تشهد مدينة عفرين شمالي حلب توترًا على خلفية مقتل شاب من أبناء قبيلة الموالي، وبقائه لمدة 20 يومًا داخل براد الموتى في المستشفى “العسكري”.
وسمع سكان المدينة، مساء الخميس 1 من شباط، صوت إطلاق رصاص يرجح أن مصدره يعود لاشتباكات بين مجموعة من أفراد قبيلة الموالي، مع عناصر من فرقة “السلطان سليمان الشاه” (العمشات).
وجاءت الاشتباكات بعد تجمع لقبيلة الموالي أمام المستشفى “العسكري”، رافضين استلام الجثة حتى معرفة الجهة المتورطة بمقتل الشاب صطوف متعب المفضي، محملين المسؤولية للأجهزة التركية، صاحبة النفوذ في المنطقة، وفصائل “الجيش الوطني”.
وبحسب تسجيلات مصورة نشرتها القبيلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أمام المستشفى، فإن الشاب بقي داخل البراد لـ20 يومًا، وتحمل جثته علامات تؤكد تعرضه للتعذيب والتنكيل.
عامل من المستشفى نفسها، في أثناء استجوابه من طرف أبناء القبيلة، قال إن أشخاصًا ملثمين جلبوا الجثة للمستشفى، دون معرفة من هم، لكنه رجح انتمائهم لفصائل “الجيش الوطني”.
ما القصة
تحدثت عنب بلدي مع قريب صطوف، مندوب فواز العصري، لمعرفة تفاصيل التجمع حول المستشفى والاتهامات الموجهة لفرقة “العمشات”.
قال مندوب، إن القصة بدأت منذ اختطاف المهندس شيخو حاج أحمد في المنطقة، وجرى اتهام أربعة أشخاص من قبيلة الموالي من بينهم صطوف.
وسلمت القبيلة حينها المطلوبين للجهات المعنية، ما عدا صطوف، كونه رفض تسليم نفسه حتى يتعهد قائد فرقة “العمشات”، محمد الجاسم (أبو عمشة) بكفالته، وهذا ما حدث.
وتابع قريب الضحية أنه بعد تسليم المطلوبين، هاجمت جهة غير تابعة لـ”الجيش الوطني” ومقربة من المهندس المخطوف، بمهاجمة وكر العصابة وألقوا القبض عليها كاملة.
ولاحقًا جرت تبرئة الموقوفين وعددهم قرابة الـ30 شخصًا ومن بينهم ثلاثة من قبيلة الموالي، ما عدا صطوف.
وطالبت القبيلة من “أبو عمشة” الإفراج عن صطوف، لكنه رمى المسؤولية على القيادي في فرقة “السلطان مراد” التابعة لـ”الجيش الوطني”، “أبو وليد العزي”، وكلاهما شريكان بالقضية.
في 1 من شباط، وصل خبر لأبناء القبيلة من “أبو عمشة” أن صطوف توفي، ولا يعلم من هي الجهة التي حققت معه، وكان الرد أن الجهة التي استلمته هي المسؤولة (في إشارة إلى فرقة العمشات).
وعندما توجه أبناء القبيلة لرؤية الجثة كانت مشوهة، ولسان الشاب مقطوع، وأسنانه مكسورة، ورأسه مضروب، ووضف قريب الشاب الجثة بأنها “واحدة من صور قيصر، لكن بفعلة أبو عمشة، وليس الأسد” (صور قيصر مسربة تعود لمعتقلين قتلوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري).
وأضاف قريب الشاب، “رفضنا استلام الجثة حتى نعرف الجهة المسؤولة عن مقتله، لكن (العمشات) اختطفت الجثة مرتين من المستشفى وجلبته لأفراد من القبيلة مطالبة بدفنه، وهذا ما لم يحدث إلا لاحقًا، بعد أن اشتبك الطرفان قرب المستشفى.
وقال إن مثل هذه الحوادث تحدث دائمًا وجميع الأطراف (لم يحددها) مشتركة فيها، لكن يجري التكتم عليها، إما بسبب خلفية الشخص، أو لغياب من يطالب بحقه، خاصة بسبب التهديدات التي تصل ذويه.
وتحدث عن تهديدات لردع أبناء القبيلة باستخدام عبوات ناسفة، ولكن “نحن عشائر وحقنا لا يضيع أبدًا”، على حد قوله.
“العمشات” ترد
نشرت فرقة “السلطان سليمان الشاه”، بيانًا توضيحيًا، ذكرت فيه أن صطوف متعب المفضي ومجموعة من الأشخاص التابعين لنفس القبيلة، كانوا متهمين باختطاف المهندس شيخو حاج أحمد من أهالي بلبلة في عفرين، وجرت متابعة القضية وملاحقة المتهمين.
وتوسط وجهاء وأمراء من قبيلة الموالي لحل القضية، وكان الرد أن على المتهمين تسليم أنفسهم للجهات المختصة لمتابعة القضية أصولًا، ولإثبات البراءة ونفي التهمة.
وبحسب البيان، اتضح من خلال التحقيق أن الشاب متهم بعملية الخطف، إذ تعرف عليه المهندس، وثبتت عليه عدة قضايا منها الخطف والتعذيب وطلب فدية والسلب والسرقة.
وبعد أن ثبتت التهم عليه، لم تتمكن الفرقة من التدخل، ولم يبق لها دور إيجابي في القضية، حسبما ورد في البيان، الذي نفى صلة الفرقة بالتحقيق أو بتعذيب الشاب.
قضية المهندس
اختطفت عصابة غير معروفة المهندس شيخو حاج أحمد، في 26 أيلول من 2023، وأرسلت العصابة حينها تسجيلًا مصورًا لعائلة المخطوف، بينما يتعرض للتعذيب، مطالبين بإرسال مبلغ 250 ألف دولار للإفراج عنه.
تحدث مصدر خاص داخل “الشرطة العسكرية” لعنب بلدي، أن زعيم العصابة ينتمي لجماعة “حراس الدين” مع 16 شخصًا من فصائل ومن الشرطة المدنية ومدنيين.
وتمكنت “الشرطة العسكرية” من اعتقالهم عبر كمين قرب مدينة عفرين وجرى اعتقال جميع عناصر المجموعة، وإعادة المهندس لعائلته في 16 من كانون الثاني.
أحداث مشابهة
في 22 من كانون الأول 2022، توفي المحامي لقمان حميد حنّان (45) عامًا، بعد اعتقاله بيومين من قبل “الشرطة المدنية”، وأُدخل إلى المستشفى العسكري في عفرين.
ونشرت صفحات محلية، وحقوقية على مواقع التواصل الاجتماعي، صور تظهر وجود آثار تعذيب وضرب على جسد المحامي، متهمين الشرطة المدنية بمقتله.
وقال حينها قائد الشرطة المدنية في عفرين، الرائد مهند الحسين، إن سبب الوفاة احتشاء بعضلة القلب، حسب ما بيّن تقرير الطب الشرعي، وإن المحامي جرى توقيفه بجرم الانتماء لحزب “العمال الكردستاني”.
اقرأ أيضًا: الباب.. ما أسباب الانتشار المسلح لقبيلة الموالي