عنب بلدي – حسن إبراهيم
حمل السوريون طموحهم وآمالهم وشغفهم إلى بلدان اللجوء، متمسكين بأحلامهم ومصممين على تحقيقها رغم غياب الدعم والإمكانيات اللازمة، وظروف العمل من أجل الأسرة وتأمين متطلبات الحياة.
رياضيون سوريون أحبوا كرة القدم، فكان العشب الأخضر مسرحًا لتنفيذ أحلامهم، وسعوا إلى تنمية قدرات ومهارات اللاعبين عبر إنشاء أكاديميات، لتكون نواة ومدخلًا ينطلقون منه إلى عالم الرياضة والجلد المدوّر.
أكاديمية “غولدن سبور” واحدة من المؤسسات الرياضية التي شقت طريقها على الأراضي التركية، وتعتمد على جهود شخصية واشتراكات المنتسبين، وسط صعوبات مالية وقانونية لم تمنعها من الاستمرار.
70 لاعبًا بمختلف الأعمار
مصطفى الرسلان، المدرب والإداري في الأكاديمية، أوضح لعنب بلدي أن الأكاديمية أُسست في مدينة بورصة شمال غربي تركيا، في 21 من كانون الأول 2022، وشهدت إقبالًا على التسجيل، ويشرف عليها إداريان هما الكابتن مصطفى الرسلان، وهو خريج معهد رياضي، والكابتن حسام سقار، وهو لاعب سابق لنادي الاتحاد السوري (أهلي حلب).
وتضم الأكاديمية من 65 إلى 70 لاعبًا من جميع الفئات العمرية (أشبال وناشئون وشباب ورجال حتى عمر 25 عامًا)، دون تقييد أو منع لأي منتسب جديد بأن ينضم لها وأن يتابع مشواره الرياضي، ومن دون وعود مسبقة من قبل إدارة الأكاديمية، بحسب الرسلان.
وقال الرسلان، إن أهداف الأكاديمية صقل مهارات اللاعبين، وتنشئة الشباب الرياضيين تنشئة صحيحة، مضيفًا أن البرنامج التدريبي هو تمرين واحد في الأسبوع مدته ساعتان، لافتًا إلى أنه غير كافٍ لكنه حسب الاستطاعة والإمكانيات.
وتجري الأكاديمية مباريات خلال الأسبوع من الاثنين إلى الخميس عبر تقسيم اللاعبين إلى فرق، لتطبيق ما تلقاه اللاعبون من تمارين وتجسيدها على أرض الملعب.
تعتمد الأكاديمية على دعمها ذاتيًا من خلال اشتراكات اللاعبين، وتؤمّن من خلالها المعدات وتستأجر ملاعب.
بطولات وجهود شخصية
يقتصر الكادر الإداري والتدريبي للأكاديمية على الرسلان وحسام سقار، ولا يمتلكان شهادة تدريب رياضية، إنما يعتمدان على خبرتهما المكتسبة سواء الرسلان من تخرجه في المعهد الرياضي، أو سقار من كونه لاعبًا سابقًا.
وتشدد إدارة الأكاديمية على اللاعبين بالالتزام بوقت التمرين، والالتزام والتحلي بأخلاق جيدة وعدم التلفظ بألفاظ نابية، والالتزام باللباس الموحد للتمرين والمباريات الرسمية، والاحترام المتبادل بين جميع اللاعبين، وفق الرسلان.
شارك فريق الأكاديمية بثلاث بطولات داخل تركيا، وجرى تنظيمها من رياضيين سوريين، فازت “غولدن سبور” بالمركز الأول في اثنتين منها.
وذكر الرسلان أن إدارة الأكاديمية تعمل منذ أكثر من سبعة أشهر على التواصل والتنسيق مع مدربين وأكاديميات تركية، للفت النظر إلى ما تملكه الأكاديمية من مهارات قادرة على إثبات نفسها، والانضمام إلى فرق تركية.
وأضاف الرسلان أن هناك نية لاختبار القدرات الموجودة، مع وعود منه بانتقاء أفضل خمسة لاعبين وضمهم، من قبل مدرب كرة قدم تركي في بلدية يلدرم بمدينة بورصة، سيزور الأكاديمية خلال أيام.
ويفخر المدرب بالمستوى الذي يقدمه اللاعبون في الأكاديمية، معربًا عن تمنياته بإيصالهم إلى دوريات وفرق تليق بما يقدمونه.
صعوبات مالية وقانونية
تتشابه حال الأكاديميات الرياضية مع أي مؤسسة أو مشروع ينشط ضمن تركيا، من حيث مواجهة بعض العقبات والتحديات سواء المالية أو القانونية، وتتجاوز بعضها في حين تتعثر بأخرى.
حملت الأكاديمية في انطلاقها اسم “دريم سبور”، لكن بعد عام من إنشائها واجهت شكوى بأن الاسم له حقوق ملكية، ما دفع الإدارة لتغييره إلى “غولدن سبور”، وفق الرسلان، لافتًا إلى أن الأكاديمية حاليًا غير مرخصة، لأن ذلك يحتاج إلى تكاليف مالية وقانونية مرهقة.
وتواجه الأكاديمية صعوبات في المشاركة ببطولات خارج بورصة، وتقتصر حاليًا على المدينة، بسبب صعوبة التنقل واستخراج إذن السفر للاعبيها.
ويمنع السوريون منذ عام 2016 في تركيا من مغادرة الولايات المسجلين فيها، أو الإقامة في ولايات أخرى من دون “إذن سفر” صادر عن إدارة الهجرة التركية.
وذكر الرسلان أن الصعوبات المالية تأتي في مقدمة التحديات أمام الأكاديمية، لأنه والمدرب حسام سقار يضطران إلى دفع مبالغ من جيبهما لاستئجار ملعب أو شراء كرات، لافتًا إلى أن بعض اللاعبين لا يدفعون مبالغ مقابل اشتراكهم لضعف حالتهم المادية.
ولفت المدرب إلى أن القانون لا يجيز لأي لاعب سوري أن يلعب في الدوري التركي، إذا لم يكن حاملًا شهادة “ليسانس”، وهي مقتصرة على من يملك الجنسية التركية، كما أن قرارًا صدر مؤخرًا بأنه يُمنع أي لاعب سوري ولو كان لديه جنسية و”ليسانس” بأن يلعب بفرق الدوري، إذا لم يكن يحمل الجنسية التركية منذ خمس سنوات.
خلال السنوات الماضية، نشأت في تركيا أكاديميات رياضية لتدريب اللاعبين السوريين، واجهت صعوبات مماثلة، لكنها لا تزال حاضرة وتشارك في بطولات محلية بجهود فردية أو برعاية من بعض رجال الأعمال والشركات.
ويغيب الدعم من الاتحادين الدولي والآسيوي على مستوى الجهات الرياضية السورية في تركيا، منها “هيئة الرياضة والشباب” في “الحكومة السورية المؤقتة”، إذ نفى رئيس “الهيئة”، أحمد الخطيب، في حديث سابق لعنب بلدي تلقيها أي دعم أو مساعدة من الاتحادين الدولي والآسيوي.
وتساءل الخطيب عن سبب عدم دعم “فيفا” للرياضيين “الأحرار” المناهضين للنظام السوري في الداخل السوري خارج حكم النظام، وكذلك في تركيا وبلاد اللجوء.
وبلغ عدد السوريين في تركيا المقيمين تحت “الحماية المؤقتة ” ثلاثة ملايين و186 ألفًا و561 شخصًا، بحسب أحدث إحصائية صادرة عن رئاسة الهجرة التركية في 25 من كانون الثاني الماضي.