ضربت عاصفة مطرية غزيرة مخيمات شمال غربي سوريا، الأسبوع الماضي، وهي العاصفة الثانية التي تضرب المنطقة خلال أسبوع واحد، منذرة بمعاناة شتاء جديدة تثقل كاهل أهالي الخيام.
الأمطار الغزيرة خلفت سيولًا وفيضانًا في روافد نهر العاصي وألحقت أضرارًا بمئات المخيمات التي تفتقر للمصارف الصحية وتعد البنية التحتية بها معدومة.
تسربت الأمطار والسيول إلى 43 مخيمًا في ريفي حلب وإدلب، ويقدر عدد العائلات التي تضررت خيمها بشكل كامل 157 عائلة، إلى جانب تضرر 369 خيمة بشكل جزئي، بحسب ما نقله “الدفاع المدني السوري” عبر موقعه الرسمي.
تركزت أضرار العاصفة المطرية بشكل أكبر في مناطق ريف إدلب الغربي، وأضرارها لم تقتصر على المخيمات، بل امتدت للطرقات الواصلة لهذه المخيمات، وللأراضي الزراعية، والقرى والمدن والبلدات المحيطة.
وتسببت السيول بانهيار جدار في مسكن مؤقت في مخيمات “أطمة” شمالي إدلب، وانهيار جزئي لمنزل طيني في بلدة تقاد غربي حلب، وتصدع جدار منزل في بلدة الفوعة، وانهيار صخري على خيام لإيواء الناجين من الزلزال ضمن مخيم “الشرفة” غربي إدلب، وانهيارات صخرية أخرى على طرقات في منطقتي كفرتخاريم وبداما في ريف إدلب، بحسب الدفاع.
ضرر بالغ
قال مدير مخيم “أرض الوطى” في كفر عروق، مصطفى محمود الأحمد، لعنب بلدي، إن أهالي المخيم تجهزوا للعاصفة بأدوات بسيطة تمثلت بحفر خنادق جانب كل خيمة، فالمخيم يقع بوادٍ ولا يوجد في بعض الطرق تصريف للمياه.
وتسببت العاصفة بتسرب المياه إلى الخيام وفاضت “الحفر الفنية” ما تسبب بضرر كامل لـ100 خيمة، بالإضافة لضرر جزئي لأكثر من 80 خيمة، وأسهم الدفاع المدني بفتح الطرقات المحيطة، بحسب ما ذكره مدير المخيم.
خيام أغلبية الأهالي مهترئة وعمرها يفوق الأربع سنوات، ولم يحدث استبدالها أو تركيب عوازل، ولذلك تضررت بعض الخيام بشدة واضطر القاطنون فيها إلى اللجوء إلى جيرانهم وأقاربهم ليحتموا بنفس الخيمة.
يقطن في المخيم نساء وأطفال، بالإضافة إلى أطفال أيتام الأب والأم، وأشخاص من ذوي الإعاقة، ومقعدون، وعجائز، وقد تسببت العاصفة بتوقف قرابة 60 إلى 70 طفلًا عن الذهاب للمدرسة بسبب انقطاع الطرق.
واستغرب مدير المخيم أنه وعلى الرغم من مرور أسبوع على العاصفة لم تقدم أي منظمة لتقديم يد المساعدة ولم يحدث أي تغيير، فالخيام للآن دون عوازل والخيام المتضررة لم يجر استبدالها.
ولم يتح توالي المنخفضات فرصة للأهالي المتضررين، لتجفيف أثاث خيمهم من إسفنجات وبطانيات، ما تركهم حتى الآن مع أثاث مبلل.
ودعا الأحمد الجهات المسؤولة والمنظمات الإنسانية لتقديم خيام ومواد تدفئة على الأقل للأهالي الذين تضررت خيمهم بشكل كامل، وأضاف أنه ومنذ بداية فصل الشتاء لم يصل لسكان المخيم سوى سبعة أكياس من البيرين (يصنع من لب الزيتون) الذي يستفاد منه بالتدفئة بديلًا عن الحطب.
تجهيزات “بسيطة”
علي محمد العثمان القاطن في مخيم “أرض الوطى”، قال لعنب بلدي إنه جمع أطفالي ليلة العاصفة وشرع في حفر خنادق بسيطة حول الخيم، ولكن غزارة الأمطار ألحقت الأضرار بخيمته المهترئة وأغرقت فرش الخيمة.
“كان أطفالي يرتجفون ما اضطرني في نهاية المطاف إلى نقلهم إلى خيمة الجيران الأقل ضررًا”، أضاف علي، وأعرب عن حزنه بسبب عدم تمكن أطفاله من الذهاب إلى المدرسة في أيام الامتحانات بسبب العاصفة التي أغرقت الطرق.
