“كوبرا”.. أنسنة الذكاء الاصطناعي
دون مقدمات، يجد غوكان نفسه أمام عالم مختلف كليًا عن عالمه الخاص، غموض وحوادث غريبة تدفعه للاعتقاد بامتلاكه قوة خارقة لمحاربة الأعداء وإنقاذ الناس.
الوصف السابق ليس لفيلم أو مسلسل ينتمي لعالم “مارفل”، بل لمسلسل تركي يُعرض حاليًا عبر “نتفليكس”، دون الاعتماد على الظواهر الخارقة والطيران والأسلحة الخيالية.
غوكان، شاب تركي يعمل في إحدى ورشات الصيانة، تغيرت حياته مذ فقد أصدقاءه في إحدى المعارك خلال خدمته العسكرية، ومنذ ذلك الحين ابتعد عن شكل حياته السابقة وأصبح أكثر تدينًا، كرد فعل طبيعي على اقترابه من الموت في لحظة ما، لكن ما سيحصل لاحقًا لا ارتباط له بالروحانيات والعلاقة بين الفرد والله، بل بالذكاء الاصطناعي.
عبر أحد التطبيقات الإلكترونية، يتلقى غوكان رسائل مستمرة تخبره بما سيحصل قبل الأوان، يحاول تجاهلها دون فائدة، وهو ما سيضعه، بعد إثبات صحتها، أمام خيار وحيد، الاستجابة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
المسلسل المكون من ثماني حلقات، ويلعب دور البطولة فيه كل من شاغاتاي أولوسوي وأسيلهان مالبورا وأهسن إرغلو، يناقش دور الذكاء الاصطناعي ومخاطره على حياة الناس في الزمن الحالي، مع تزايد الحديث عالميًا عن أدواره المقبلة، والتحذيرات المتكررة من الاعتماد عليه بشكل مفرط.
كرؤية أولى، فإن أفضل ما في المسلسل هو نزوله للواقع، لا حواسيب ضخمة وأبنية غريبة ومقار سرية، الإبهار البصري أو الصور الجمالية تأتي من الشارع واللقطات للأزقة الضيقة، وهو أمر اعتادته الدراما التركية بطبيعة الحال، إذ استفادت من اسطنبول كمدينة جميلة وجذابة.
هذا النزول صنع حبكة للمسلسل منحته صفة واقعية، وعليه فإن الرسائل التحذيرية التي يرسلها صناع العمل، ومنهم المخرجان دورلو ويامور تايلان، تصل بشكل أوضح وأسرع للمشاهد، القادر على إعادة التفكير بعديد من المفاهيم الحياتية.
هناك دعوة في المسلسل لعقلنة الأمور، إذ لا يُمنح البطل صفات خارقة، تمت أنسنته بطريقة ذكية، فهو يخاف ويقلق ويكون شجاعًا في لحظة ثالثة، يلجأ لرجل الدين والصديق والحبيبة أيضًا.
العقلنة كانت حتى في حديث غوكان مع الشيخ، لم يصور الأمر كما عادة الدراما بأن الماورائيات تصيب الإنسان ويمكن أن تتحكم بمصيره، بل وعبر مشهد صغير وسريع، يعطي نظرة مختلفة بأن العقل موجود ويجب الاعتماد عليه لتفسير ظواهر غريبة أيضًا.
العمل حصل على تقييم 6.3 على موقع قاعدة بيانات السينما العالمية (imdb)، وهو مرشح للارتفاع على اعتبار أن تاريخ عرضه لم يتجاوز أسابيع قليلة حتى لحظة نشر هذه المراجعة.
يحسب لبطل العمل، شاغاتاي أولوسوي، تطور أدائه عن أعماله السابقة، وفي نظرة سريعة لأدائه في مسلسل مشابه حمل اسم “المحافظ” وعُرض عبر الشبكة نفسها قبل سنوات، نجد أداء مختلفًا وفهمًا أكثر عمقًا للشخصية، رغم أن كلتا الشخصيتين تدور حول أمر واحد، ظاهرة خارقة لشخص ما في اسطنبول.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :