إدلب – أنس الخولي
تعاني شبكات المياه في محافظة إدلب من تضررها بشكل كبير، ما يمنع الاعتماد عليها لضخ مياه الشرب إلى قرى ومدن إدلب، كما أن هذه الشبكات تعتمد بشكل أساسي على أنابيب مصنوعة من مادة “الأسبستوس” التي تحوي مواد مسرطنة خطرة للغاية على حياة البشر.
جرى تمديد شبكات المياه في محافظة إدلب عام 1980، واستخدمت أنابيب “الأسبستوس” في تمديد معظم الشبكة، نظرًا إلى قدرتها على تحمل الضغط، وطول عمرها الافتراضي الذي يصل إلى 50 عامًا، وفق مهندسين مطلعين تحدثت إليهم عنب بلدي.
مشكلة الخطوط تضاف إلى مشكلات يشهدها واقع مياه الشرب في إدلب ومناطقها، إذ توقف ضخ المياه عن المدينة لمدة 15 يومًا، مطلع العام الحالي، لكنه عاد بعد أن شهدت أحياء المدينة أزمة وطلبًا متزايدًا على صهاريج المياه، واستغلال أصحابها للأزمة ورفعهم للأسعار.
استبدال الأنابيب الخطرة
المهندس محمد جمال ديبان، نائب مدير المؤسسة العامة لمياه الشرب في إدلب، قال لعنب بلدي، إن جل شبكات المياه في محافظة إدلب تعتمد على أنابيب “الأسبستوس”، وقد أوقف العمل بها بعد ربط استخدام “الأسبستوس” بزيادة مخاطر الإصابة بالسرطان.
وأوضح أن المؤسسة العامة لمياه الشرب في إدلب تواجه تحديات، على رأسها ضخ مياه الشرب للمواطنين في المدن والأرياف، واستبدال شبكات المياه الخطرة والمتهالكة.
وبحسب المهندس جمال، فإن المؤسسة وضعت خططًا لتغيير الأنابيب التي تهدد حياة المواطنين على رأس أولوياتها، إلا أن الاحتياجات كبيرة، ما دفع المؤسسة لمخاطبة الجهات العاملة في المجال الإنساني، وطلب العون في استبدال الشبكات.
وذكر ديبان أن المؤسسة انتهت من استبدال جميع أنابيب “الأسبستوس” في مدينة إدلب، والأولوية الآن لاستبدال العديد من خطوط مياه الشرب الرئيسة، منها خط بطول أربعة كيلومترات يصل إلى مدينة إدلب، وخط بطول 3.5 كيلومتر يصل بين بلدة المسطومة ومدينة إدلب، وخط المياه الواصل بين أرمناز وملس بطول 6.3 كيلومتر، وخطوط المياه وشبكات المياه في جبل السماق.
ولفت المهندس إلى أن الأنابيب المستخدمة حديثًا في تركيب شبكات مياه الشرب مصنوعة من “البولي إثيلين”، لمرونتها العالية، وتحملها للمتغيرات الجوية، ومقاومتها للتأثيرات الكيماوية والحرارية، وسط آمال بأن تستجيب المنظمات الإنسانية للمشاركة باستبدال أنابيب “الأسبستوس” الموجودة في المنطقة.
ما “الأسبستوس”
تتكون هذه المادة من مجموعة معادن ليفية تستخرج من مناجم خاصة، ويدخل في تركيبها “السيليكات”، واستخدمت سابقًا في صناعة أنابيب مياه الشرب والصرف الصحي، لمقاومتها العالية للضغط والحرارة.
وتمثل جميع أنواع “الأسبستوس” مواد مسرطنة خطرة على البشر، وفق منظمة الصحة العالمية، التي حذّرت من التعرض لهذه المادة بأي شكل من الأشكال، وقالت إن 125 مليون نسمة في العالم يتعرضون لـ”الأسبستوس” في أماكن عملهم.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من مئة وسبعة آلاف نسمة يموتون كل عام، بسبب سرطان الرئة، وورم المتوسطة، وداء مادة “الأسبستوس”، نتيجة التعرض لتلك المادة في أماكن عملهم.
توقف وعودة
توقف ضخ المياه عن مدينة إدلب مطلع العام الحالي حتى 16 من كانون الثاني الماضي، وقال المهندس محمد جمال ديبان، إن منظمة “جول” الإنسانية العاملة في محافظة إدلب، أبلغت المؤسسة بإيقافها دعم مشروع ضخ المياه إلى مدينة إدلب قبل نهاية عام 2023.
وذكر أنه أمر روتيني يجري نهاية كل عام، إذ تعود المنظمة لدعم المشروع وتجديد العقد في وقت لاحق، لكن التوقف خلق أزمة، وشهدت الآبار في مدينة إدلب طلبًا كبيرًا على المياه، واستغل أصحاب الصهاريج الطلب عبر رفع الأسعار.
وقال مدير محطة مياه “شارع 30” التابعة للمؤسسة العامة لمياه الشرب، صبحي مرديخي، لعنب بلدي، إن الطلب ازداد خلال الأزمة في الأيام الماضية بنسبة 600%، ما أجبر المحطات والآبار على العمل ساعات مضاعفة لتأمين الطلب المتزايد.
وارتفعت أسعار خزان المياه سعة متر مكعب (خمسة براميل) من 50 ليرة تركية إلى 75 ليرة، وترهق مشكلة شراء المياه المواطنين ليس فقط بالنسبة لأسعارها، بل أيضًا لأمور تتعلق بصعوبة سحب الخراطيم من الصهاريج إلى الخزانات داخل المنازل وعلى الأسطح.