عوائد لا توازي الجهد.. مربون باللاذقية يبيعون أبقارهم

  • 2024/01/28
  • 1:21 م
عوائد لا توازي الجهد.. مربون باللاذقية يبيعون أبقارهم

تكاليف تربية الأبقار مرهقة للمربين في اللاذقية (بيع الأبقار في سوريا/ فيس بوك)

اللاذقية – ليندا علي

باع “أبو سليمان”، وهو مربي حيوانات ستيني من محافظة اللاذقية، معظم قطيعه الذي كان يمتلكه من الأبقار، ليتضاءل العدد من سبع أبقار عام 2018 إلى بقرتين اثنتين اليوم، نتيجة استمرار ارتفاع تكاليف الإنتاج، وانخفاض القوة الشرائية، ما حرمه وبقية المربين من هامش الربح الناتج عن بيع الحليب، بما يكفي متطلبات الحياة، ويوازي تعبهم.

وقال “أبو سليمان” (69 عامًا) الذي يعيش في قرية المختارية بريف اللاذقية، إنه يفكر اليوم في الإبقاء على بقرة واحدة، بعد أن دفع نحو ثلاثة ملايين ليرة سورية صيف عام 2023، لعلاج بقرته من مرض التهاب الكبد (أبو صفار).

وسجل سعر مبيع الدولار الأمريكي الواحد أمام الليرة السورية 14900 ليرة، وقت تحرير هذا التقرير، وفق موقع “الليرة اليوم” المختص بأسعار صرف العملات.

وفصّل المربي التكاليف التي يتكبدها لتربية الأبقار، فكل واحدة تحتاج إلى علف بقيمة 1.3 مليون ليرة شهريًا، إضافة إلى 75 ألف ليرة أخرى ثمن التبن، وهو نوع آخر من الأعلاف مصنوع من سنابل القمح اليابسة.

ويشتري “أبو سليمان” العلف من السوق السوداء، ويفضّله على العلف الذي يحصل عليه من الجهات الرسمية بسعر أقل، ويبرر الأمر بأن العلف الذي تقدمه مؤسسة الأعلاف “مضروب ومعفن وما بيسوى”، ويتسبب بأمراض هضمية خطيرة للأبقار.

ويرفض “أبو سليمان”، كحال عديد من مربي الأبقار في اللاذقية، شراء العلف من مؤسسة الأعلاف للسبب ذاته، وحين يشتكون يتم إخبارهم أن “هذا هو الموجود”.

يضاف إلى التكاليف السابقة تكاليف العلاج لدى الطبيب البيطري، الذي يأخذ في كل مرة ما لا يقل عن 100 ألف ليرة، تتضمن المعاينة وأجرة النقل، فغالبًا يأتي على دراجة نارية تخفيفًا لأجور السيارات (التكاسي).

كما أن البقرة تحتاج إلى لقاح كل 20 يومًا، بمبلغ 10 آلاف ليرة، و75 ألف ليرة ثمن فيتامينات كل عشرة أيام.

وأضاف “أبو سليمان” أن بقرته تنتج نحو 15 كيلوغرام حليب يوميًا بشكل وسطي، ويبيع الكيلو بسعر ستة آلاف ليرة، مشيرًا إلى أنه يتبقى له شهريًا حوالي 700 ألف ليرة من كل بقرة في حال لم يضطر لدفع تكاليف الطبيب البيطري، وهو لا يرى هذا المبلغ يوازي جهده الكبير في العناية بالأبقار.

أدوية سيئة.. تحذير من الانقراض

يؤكد كثير من مربي الأبقار أن الأدوية البيطرية المنتشرة حاليًا سيئة ودون المواصفات المطلوبة، وفي بعض الحالات، ينصح الطبيب البيطري بإعطاء البقرة أدوية بشرية، كونها أكثر فاعلية بالنسبة للحيوانات.

هذا الأمر حدث مع جابر (58 عامًا) من قرية الهنادي جنوبي اللاذقية، الذي اشترى لبقرته الصغيرة أكثر من 90 حقنة (إبرة) دواء بشري لعلاجها من التهاب الكبد، مشيرًا إلى أنه دفع عليها أكثر من 1.5 مليون ليرة.

وقال إنه طيلة فترة العلاج الذي استمر لأكثر من شهر، كان يرمي الحليب لأنه غير صالح للاستهلاك البشري، ما ضاعف الخسارة لديه.

ولم يكن هذا أسوأ ما واجهه مؤخرًا، إذ عانت بقرته الثانية من مضاعفات خلال عملية الحمل والولادة، ولم تنفع معها الولادة الطبيعية، فاضطر للاستعانة بطبيب بيطري أجرى جرحًا في بطنها بما يشبه العملية القيصرية، إلا أن البقرة ماتت ودفع أجرة الطبيب البيطري 900 ألف ليرة.

وكان رئيس فرع اتحاد الفلاحين في اللاذقية، أديب محفوض، حذّر من انقراض الثروة الحيوانية في المحافظة، نتيجة ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج.

وقال نهاية عام 2023، إن عدد رؤوس الأبقار في اللاذقية يبلغ نحو 30 ألف رأس بقر، مشيرًا إلى أن تربيتها تراجعت بنسبة 40%، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار منتجاتها.

وأضاف أن ارتفاع مستلزمات الإنتاج يكلف المربين أعباء مادية كبيرة، وأن ما تقدمه مؤسسة الأعلاف لا يكفي حاجة الأبقار.

وعلى مستوى سوريا، يعاني مربو المواشي والطيور ظروفًا صعبة متعددة، دفعت كثيرًا منهم للتفكير بترك المهنة، سواء بوجود بدائل عن هذه المهنة أو دونه، فقد بات كثيرون مضطرين لبيع مواشيهم، إن توفر من يشتري، أو ذبحها، للتخلص من عبء مصروفها.

وهناك عوامل أثّرت على عدم الاستمرار في دعم قطاع الثورة الحيوانية، منها تراجع مساحات الرعي بشكل كبير، ونفوق أعداد كبيرة من رؤوس الماشية، نتيجة تفشي الأمراض بينها، وارتفاع أسعار الأدوية البيطرية، إلى جانب ارتفاع أسعار الأعلاف، بالإضافة إلى شيوع ظاهرة تهريب الماشية إلى المناطق والدول المجاورة بقصد التربح منها.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع