بعد مرور ما يقارب ثلاث سنوات على انطلاق تحقيق رسمي في بلجيكا مع عشرة أشخاص على الأقل متّهمين بارتكاب جرائم حرب في صفوف النظام السوري، أعلن مكتب المدعي الفيدرالي في بلجيكا وضع أحدهم تحت مذكرة الاعتقال.
ونقلت وسائل إعلامية بلجيكية عن مكتب المدعي، في 26 من كانون الثاني، أن حسين أ. (حسين أبو حبلة) المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في سوريا “في ظل نظام الرئيس السوري بشار الأسد بين عامي 2011 و 2016، تم وضعه تحت مذكرة الاعتقال”.
وهذه هي أول لائحة اتهام في بلجيكا بارتكاب انتهاكات خطيرة “للقانون الدولي الإنساني” فيما يتعلق بالجرائم المرتكبة خلال الحرب في سوريا.
موقع “VRT NWS” البلجيكي، قال إن “الرجل المعني اعتقل قبل أيام بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بين عامي 2011 و2016″.
وقال المتحدث باسم مكتب المدعي العام الاتحادي، إريك فان دويز، إن عمليات تفتيش أجريت، في 23 من كانون الثاني، في منزل المشتبه به في بروكسل، وكذلك في عناوين شركتين مرتبطتين به”.
وأضاف أن المتهم مثل أمام قاضي تحقيق في بروكسل يوم الأربعاء، 24 من كانون الثاني، الذي اتهمه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في سوريا بين عامي 2011 و2016، ووضعه قيد الاعتقال.
كما نقل موقع “VRT NWS” عن مصادر قضائية، أن “المتهم قائد ميليشيا في سلمية، بريف حماة في سوريا، وجلاد يعمل بأوامر بشار الأسد، ويقال إنه بهذه الصفة قام بتعذيب وقتل عدد لا يحصى من الناس”.
وقرر مكتب التحقيق العام الاتحادي في بلجيكا، في 30 من آب 2021، التحقيق مع ما لا يقل عن عشرة لاجئين سوريين، وصفهم بأنهم “مجرمو حرب محتملون”، متهمين بارتكاب جرائم حرب في ظل حكم النظام السوري، بحسب ما نقلته صحيفة “Nieuwsblad” البلجيكية.
وكانت صحيفة “دي مورغين” البلجيكية قد قالت، في 31 من آب 2021، إنه بالرغم من توفر جميع الملفات بخصوص القضية التي انطلقت بحق عشرة أشخاص على الأقل متّهمين بارتكاب جرائم حرب في صفوف النظام السوري، لم تستكمل المحاكمة بسبب قلّة عدد المحقّقين، إذ عُيّن قاضي تحقيق جديد في القضية، لتستأنف المحاكمة عملها لاحقًا.
وكان حسين أبو حبلة من بين المتهمين العشرة، وهو القيادي السابق في ميليشيا “اللجان الشعبية” التابعة للنظام السوري، والذي تركز نشاطه في مدينة سلمية بريف حماه الشرقي.
وفي وقت سابق من عام 2020 أعد موقع “زمان الوصل” تقريرًا تحدث فيه عن أبو حبلة الذي لجأ إلى بلجيكا عبر معاملة لم شمل أجرتها له زوجته عام 2015، والتي كانت سبقته إلى أوروبا.
من حسين أبو حبلة
اشتهر حسين أبو حبلة، المنحدر من مدينة سلمية بريف حماة الشرقي، في بداية الثورة السورية، بأنه أول “شبيح” في المدينة، قام بالاعتداء على المظاهرات السلمية في الساحة العامة للمدينة مقابل مبنى السرايا.
وفي 20 من آذار عام 2011، ظهر أبو حبلة في الساحة العامة، في أثناء أول مظاهرة شهدتها المدينة شارك فيها حوالي 15 شخصًا، واعتدى بالضرب على المشاركين وغالبيتهم أطباء من المدينة، بحسب معلومات تحققت منها عنب بلدي.
ومع ازدياد أعداد المتظاهرين في المدينة، لم يعد لحسين إمكانية التهجم بمفرده على جموع من آلاف المتظاهرين، ما دفع به للالتحاق بصفوف “اللجان الشعبية”، والتي شكلتها شعبة “حزب البعث” في المدينة من شبيحة محليين دون أي تعويضات مالية مقابل خدماتهم.
وتحول عمل أبو حبلة حينها من التهجم على أفراد من المتظاهرين في ساحات المدينة، إلى المشاركة في العمليات المسلحة في صفوف قوات النظام في ريفي مدينة سلمية الشرقي والجنوبي وصولًا حتى مدينة حمص.
وبحسب معلومات تأكدت عنب بلدي من صحتها، فإن أبو حبلة كان يدير مكتب تكسي صغير، بالقرب من الدوار الصغير في شارع حماة وسط مدينة سلمية، وبعد انضمامه لميليشيا “الدفاع الوطني” كوّن ثروة نتيجة مشاركته بأعمال “التعفيش”، والسرقة في ريفي حمص وسلمية الجنوبي، وصار من أصحاب العقارات، واشترى العديد من الرافعات التي لا يزال يشغلها لحسابه الشخصي حتى اليوم في سوريا.
وبعد وصوله إلى بلجيكا اشترى أبو حبلة منزلًا في العاصمة البلجيكية بروكسل، وافتتح مكتبًا لسيارات الأجرة، والتي يمتلك فيها عددًا من السيارات التي تعمل لحسابه الخاص.
وفي حديث لعنب بلدي ذكر مصدر مطلع على أعمال أبو حبلة، أن غالبية أعماله في مكتب التكسي غير قانونية، إذ يشغّل حسين أبو حبلة عمالًا كسائقين بعقود مدّتها 20 ساعة أسبوعيًا، بينما يعمل السائق في مكتبه لمدة 50 ساعة أسبوعيًا، ليستفيد أبو حبلة من تعويضات العمال التي تمنحها لهم الحكومة البلجيكية، كتعويض عن ساعات العمل القليلة.
أهالي السلمية يلاحقون جلاديهم
كان فريق الجرائم الدولية لدى الشرطة الهولندية قد ألقى القبض على مشتبه بضلوعه في جرائم دولية في سوريا، وذلك في 8 من كانون الأول 2023.
وشغل المشتبه به (55 عامًا)، منصب رئيس قسم التحقيق التابع لقوات “الدفاع الوطني” (NDF) في مدينة سلمية في ريف محافظة حماة الشرقي، بين عامي 2013 و2014، ويشتبه بارتكابه أعمال تعذيب وعنف جنسي ضد المدنيين.
“الدفاع الوطني” هو مجموعة تتألف من ميليشيات محلية غير نظامية رديفة بقوات الجيش السوري النظامي.
وأكد شهود في الدعوى المرفوعة ضد المتهم بأحد محاكم مدينة دروتن في مقاطعة خيندرلاند، لعنب بلدي، أن المتهم هو المحقق في “الدفاع الوطني” رفيق القطريب الذي وصل منتصف العام الماضي إلى أوروبا، بعد أن استقر في اليونان لعدة أشهر.
وكان رفيق أحد أبرز شركاء قائد “الدفاع الوطني” في سلمية فاضل وردة، ورئيس “فرع المعلومات” في “الدفاع” وائل جاكيش، واشتهر محليًا بعمليات السرقة والابتزاز خلال انخراطه بالتحقيق مع موقوفين سياسيين لم يتجاوز عمر بعضهم 16 عامًا.