إيران تتنصل من هجوم تسبب بمقتل جنود أمريكيين شرقي سوريا

مقاتلة جوية أمريكية تحلق بالقرب من سفينة حربية بريطانية في الخليج العربي- 30 من حزيران 2023 (سينتكوم)

camera iconمقاتلة جوية أمريكية تحلق بالقرب من سفينة حربية بريطانية في الخليج العربي- 30 من حزيران 2023 (سينتكوم)

tag icon ع ع ع

قالت ممثلیة إيران في الأمم المتحدة إنه لا علاقة لبلادها بالهجوم الذي طال موقعًا أمريكيًا في قاعدة “التنف” شرقي محافظة حمص على المثلث الحدودي بين الأردن وسوريا والعراق، وأسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة 34 آخرين.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) اليوم، الاثنين 29 من كانون الثاني، أنه ليس لإیران علاقة بهذه الهجمات، معتبرة أن “صراعًا” يدور بين الجيش الأمريكي و”قوات المقاومة” نجمت عنه استهدافات متفرقة من الجانبين لبعضهما.

من جانبه، قال وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، عبر بيان، مساء الأحد، إن ميليشيات مدعومة من إيران مسؤولة عن الهجمات المستمرة على القوات الأمريكية، مشيرًا إلى أن بلاده سترد في الوقت والمكان الذي تختاره.

وأضاف أن حكومة بلاده لن تتسامح مع الهجمات على القوات الأمريكية، وستتخذ جميع الإجراءات اللازمة للدفاع عن الولايات المتحدة وقواتها ومصالحها.

وكان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قال، الأحد، إن ثلاثة عسكريين أمريكيين قتلوا وأصيب آخرون في هجوم بطائرة مسيرة على قوات أمريكية متمركزة في شمال شرقي الأردن قرب حدود سوريا، متهمًا جماعات مدعومة من إيران بتنفيذ الهجوم.

الهجوم الذي أسفر عن مقتل الجنود الأمريكيين، الأحد، أحدث جدلًا حول موقعه، إذ قيل في البداية إنه داخل الأراضي الأردنية، لكن الأردن نفى ذلك مباشرة، وقال إن القاعدة العسكرية المستهدفة تقع داخل الأراضي السورية بمحاذاة حدوده الشمالية.

وأضاف بايدن في بيان له، “بينما ما زلنا نجمع حقائق هذا الهجوم، فإننا نعلم أن جماعات مسلحة متطرفة مدعومة من إيران تعمل في سوريا والعراق نفذته”.

المقاومة الإسلامية في العراق” أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم، إذ قالت إنها استهدفت بطائرات مسيّرة أربع قواعد أمريكية، منها ثلاث في سوريا، هي قاعدة “الشدادي” في الحسكة، وقاعدتا “الركبان”، و”التنف”، إلى جانب استهداف رابع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

و”المقاومة الإسلامية” هي تحالف من الفصائل العسكرية التي تشير إليها الولايات المتحدة على أنها وكيلة لإيران، وتنتشر في العراق وسوريا واليمن، وهي المسؤولة عن معظم الاستهدافات التي طالت القواعد الأمريكية في سوريا والعراق منذ منتصف تشرين الأول 2023.

اقرأ أيضًا: ما أسباب تجنب الصدام المباشر بين أمريكا وإيران

وردت أمريكا على عدد قليل من هذه الاستهدافات بتنفيذ غارات جوية طالت مواقع ميليشيات مدعومة من إيران في سوريا والعراق، أحدثها كان في العاصمة العراقية بغداد، قبل أيام.

وسبق أن قال السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، العميد بات رايدر، إن وكلاء إيران يستغلون “الحرب” الدائرة في غزة لدفع أمريكا نحو الانسحاب من سوريا والعراق.

وأضاف في مؤتمر صحفي مسجل، أن وكلاء إيرانيين يحاولون الاستفادة من الحرب في غزة لتحقيق أهدافهم الخاصة.

وفي حالة العراق وسوريا، تطمح هذه الجماعات منذ فترة طويلة لرؤية القوات الأمريكية تغادر، بحسب رايدر، مشيرًا إلى أن وجود قوات بلاده في العراق جاء بدعوة من الحكومة العراقية، ويركز فقط على هزيمة تنظيم “الدولة”، دون الإشارة إلى مبررات انتشارها في سوريا.

رايدر اعتبر أن الحرب الدائرة في فلسطين تم احتواؤها، لكن وكلاء إيران مستمرون بمحاولات استغلال الموقف.

وأشار إلى أن أحدث هجوم لوكلاء إيران على القواعد الأمريكية في سوريا والعراق كان في 23 من تشرين الثاني 2023، تزامنًا مع الهدنة التي سرت في فلسطين المحتلة.

نفي مستمر

لا تعتبر المرة الأولى التي تنفي فيها إيران مسؤوليتها عن هجمات ضد قواعد أمريكية في سوريا والعراق، خصوصًا مع الاتهامات المتكررة من قبل واشنطن تتحدث عن أن جميع الهجمات التي طالت قواتها تقف طهران ورائها.