ونقل علي خيمته بعد العاصفة إلى مكان مرتفع أكثر وحاول خياطة وترقيع الأجزاء التي مزقت منها إثر العاصفة، فليست لديه إمكانية لشراء “شادر” (غطاء بلاستيكي) وحاول تدفئة أطفاله عبر حرق مواد بلاستيكية ونايلون.
بعد مرور العاصفة بدأ الأهالي، وبمن فيهم علي، بإضافة التراب على أطراف خيمهم وحفر سواقي حول الخيمة، وشد حبال الخيام بإحكام تجهيزًا للمنخفضات القادمة.
45 ألف عائلة
قال مدير المديرية العامة للشؤون الإنسانية، خالد العمر، إن وزارة التنمية والشؤون الإنسانية في حكومة “الإنقاذ”، قيمت الاحتياجات وجهزت خطة لتخديم الأهالي المتضررين جراء العاصفة المطرية، وبدأت بتنفيذها بعد توقف العاصفة لعدد من المخيمات والعوائل المتضررة.
وقسمت الاحتياجات إلى قسمين “الحالات الطارئة” التي ستنقل بشكل مباشر إلى كتل سكنية ومراكز إيواء إلى حين تجهيز مساكن لنقلهم إليها.
والقسم الآخر شاركته مع الجهات الإنسانية، للبدء بتخديم العوائل من خيام وشوادر (غطاء بلاستيكي) وعوازل وسللًا غير غذائية “NFI” .
وأضاف العمر أن عدد المخيمات المتضررة بلغ 416 خيمة، ويقطن في هذه المخيمات 94465 عائلة، وتضرر منها 45174 عائلة.
إلى جانب أن عدد الشوادر المهترئة وصل إلى 70634، ويقدر عدد الاحتياج إلى عوازل حرارية بـ 46559 عازل.
خطط المنظمات والفرق
عضو مجلس أمناء منظمة “بنفسج”، قتيبة سيد عيسى، قال لعنب بلدي، إن المنظمة تستعد لمثل هذه الظروف قبل فصل الشتاء، إذ شكلت لجانًا مجتمعية خاصة لمثل هذه الحالات لجمع المعلومات وتقييم الاحتياجات والمشاركة بتقديم الخدمات.
وأضاف أن المنظمة استجابت خلال العاصفة في أربع مخيمات لنحو 410 عائلات، في مناطق مختلفة منها مخيمات في منطقة حارم وعين شيب وخربة الجوز.
وشملت الاستجابة توفير موارد التدفئة والبطانيات والفرش والسلل الغذائية العوازل والألبسة والخبز والخيم.
وتوجد خطط قادمة من قبل المنظمة لتقديم مواد “NFI” غير الغذائية ومواد نظافة خاصةً في مناطق جسر الشغور، بحسب سيد عيسى.
ومن بين العوائق التي اصطدمت بها “بنفسج” في أثناء محاولتها تغطية الاحتياجات انخفاض الدعم الدولي بنسب مختلفة.
قال مدير مكتب فريق “ملهم” التطوعي في الشمال السوري، عبد الله السويد، لعنب بلدي، إن الفريق زار عددًا من المخيمات المتضررة ليلة العاصفة في منطقة اعزاز شمالي حلب لتقييم الاحتياجات.
واستجاب لمخيم “أحباب الرحمن” وأمن له مواد تدفئة وعدة سلل “NFI” وخيمة لعائلة واحدة كانت قد وقعت على ساكنيها.
بالإضافة إلى استجابته إلى مخيم العبود الذي تضرر أثر العاصفة وانقطع الطريق إلى المخيم، بمواد تدفئة وسلل غذائية حيث أن المخيم تضرر بسبب العاصفة وانقطع الطريق إليه.
وفي مدينة دارة عزة استجاب الفريق خلال العاصفة لـ10 خيام خيام و57 عائلة وزع عليها مواد الفحم والمدافئ، وفي إدلب كانت الاستجابة لحالات فردية تعرضت خيامها لإتلاف نتيجة العاصفة مثل مخيم العدالة ومخيم التح وتقديم خيم وسلل “NFI”، بحسب السويد.
وأضاف أن الفريق حدد خطة عمل لأربعة مخيمات للاستجابة لها، في منطقة اعزاز ومارع، مبدئيًا ومن الممكن أن تزيد إلى سبعة مخيمات، ومن ضمن الخطة توزيع مادة الفحم والتدفئة لسكان المخيمات البالغ عددهم 185 عائلة.