تجار إدلب يشتكون تراكم الفئات الصغيرة من العملة التركية
يشتكي التاجر بشير الحاج رحمون وجود 70 ألف ليرة تركية من الفئات النقدية الصغيرة في صندوقه، إذ لا يستطيع التعامل بها لشراء بضائع جديدة أو تصريفها مقابل الدولار الأمريكي، بسبب امتناع مكاتب الصرافة عن قبول هذه الفئات أو تصريفها بقيمة أدنى، ويجد نفسه مضطرًا للاحتفاظ بها لحين تغيّر الظروف.
يشتري التجار في سوق “الهال” بإدلب بضائعهم بالدولار حصرًا بعد صدور قرار من حكومة “الإنقاذ” يجبرهم على التداول بالعملة الأمريكية، في حين يبيعون البضائع بالعملة التركية للباعة، ما يؤدي إلى تجميع مبالغ من الفئات النقدية التركية الصغيرة، والتي لا يستطيعون التخلص منها بسبب امتناع الصرّافين عن قبولها.
بشير الحاج رحمون، تاجر في سوق “الهال” وعضو اللجنة المسؤولة عن تسيير أمور السوق، قال لعنب بلدي، إنه حين كانت العملات التركية متداولة لم يكن لدى التجار أي مشكلات، فالشراء والبيع بنفس العملة.
وأضاف التاجر أنه مع صدور القرار القاضي بوجوب التعامل بالدولار الأمريكي في سوق “الهال”، طبُّق في الحلقة الأولى فقط من السوق أي بين التاجر والجهة الموردة، دون تطبيقه في الحلقة الثانية بين التاجر والباعة بالتجزئة (مفرّق)، بسبب عدم توفر الفئات النقدية الصغيرة من الدولار الأمريكي.
هذا الأمر أجبر التجار في السوق على بيع بضائعهم بالعملة التركية، وتصريفها إلى الدولار الأمريكي لشراء بضائع جديدة، لكن محال الصرافة تمتنع عن قبول تصريف الفئات النقدية الصغيرة من العملة التركية إلى الدولار، ما أدى إلى تراكم العملة من الفئات الصغيرة لدى التجار، وفق التاجر بشير.
بسام الجار، تاجر ومحاسب في سوق “الهال”، قال لعنب بلدي إن نسبة الفئات الصغيرة من العملة في صناديق التجار تصل إلى ما يزيد عن 25% من إجمالي المبالغ، لافتًا إلى أن الجهة الوحيدة التي تقبل أخذ هذه الفئات هي بنك “الشام”، وبنسبة لا تزيد عن 15% من إجمالي المبلغ المراد تصريفه، وبعد انتظار طويل حتى يحين دور التاجر في التصريف.
وطالب التجار في سوق الهال ممّن قابلتهم عنب بلدي الجهات المسؤولة بإصدار قرارات ترغم محال الصرافة على قبول تصريف الفئات النقدية الصغيرة من العملة التركية إلى الدولار الأمريكي.
بدوره قال التاجر بشير الحاج رحمون، إن التجار شكّلوا لجنة منتخبة في سوق “الهال” لحل المشكلات، وتواصلت اللجنة مع وزارة الاقتصاد في حكومة “الإنقاذ”، وما زالوا ينتظرون حلولًا للمشكلة، أو سيضطر التجار لعدم تطبيق قرار التداول بالعملة الأمريكية والعودة للتعامل بالعملات التركية.
سعران لصرف الليرة التركية
كحل للمشكلة، لجأ التجار لتصريف مبالغ من الفئات النقدية الصغيرة بسعر أقل من سعر تصريفها الحقيقي، أو تناقلها بسعر أقل فيما بينهم خلال التعاملات التجارية.
التاجر بسام الجار قال إن التجار يتعاملون بهذه الفئات الصغيرة من 10 و20 و50 ليرة، بسعر أقل من تصريفها الحقيقي كحل مؤقت، أي إذا كانت 100 دولار تساوي 2800 ليرة تركية، يدفع التاجر 2900 ليرة تركية من الفئات الصغيرة لشراء 100 دولار.
أحمد السيد يوسف، صاحب مكتب صرافة في مدينة إدلب، أكد لعنب بلدي امتناع محال الصرافة عن قبول الفئات النقدية الصغيرة، لخشيتهم من تراكمها في صناديقهم، وعدم قبول المواطنين بأخذها منهم.