وسبق أن تحدث سفير إيران ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إرافاني، في 7 من تشرين الثاني 2023، عن أن بلاده لم تشارك قط في أي عمل أو هجوم ضد القوات الأمريكية في سوريا والعراق.

وجاءت التصريحات التي أدلى بها مندوب إيران لدى الأمم المتحدة، ردًا على رسالة من الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن، تتهم فيها إيران بالعمل ضد قواتها في سوريا والعراق، بحسب ما نقلته وكالة “مهر” الإيرانية.

إرافاني وجه رسالة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، جاء فيها أن الولايات المتحدة تحاول “إضفاء الشرعية على أعمالها العسكرية غير القانونية في سوريا”، وأن الادعاءات بأن إيران تشارك بهجمات على قواعد أمريكية في سوريا والعراق لا أساس لها من الصحة، وتهدف لـ”تبرير انتهاك الولايات المتحدة المستمر للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة في سوريا”.

وسبق أن نفى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أن تكون طهران مسؤولة عن هذه الهجمات.

إيران و”حرب الوكلاء”

في دراسة صدرت مطلع 2020، حملت عنوان “مجموعات الوكلاء الإيرانيين في العراق وسوريا واليمن: تحليل مقارن بين الوكيل الرئيس” نشرتها وكالة نظم المعلومات الدفاعية الأمريكية، وهي هيئة حكومية، طرحت من خلالها إجابات لتساؤلات حول البيئة الاستراتجية لإيران، وحرب الوكلاء التي أطلقتها ضد الولايات المتحدة منذ سنوات.

وذكرت الدراسة التي جاءت في 154 صفحة، في فصلها الأول أن جميع العمليات الهجومية الإيرانية ضد المصالح الأمريكية تقريبًا، تنفذها طهران بالتعاون مع وكيل مدعوم من قبلها، تساعده من خلال توفير المعدات والتدريب، تجنبًا للانخراط في صراع مع أعدائها.

وحول أهداف إيران قالت الدراسة، إن طهران تستخدم نهجًا ثوريًا في سياستها الخارجية التي تهدف لتحسين وضعها في الشرق الأوسط، والنظام الدولي على نطاق أوسع.

وأضافت أن أهداف سياسة طهران الخارجية المعلنة متعددة الجوانب، لكن يمكن ترتيبها في أربع فئات عريضة، هي تصدير الثورة الإيرانية، وبسط النفوذ الاقتصادي والسياسي على المنطقة، وحماية أتباع “النظام الشيعي”، وتعزيز قوتها التقليدية.

ويسعى نظام الحكم في إيران حاله حال جميع الحكومات إلى البقاء بأي ثمن، ويشمل ذلك الاستفادة من قوة الجماعات سواء كانت تتفق معها أيديولوجيًا أم لا، على سبيل المثال، بعد الحرب العراقية- الإيرانية، غض نظام صدام حسين العراقي الطرف عن نشاط جماعات سنية بمحافظة الأنبار العراقية بعمليات تهريب بضائع كانت تمنع العقوبات دخولها إلى البلاد.

بمجرد مغادرة القوات الأمريكية العراق عام 2011، استخدمت إيران المجموعات نفسها كوكلاء لاحتواء طرق الإمداد القبلية السنية، لتحقيق وصول غير مقيد إلى المواني على البحر الأبيض المتوسط مرورًا بالعراق وسوريا.

“التهديد الهجين”

مجلة “Dialogo Americas” العسكرية التي تصدرها القيادة الجنوبية الأمريكية، قالت في تقرير يتحدث عن النشاط الإيراني بشكل عام، إن إيران استخدمت أدوات غير تقليدية لاختراق وتوسيع نفوذها في مناطق من العالم، بما في ذلك أمريكا اللاتينية، خلال محاولتها تجنب صراع مسلح.

وأضافت أن طهران تراهن على العمليات النفسية والعمليات السرية، بمهاجمة أعدائها، طالما أنهم بعيدون عن حدودها.

واستندت المجلة إلى تقرير أصدرته جامعة “نافارا” الإسبانية بعنوان “The Hybrid”، جاء فيه أن الخبراء اعتمدوا مصطلح “التهديد الهجين” للإشارة إلى دمج التكتيكات والتقنيات والإجراءات غير التقليدية وغير النظامية الممزوجة بـ”الأعمال الإرهابية والدعاية والارتباطات بالجريمة المنظمة”.

أحد الأمثلة التي نفذت فيها إيران مثل هذه الاستراتيجية هو تفجير ثكنات مشاة البحرية في تشرين الأول 1983، ما أجبر قوات حفظ السلام الأمريكية على الخروج من لبنان، بحسب ما نقلته المجلة عن مدير المركز العسكري والأمني ​​في معهد “واشنطن”، مايكل آيزنشتات.

 

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة