عنب بلدي – حسن إبراهيم
بسعادة وتفاؤل، تلقى السباح مصطفى شمة خبر تشكيل اتحاد لرياضة السباحة في إدلب مؤخرًا، ويترقب بفارغ الصبر تنظيم القطاع من أجل المشاركة في بطولات محلية، وسط آمال بتحقيق حلم المشاركة في بطولات دولية.
فرحة على أمل أن تكتمل مع ظهور جسم رياضي ينظم رياضة السباحة، بعد سنوات من جهود شخصية لمدربين ولاعبين من أجل إقامة بطولات، في ظل غياب فرق وأندية، وقوانين تحدد المسابقات، وبنى تحتية كبقية الرياضات.
السباح مصطفى شمة (21 عامًا) قال لعنب بلدي، إن رياضة السباحة من الرياضات الممتعة، لكن السباحين في الشمال السوري يعانون غياب البنى التحتية والتنظيم لهذه الرياضة، معتبرًا أن تشكيل الاتحاد يساعد في تعويض النقص.
ويطمح الشاب للمشاركة في البطولات الدولية، لكن تحقيق ذلك يتطلب في البداية تنظيم بطولات محلية تبرز مدى القدرات الموجودة، وتلفت نظر الجهات الخارجية لدعوة اللاعبين والأندية للمشاركة.
ويرى مصطفى أن البطولات تشعل روح التنافس لدى اللاعبين والمدربين، وتخلق الدافع لتحفيز وإخراج أفضل ما لديهم من قدرات ومهارات.
خلق كوادر وبنى تحتية
في 11 من كانون الثاني الحالي، أعلنت مديرية الرياضة والشباب التابعة لحكومة “الإنقاذ” في إدلب تشكيل اتحاد للسباحة مؤلف من رئيس مجلس إدارة وأمين سر وخمسة أعضاء.
ويشرف اتحاد السباحة بشكل أساسي على صقل الإمكانيات البشرية المتوفرة، وفحص المدربين والمنقذين والحكام، ومنح الشهادات اللازمة.
مجد خليفة مدرب سباحة وأمين سر الاتحاد، قال لعنب بلدي، إن الاتحاد مسؤول بشكل أساسي عن تنظيم الرياضة وتطويرها، وليس فقط من خلال تنظيم وإعداد البطولات، إنما بالعمل على خلق البنى التحتية اللازمة من مسابح وغيرها لتطوير الرياضة وزيادة الاهتمام بها.
وأضاف خليفة أن الاتحاد يرقى بالرياضة من خلال الرقي بالكوادر البشرية المتوفرة القائمة عليها، وتدريب كوادر جديدة من مدربين وحكام ومنقذين، وفحص قدراتهم بشكل دوري سنويًا.
تحضير لموسم الصيف
يأتي الإعلان عن الاتحاد في حين تشهد السباحة قلة بالممارسة، خاصة في فصل الشتاء نظرًا إلى برودة الطقس وغياب المسابح الشتوية.
رئيس اتحاد السباحة، عبد القادر الجلبي، قال، إن مدربين وكوادر عملوا قبل تشكيل الاتحاد على تطوير رياضة السباحة، بالتعاون مع عدة مسابح لتدريب سباحين من مختلف الأعمار، ونجحوا نهاية صيف 2023 بدعم من مديرية الرياضة في تنظيم أول بطولة للسباحة في الشمال السوري.
وبعد عدة اجتماعات بين مدربين وذوي خبرة وكفاءات وبجهود من المدرب سامي بدلة، رئيس ألعاب القوى، وبدعم من المديرية العامة للرياضة والشباب، استطاعت هذه الخبرات تشكيل اتحاد السباحة، وفق الجلبي.
وأوضح الجلبي أن الاتحاد يهدف بشكل رئيس لإنشاء جيل من السباحين لجميع الحركات الحرة والظهر والصدر والفراشة، وتنظيمهم ضمن سجل مخصص لدى مديرية الرياضة والشباب، ودعمهم من جميع الجوانب، لافتًا إلى وجود ستة أندية يضم كل منها خمسة لاعبين على الأقل حاليًا.
وذكر أن الاتحاد يعمل على التحضير لموسم الصيف، وتنظيم البطولات ووضع خطط التعليم والتدريب وإعداد الحكام والمنقذين، وإعداد دراسة للبنى التحتية اللازمة وفق الإمكانيات المتاحة لدى مديرية الرياضة، مشيرًا إلى أن ذلك سيتضمن دراسة خاصة بالمسابح الشتوية.
ومن أهداف الاتحاد وضع مراكز تدريب للأطفال واليافعين والشباب، لحل مشكلة الغرق في المسابح والأنهار، وصقل مهارات اللاعبين وفتح الباب أمامهم للمشاركة في بطولات دولية وإقليمية.
بطولات خجولة
رياضة السباحة في إدلب تفتقر إلى البنى التحتية، مع غياب جهة رسمية تنظم البطولات قبل تشكيل الاتحاد الأخير، على الرغم من تجارب خجولة لإقامة سباقات وبطولات، منها سباق سباحة حرة للأطفال في 2021.
وفي 3 من أيلول 2023، أقيمت فعاليات بطولة “القلمون” الأولى للسباحة لمدة يوم واحد بإدلب، وشاركت فيها ثمانية فرق بالإضافة إلى تسجيل فردي من لاعبين راغبين بالمشاركة، وبلغ عدد المشاركين في البطولة 70 سباحًا من مختلف الفئات العمرية.
ونُظمت البطولة الأولى من نوعها بالمسبح “البلدي” في إدلب، وقال خالد الخطيب، أحد منظمي البطولة، إنها كانت برعاية نادي “دمشق القلمون” وبإشراف مديرية الرياضة والشباب في حكومة “الإنقاذ”، وتنظيم فريق “رقي للثقافة والتطوير”.
وتضمنت البطولة سباق 50 مترًا و100 متر حرة للرجال فقط، و50 مترًا بالصدر و50 مترًا بالظهر، وسباق تتابع خاصًا بالفرق والمسابح المشاركة.
ونُظمت البطولة الأولى من نوعها قبل العمل على تدريب الحكام والمدربين وتعريف المتسابقين بقواعد وقوانين السباقات، لذلك اضطرت الجهات المنظمة إلى عدم حساب الأخطاء بسبب جهل اللاعبين بالقواعد.
وشهدت أجواء تنافسية رغم عدم التحضير الجيد لها، وتدريب اللاعبين بأنهار ومسطحات مائية غير مؤهلة للسباحة.
المسابح متنفس الصيف
خلال السنوات الماضية، برزت مشكلة قلة الاهتمام برياضة السباحة في إدلب مقارنة برياضات أخرى، ومع تردي الواقع المعيشي والاقتصادي كانت المسابح على أطراف القرى والمدن متنفسًا أكثر من كونها مكانًا لممارسة الرياضة بشكل دوري وبإشراف مدربين.
وتنشط المسابح في الصيف مستقبلة الأهالي للترويح عن أنفسهم وقضاء أوقات برفقة عائلاتهم، مقابل مبالغ كأجرة لذلك.
ورغم ذلك، تراجع الإقبال عليها في صيف 2023، وبات أصحاب المسابح الخاصة يبحثون عن حلول من خلال تقديم عروض تتضمن أجورًا مخفضة، بينما فضّل بعضهم فتح المسبح للجميع كالمسابح العامة، ووضع رسوم منخفضة لدخول الشباب.
ويبلغ إيجار المسبح الخاص عادة 50 دولارًا نهارًا و25 دولارًا ليلًا، أما أجرة المسبح للحفلات والمناسبات فوصلت إلى 125 دولارًا أمريكيًا بسبب استئجار الكراسي والطاولات اللازمة للمناسبة.
ويرى الأهالي أن هذه الأجور مرتفعة وباهظة، إذ يبلغ تصريف 50 دولارًا أمريكيًا حوالي 1500 ليرة تركية (العملة المتداولة)، في حين لا تتجاوز أجرة العامل في أحسن الأحوال من 70 إلى 100 ليرة تركية (نحو ثلاثة دولارات)، ويفضّلون صرف هذا المبلغ على الأولويات كالغذاء والدواء.
شارك في إعداد التقرير مراسل عنب بلدي في إدلب أنس الخولي