وأضاف الصرّاف أن العملات التركية من الفئات الصغيرة تخضع لقانون العرض والطلب، فعندما يزداد عرضها في السوق تصرف بسعر أقل، لافتًا إلى أنها صارت حالة عامة في الأسواق، وأن الطلب يزداد على الفئات الصغيرة في فترات خاصة كالأعياد وشهر رمضان، لذلك تصرف بسعر أعلى من سعرها الحقيقي.
بدوره قال الصراف محمد خالد زكور، إن مرجعية الصرّافين في مدينة إدلب هي بنك “الشام”، وإن امتناع البنك عن قبول الفئات النقدية الصغيرة من التجار يشجع الصرافين على عدم قبول تداولها.
بنك “الشام” والعملة التركية
اعتمدت حكومتا “الإنقاذ” و”السورية المؤقتة”، العاملتان في الشمال السوري، الليرة التركية كعملة للتداول في حزيران 2020، كونها أكثر استقرارًا من الليرة السورية، إلى جانب تداول الدولار الأمريكي في التعاملات التجارية الخارجية.
وجاء استبدال العملة التركية بالسورية في الشمال السوري بعد وصول سعر الصرف إلى حدود 3500 ليرة سورية للدولار الواحد في حزيران 2020، وسط مطالبات من سوريين بأن يكون الاستبدال حلًا مؤقتًا لحين الوصول إلى حل سياسي.
وفي عام 2018، أنشأت “هيئة تحرير الشام” بنك “الشام” في مدينة إدلب، بعد تحويل شركة “الوسيط” للحوالات المالية التي كانت تديرها إلى بنك مالي، موقعه “البنك الصناعي” سابقًا.
وتتوزع أفرع مؤسسة البريد التركية “PTT”، التي تُعد بمنزلة بنك تركي بالشمال السوري، في 11 مدينة بريف حلب الواقع تحت سيطرة “الحكومة السورية المؤقتة”، ولا يوجد أي فرع في مناطق سيطرة حكومة “الإنقاذ”.
وتوفر مراكز البريد إمكانية فتح حسابات شخصية بنكية، يمكن للمواطن إيداع أمواله فيها أو سحب المبالغ المودعة في أي وقت، كما يتم من خلالها تسليم معاشات الموظفين، إذ مُنح الموظفون في تلك المناطق، من معلمين وشرطة وموظفي مجالس وأطباء وخطباء، بطاقات مصرفية لسحب رواتبهم، بالإضافة إلى خدمات الحوالات النقدية والشحن الخارجي.
عملة تالفة.. وعود بالتبديل
وتتعرض العملة التركية المتداولة في إدلب إلى التلف، وقد تصل نسبة التلف إلى حد رفض التجار ومحطات الوقود قبولها والتعامل بها، ولا يقتصر الأمر عليها إنما يصل إلى الدولار الأمريكي.
الصراف أحمد السيد يوسف أرجع سبب امتناع الصرافين والبنك عن تداول الفئات الصغيرة من العملة التركية، إلى نسبة التلف الكبير في هذه الفئات وعدم الاهتمام بالمحافظة عليها.
من جانبه قال المدير المالي في المؤسسة العامة للنقد في حكومة “الإنقاذ”، مصطفى عكوش، إن هناك إهمالًا كبيرًا في التعامل مع العملة الورقية التركية من قبل المواطنين، مشيرًا إلى أنه تم تبديل العملة المنتشرة في الشمال السوري ثلاث مرات بشكل كامل منذ دخولها إلى الآن.
وأضاف المدير المالي في المؤسسة، لعنب بلدي، أن سوق “الهال” يعتبر المصاف الأخير لهذه العملات التالفة، فكل من يملك عملات مهترئة لا يجد أحدًا يقبل بها ينقلها إلى سوق “الهال” عبر باعة الخضار، الذين يقبلون أخذ الأوراق النقدية دون انتباه لمدى التلف الذي أصابها، وهو ما يؤدي لتراكم مبالغ كبيرة في السوق، ولا أحد يقبل أخذها من التجار.
وتتلف الفئات النقدية الصغيرة بوتيرة أسرع بكثير من الفئات الكبيرة، نظرًا لكثرة التداول وقلة الاهتمام، وتتجمع بأيدي التجار في السوق ولا أحد يقبل أخذها، وفق عكوش.
ولفت المدير إلى وجوب الانتباه على العملات التركية المنتشرة في الشمال السوري والمحافظة عليها، وامتناع المواطنين والتجار عن قبول أخذ الأوراق التالفة، لافتًا إلى أن المؤسسة ستقوم بتبديل الأوراق التالفة مطلع العام المقبل.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :