منظمات بلا دعم و"قسد" لا تتحرك
مخلفات الحرب تفتك بالمدنيين في ريف دير الزور الشرقي
دير الزور – عبادة الشيخ
قصص عديدة للمتضررين من مخلفات الحرب رواها أبناء ريف دير الزور الشرقي، منهم مخلف ذو الـ45 عامًا، الذي أصيب بانفجار لغم أرضي، كلفه ساقه اليمنى، إلى جانب إصابة بليغة في منطقة البطن.
مخلف لم يهنأ بحريته التي حظي بها أخيرًا، عندما غادر مخيم “الهول” المخصص لاحتجاز عائلات تنظيم “الدولة الإسلامية” شرقي الحسكة، إذ انفجر لغم أرضي بمنزله في قرية موزان شرقي دير الزور.
الانفجار لم يصب جسد مخلف وحده، بل أدى أيضًا إلى وفاة شقيقه وزوجته، وإصابة فتاة من العائلة بجروح أسفرت عن إعاقة تتطلب عملية جراحية تصل تكلفتها إلى 35 مليون ليرة سورية (نحو 2400 دولار أمريكي)، إلى جانب جروح متفاوتة أصيب بها أفراد العائلة.
المنطقة كانت مليئة بالألغام عند عودة مخلف إليها، بحسب ما قاله لعنب بلدي، لكن بفضل نشاط بعض المنظمات المحلية أزيلت ألغام من المنطقة، علمًا أن أفرادًا من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) كانوا يعرضون إزالة الألغام من المنازل، لكن بمقابل مادي يصل إلى 500 دولار في بعض الأحيان.
المدنيون ضحايا
يشكل الأطفال جزءًا من ضحايا الألغام ومخلفات الحرب في محافظة دير الزور، خصوصًا أولئك الباحثين عن المعادن لبيعها، ويكسبون رزقهم من ثمنها.
ويعتبر المزارعون وجامعو الكمأة أيضًا من ضحايا الألغام، إذ ترتفع حالات انفجار هذه الأجسام مطلع كل عام، مع بداية موسم الكمأة التي يقبل السوريون على جمعها.
وتنتشر الكمأة في المناطق الصحراوية بشكل رئيس، وهي المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية” قبل عام 2019.
من جانبه، كان شاكر يحلم باستكمال تعليمه ليصبح معلمًا في مدارس دير الزور، لكنه فقد والده بعمر 16 عامًا، إثر انفجار جسم من مخلفات الحرب في بلدة الباغوز شرقي محافظة دير الزور، ما وضعه في مكان رب الأسرة، وأجبره على التخلي عن حلمه بإكمال تعليمه.
شاكر الصالح، الفتى الذي لم يبلغ سن الرشد بعد، وهو من أبناء ريف دير الزور الشرقي، وينحدر من بلدة الباغوز التي كانت آخر معقل لتنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا سيطرت عليه “قسد” عام 2019، يتحمل اليوم مسؤولية تأمين لقمة عيش عائلته، المؤلفة من عشرة أفراد.
المنظمات.. دعم شحيح
تعاني مناطق الريف الشرقي في سوريا من انتشار مخلفات الحرب على نطاق المحافظة بالكامل، علمًا أن حجم الانتشار لم يجرِ توثيقه من قبل جهات مختصة.
الحرب التي شهدتها دير الزور في خضم سباق السيطرة على مناطق نفوذ تنظيم “الدولة” بين عامي 2017 و2020، من قبل وروسيا والنظام السوري وإيران من جهة، وقوات التحالف الدولي و”قسد” من جهة أخرى، تركت مخلفاتها، إلى جانب الألغام التي زرعها التنظيم قبل خسارته المساحات الجغرافية.
وتعتبر قرى وبلدات هجين والشعفة والسوسة والباغوز من بين أكثر المناطق تضررًا ودمارًا، وسجلت فيها أكثر حالات انفجار الألغام ومخلفات الحرب، بحسب ما رصدته عنب بلدي.
مدير منظمة “عطاء المحلية”، مانع سفر، قال لعنب بلدي، إن مخلفات الحرب تنتشر في المنازل المدمرة والأراضي الزراعية، وكذلك في المواقع التي كانت تستخدمها قوات “قسد” كنقاط عسكرية.
ونتيجة لانتشار هذه المخلفات، قُتل عديد من المدنيين، بينهم أطفال، وأصيب آخرون بجروح خطيرة، تشمل حالات بتر الأطراف والشلل.
سفر قال، إن بلدة الباغوز وحدها قتل فيها 15 شخصًا بسبب انفجار أجسام من مخلفات الحرب، بينما أصيب 20 آخرون بجروح أدى بعضها إلى حالات بتر في الأطراف.
وفيما يتعلق بدور المنظمات، أوضح مانع أن جهودها اقتصرت على حملات التوعية للأطفال والكبار حول مخاطر الألغام.
وتنتشر في ريف دير الزور الشرقي، حيث تسيطر “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وهي الذراع العسكرية لـ”الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا، عديد من المنظمات العاملة في المجال الإنساني، منها منظمة “عطاء الباغوز”، وتنشط في التوعية بمخلفات الحرب، ومنظمة “أمل الباغوز” التي عملت على إزالة جزء من مخلفات الحرب من المنازل.
وتنشط منظمات أخرى في المجال نفسه، منها منظمة “الحياة”، وفريق “بكرا أحلى” التطوعي، ومنظمة “HI”.
وعلى الرغم من جهود هذه المنظمات، أشار سفر إلى أن أفرادها يعملون بشكل تطوعي دون دعم من أي جهة، وحتى الآن لا توجد أي منظمة دولية تقوم بدور فعّال في هذا المجال.
الإعلامي في منظمة “أمل الباغوز”، محمد داود، قال لعنب بلدي، إن عديدًا من الأطفال في المنطقة تعرضوا لإصابات بسبب انتشار مخلفات الحرب، مع أن المنظمة أطلقت حملات عديدة لإزالة الألغام، ولكن عدم وجود أجهزة للكشف عن هذه الأجسام يحد من فاعلية الحملات.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :