة الجغرافية وجودة المحصول، ووفقًا للعروض التي يقدمها التجار والفلاحون.

شروط الأرض والمناخ

يبدأ موسم زراعة الكمون في سوريا، وهو نبات شتوي، ما بين منتصف شهر تشرين الثاني ومنتصف كانون الثاني، ويمكن أن تمتد فترة زراعته حتى بداية شباط بحسب الحالة الجوية للمنطقة.

ويعتمد اختيار الأراضي الزراعية المناسبة لزراعة الكمون على التاريخ الزراعي للأرض، ففي حال كانت الأراضي مزروعة بعشبة الكمون فقط في الأعوام السابقة تعتبر أراضي صالحة لزراعة المحصول، وفقًا لما قاله الفلاح “أبو يوسف” من ريف حماة الشمالي لعنب بلدي.

أما في حال استُخدمت الأرض لزراعة نبات آخر غير الكمون، فيجب على الفلاح انتظار ما بين 7 إلى 10 أعوام لزراعة الأرض ببذور الكمون من جديد.

ويختلف توزيع كمية بذار الكمون على الأراضي الزراعية باختلاف خصوبتها وتاريخها، فالأرض الحمراء القوية الخصبة تستوعب 5 كيلوغرامات من البذار تقريبًا، بينما تتحمل الأرض قليلة الخصوبة ما يصل إلى 3.5 كيلو بذار.

ويجري تسميد الأرض عادة عند نشر البذار في الأراضي، ويعتمد بعض الفلاحين على تسميد التربة قبل زراعتها وبعضهم بعد أو خلال الزراعة، ويُبنى ذلك على عوامل عديدة منها المناخ ونوعية التربة.

يتم حصاد الكمون ما بين 10 من تموز وبداية حزيران، ويعتمد الأمر على النضج البيولوجي للبذار.

ماذا تصدّر سوريا

بلغت قيمة صادرات سوريا في عام 2021 ما مجموعه مليار دولار أمريكي، وفقًا لبيانات المرصد “OEC” المختص بتحليل التجارات الدولية والاقتصاد العالمي.

وكان زيت الزيتون الصافي في مقدمة صادرات سوريا، وتأتي التوابل والبذار في المرتبة الرابعة، ولا تتوفر إحصائيات عن صادرات الكمون، على وجه التحديد، من سوريا ضمن مواقع رصد التجارات الدولية.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة