الراعي.. ما تفاصيل الهجوم على محكمة قررت إعدام خمسة متهمين
حاول عدد من أبناء مدينة دير الزور اقتحام محكمة “الراعي” بريف حلب الشمالي، في 22 من كانون الثاني الحالي، إثر قرار أصدرته المحكمة يقضي بالإعدام بحق خمسة أشخاص من أبناء دير الزور بتهمة ضلوعهم بقضية تفجير في مدينة اعزاز قبل عامين ونصف.
وخلقت محاولة الاقتحام حالة فوضى، وأطلق المسلحون النار في الهواء أمام مبنى المحكمة، وطالبوا بإعادة النظر في القضية من قبل محكمة “الراعي”، معتبرين أن حكمها جائرًا بحق الموقوفين لديها منذ أكثر من سنتين ونصف.
نقابة المحامين تستنكر
“نقابة المحامين الأحرار- فرع حلب”، قالت عبر بيان لها إنها تستنكر ما تعرضت له المحكمة العسكرية من اعتداء، في إشارة إلى هجوم مسلح نفذه مقاتلون من أبناء المنطقة الشرقية، على خلفية إصدار حكم قضائي.
وأضافت أن “نشر صور الاعتداء على مواقع التواصل الاجتماعي يعتبر هدمًا لمؤسسات الثورة، وكسرًا لهيبة القضاء، التي لا يجوز المساس بها تحت أي ذريعة كانت”.
وذكرت النقابة أن هناك “طرقًا قانونية للطعن” في الأحكام القضائية، بعيدًا عن مشاهد الإساءة للمؤسسات العدلية والثورية أو العاملين في المحاكم، وبعيدًا عن المظلوميات التي قد تضر صاحبها أكثر مما تنفعه، وفق نص البيان.
ولفتت إلى ضرورة عمل المؤسسات القضائية على حفظ سيادة القانون، ورفع سوية الكوادر العدلية، وتفعيل دور التفتيش القضائي، ودور المحامين دون قيد أو شرط بما يحفظ سلامة وحصانة الإجراءات، وضمان حصول محاكمة عادلة لجميع الأشخاص.
تواصلت عنب بلدي مع محكمة “الراعي” للحصول على تفاصيل القضية والحكم، ومع نقابة “المحامين الأحرار” لكنها لم تتلقَ ردًا حتى لحظة نشر هذا التقرير.
حكم بالإعدام
في 22 من كانون الثاني الحالي، أصدرت محكمة “الجنايات العسكرية” في الراعي حكمًا بالإعدام بحق خمسة أشخاص من أبناء دير الزور على خلفية تفجير حصل في مدينة اعزاز منذ سنتين ونصف.
وسبقه بأيام، إصدار نفس المحكمة في 17 من كانون الثاني، حكمًا بالإعدام (مع وقف التنفيذ)، بحق أربعة أشخاص والسجن لثلاثة أشهر بحق ثلاثة آخرين وبالبراءة لشخص واحد، بقضية مقتل أربعة مدنيين كُرد في مدينة جنديرس بريف عفرين، في آذار 2023.
مصدر حقوقي في ريف حلب قال لعنب بلدي إن حكم الإعدام يصدر مع وقف التنفيذ في مناطق سيطرة “الحكومة المؤقتة”، وهناك أكثر من 100 حكم إعدام لم ينفّذ في محاكم ريف حلب.
ما القصة؟
رئيس مكتب العلاقات العامة برابطة أبناء “القورية الأحرار” وأحد وجهاء دير الزور في الشمال السوري، عبد القادر درويش، قال لعنب بلدي، إن الإعلام صوّر أبناء الشرقية أنهم “أناس همجيون” ولا يرضخون للقانون وهذا شيء جائر بحقهم.
وذكر أن إطلاق النار في الهواء أمام مبنى المحكمة، هو “خطأ بسيط” وتم تداركه، لافتًا إلى أن الاعتصام بالأساس كان سلميًا.
وأضاف درويش أنه بعد نقاش بينهم وبين مدير محكمة “الراعي”، العميد جمال الأشقر، تم الاتفاق على إعادة النظر بالقضية واستدعاء الشهود ونقل المساجين من محكمة “اعزاز” إلى محكمة “الراعي”.
وتابع أن أبناء دير الزور يقبلون بالحكم بعد إجراءات إعادة النظر فيه، مشيرًا إلى أنه وبعد نقل المساجين إلى محكمة “الراعي”، أُغلقت المحكمة ولم يصدر أي حكم منها، وينتظرون حاليًا مجريات الأحداث من المحامي الموكل بالقضية.
عامان ونصف
أوضح درويش أن القصة بدأت منذ سنتين ونصف تقريبًا في مدينة اعزاز، على إثر تفجير راح ضحيته شخص من “الشرطة العسكرية”، وكشفت الصور سيارة نوع “سنتافيه” بيضاء، فيها شخص اُشتبه فيه أنه المتسبب بالتفجير وملامحه واضحة بنسبة 60%، وجرى اعتقال المشتبه ويدعى “صخر أبو حميد”.
بعدها اعتُقل قرابة 20 شابًا من “أبناء الشرقية”، واقتصرت الأدلة على الصورة للمتهم فقط، وخرج بعد فترة من السجن بعد أن تسبب باعتقال الآخرين، وطالب الوجهاء عددًا من المحامين بالحصول على ملف التحقيق، لكن “دون جدوى”.
وذكر أنه لا توجد أدلة ومعلومات كافية لإدانة المتهمين في القضية، وأن عدة أشخاص عرضوا على إخوة وأهالي المعتقلين بالقضية مبلغ 60 ألف دولار للإفراج عنهم، لكن الوجهاء اعترضوا كونهم متأكدين من عدم تورط المتهمين بالقضية، وليس لهم مصلحة إلا بالخروج براءة، ولأن ذوي المقتول بالتفجير لن يتركوا الفاعل دون حساب.
وبعد عدة تواصلات مع قيادات في “الجيش الوطني السوري”، الذين تواصلوا بدورهم مع القضاء، طمأنهم بأن الأمور تسير للأفضل، وجرى فتح ملف جديد.
وذكر درويش أن الوجهاء تفاجأوا بأن طرق التعذيب التي تعرض لها المتهمون كانت “لا إنسانية”، وأحد المعتقلين “تكلم خلال المحاكمة أن المحقق وضع أكياس النايلون المحروقة على جسده، بينما قام القاضي باستدعائهم على مكتبه الخاص وليس إلى قوس الحكم، ليبلغهم بحكم الإعدام شخصيًا”، وفق ما قال عبد القادر درويش.
“لا ثقة بالقضاء”.. مطالب بالعدالة
من جهته قال يوسف العبدالله (أبو سيرين)، وهو أحد وجهاء قبيلة “العكيدات”، وأبناء الشرقية في مدينة عفرين، أنهم أخذوا وعودًا من القضاء بسماع الشهود وحمايتهم، والإسراع بإجراءات محكمة النقض، لكن لم يتم إلغاء حكم الإعدام.
وذكر أن قائد فصيل “أحرار الشرقية” أحمد إحسان فياض الهايس المعروف بـ”أبو حاتم شقرا” لم يكن ضمن الحراك ضد المحكمة في الراعي، ولكن بحكم تواجده في مدينة الراعي، توجه لتهدئة الوضع، وعدم حصول تصعيد أكبر ما بين أبناء الشرقية والقضاء في الراعي.
واعتبر العبدالله أن قضية الشباب الخمسة “تلفيق وتهم مزورة”، مضيفًا أن الشخص الذي اعترف عليهم خرج، ما أثار حفيظة أبناء الشرقية معتبرين أن الهدف هو الحصول على هؤلاء الأشخاص بـ”تهم باطلة”.
وتابع أن أبناء المنطقة كانوا ينتظرون حكم البراءة بسبب عدم وجود أدلة عليهم، لدرجة أن أقارب الموقوفين اشتروا الحلويات بسبب قناعتهم ببراءة أبنائهم، ليتفاجأوا بحكم الإعدام.
وأنهى العبدالله حديثه بأن أبناء المنطقة الشرقية مع العدالة والمساواة وليسوا مع “الكيل بمكيالين”، وطالب بإعادة هيكلية القضاء وانتقاء القضاة الصادقين.
وتكثر الانتهاكات في مناطق سيطرة “الحكومة المؤقتة” سواء كانت القضية مرتبطة بخلفية عشائرية أو دونها، كما تواجه عدة قضايا مصيرًا مجهولًا، خاصة إذا كان الضالعون بها من العسكر، أو تصبح طي الكتمان مثلما حدث في عملية اغتيال الناشط محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) وزوجته الحامل، في 7 من تشرين الأول 2022.
حينها اغتال مقاتلون مجهولون، تبيّن لاحقًا أنهم يتبعون لمجموعة “أبو سلطان الديري” ضمن “فرقة الحمزة” (الحمزات) التابعة لـ”الجيش الوطني”، الناشط وزوجته الحامل بمدينة الباب شرقي حلب، ورغم اعتقال الضالعين بالحادثة واعترافهم، لا تزال المطالب بكشف نتائج التحقيق حاضرة ومستمرة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :