عمان ترفع “سقف التوتر” مع دمشق بشأن “تحالف المخدرات”

  • 2024/01/26
  • 12:42 م
جنود أردنيون في موقع حدودي (الممكلة)

جنود أردنيون في موقع حدودي (الممكلة)

لم تتأخر عمان في الرد على بيان وزارة الخارجية السورية في 23 من كانون الثاني، الذي انتقد الضربات الأردنية لمواقع ونقاط في الجنوب السوري بغرض مكافحة عمليات تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن.

بيان الخارجية السورية الذي اعتبر الضربات الأردنية غير مبررة، وأشار في الوقت نفسه إلى ما قال إنه تدفق عشرات آلاف “الإرهابيين” وكميات هائلة من الأسلحة من دول الجوار ومنها الأردن، تبعه رفض أردني جاء على لسان المتحدث باسم الخارجية، سفيان القضاة، الذي قال إن أي إيحاءات بأن الحدود الأردنية كانت يومًا مصدرًا لتهديد أمن سوريا، أو معبرًا لـ”الإرهابيين الذي كان الأردن أول من تصدى لهم”، مرفوضة.

أشار المسؤول الأردني إلى أن عمان زودت “الحكومة السورية” خلال اجتماعات “اللجنة المشتركة” بأسماء المهربين والجهات التي تقف وراءهم، وبأماكن تصنيع المخدرات وتخزينها وخطوط تهريبها، ضمن سيطرتها، إلا أن أي إجراء حقيقي لتحييد هذا الخطر لم يتخذ، لافتًا إلى أن محاولات التهريب شهدت “ارتفاعًا خطيرًا” في عددها.

هذه الجزئية بدت ردًا ونفيًا لما ورد في بيان الخارجية السورية من اتهام للأردن بعدم التعاون، وحديث عن رسائل من مسؤولين في النظام إلى نظرائهم الأردنيين، ولم تلق ردًا أو استجابة.

وينسجم التصريح الأردني مع ما جاء أيضًا على لسان مدير الإعلام العسكري في الجيش الأردني، مصطفى الحيارى، الذي أشار، في 7 من كانون الثاني الحالي، إلى مسؤولية تقع على عاتق “الدولة السورية”، وأن تواصلًا حصل أكثر من مرة بين عمان ودمشق بشأن تهريب المخدرات، لكنه لم يؤتِ ثماره.

دبلوماسية وحزم

إلى جانب ما حمله من حزم وجدّية عكستها سرعة الرد، لم يخلُ الرد من دبلوماسية عبّرت عن نفسها بالاستعداد للمضي في التنسيق مع “الحكومة السورية” لوقف عمليات التهريب، ومحاسبة منفذيها وداعميها، وتوقعات بأن “الأشقاء في سوريا” سيتخذون إجراءات وخطوات عملية وفاعلة وسريعة ومؤثرة ضد عمليات التهريب نحو الأراضي الأردنية.

الدبلوماسية الأردنية هذه سبقها، في 20 من كانون الأول 2023، تقرير نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، ذكر أن مضاعفات الحالة الأمنية على الحدود الأردنية- السورية، انعكست سياسيًا على مستوى الاتصالات بين الجانبين، التي باتت شبه مقطوعة.

وأشار التقرير إلى حالة انزعاج أردني، من عدم إيفاء الجانب السوري بالتزاماته العسكرية والأمنية على الحدود “المحمية من جانب واحد”.

الأردن يرفض انتقادات النظام السوري بشأن ضرباته في سوريا

سجال علني

الخبير الاستراتيجي والباحث غير المقيم في معهد “ستيمسون” بواشنطن عامر السبايلة، أوضح لعنب بلدي، أن التصريحات بين عمان ودمشق وصلت إلى حالة سجال علني، وهذا مؤشر واضح على وجود خلل في التنسيق وإدارة الملف وإيجاد حلول.

وقال السبايلة إن الأردن يواجه هذه الظاهرة غير المتوقفة (تهريب المخدرات) والتي بدأت تأخذ أبعادًا جديدة لا يمكن السكوت عنها، والمشكلة قادمة من سوريا ومن الحدود السورية، سواء كانت ضمن سيطرة النظام أم خارج سيطرته.

ويحاول الأردن الحفاظ على خطوط التواصل باعتبارها أساسًا لإيجاد حلول لهذه المشكلة، كما يؤمن الأردن أن إغلاق قنوات التواصل لن يفيد، وهناك خشية من توظيف هذه الحدود ضمن المشهد الإقليمي الأكبر، كون الشحنات التي يجري تهريبها اليوم لا تقتصر على المخدرات، وتشمل أسلحة نوعية ومتفجرات، ومؤشرات على واقع جديد.

“فكرة السجال غير مجدية، الأردن سيقوم بكل ما يتطلبه أمنه القومي، والسوريون معنيون بإثبات السيطرة على أراضيهم، وتحويل العلاقة مع المحيط إلى علاقة إيجابية، كونها شكلت سابقًا نقطة تحول في العودة إلى الجامعة العربية”، أضاف الخبير الأردني.

كما اعتبر السبايلة أن التصعيد حاصل، والرسائل ترسل عبر الإعلام، مبينًا أن الأردن لن يتخلى عن الخطوات التي يقوم بها، مع ضرورة ألا يترك الجانب السوري الأمور خارج السيطرة، وتحديدًا في هذه المرحلة التي يمكن أن تقود لاحقًا إلى حلول أكثر إيجابية، وفق رأيه.

النظام يصعد ضد ضربات الأردن في الجنوب السوري

“مشروع إيراني”

وخلال مقابلة أجراها مع قناة “المملكة“، الأربعاء الماضي، قال وزير الإعلام الأردني الأسبق، سميح المعايطة، إن الأردن بلد لا يحب الصخب، ولا يحب الدخول في حالات الردح السياسي.

وأضاف المعايطة أن الأردن سعى بأول زيارة للملك عبد الله الثاني إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس جو بايدن، لفتح ملف سوريا، والذهاب لإعادة تأهيلها وفك الحصار عنها.

ويرى المعايطة أن تهريب المخدرات مشروع إيراني لاختراق الأردن، والمخدرات جزء من أدواته، فالضرب المتكرر على الحدود قد يحولها إلى خاصرة ضعيفة، وفق تعبيره.

“هو تحالف بين تجار المخدرات ومن يصنعها، وبين الميليشيات الإيرانية، وبعض المؤسسات في الدولة السورية المستفيدة ماليًا من الموضوع، هذه هي المعادلة الرباعية، والهدف هو الأردن”.

وزير الإعلام الأردني الأسبق سميح المعايطة

“تبرير إخفاق “

نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” الثلاثاء الماضي، عن مصادر أردنية لم تسمها، أن البيان الرسمي السوري جاء “تبريرًا لإخفاق مؤسسات النظام، وعدم جديتها في تنفيذ ما جرى التوافق عليه خلال الاجتماعات الأمنية التي انطلقت منذ صيف العام الماضي”.

كما اعتبرت المصادر أن التصريحات جاءت “محاولة لاحتواء غضب” مناطق الجنوب السوري، من عشائر وسكان يتهمون النظام بالتحالف مع ميليشيات التهريب، وبأن جهات محسوبة على النظام تغامر بأمن وسلامة السكان المدنيين.

مصدر سياسي أردني قال للصحيفة إن البيان الرسمي السوري جاء مشبعًا “بالمغالطات حتى لا أقول الأكاذيب”، معتبرًا أن الجانب السوري لم يلتزم بتطبيق ما خلصت إليه اجتماعات أمنية بين الطرفين، وما أنتجت من توصيات، وأن جميع ما جرى الاتفاق عليه لم ينفذه السوريون.

كما قدّم الأردن للسوريين معلومات كاملة عن مواقع تصنيع المخدرات وعناوين لمهربين، لكن الجانب السوري لم يحرك ساكنًا، وهو ما لا يمكن التعامل معه بحسن نيّات، وفق المصدر ذاته.

اقرأ المزيد: لماذا لا تعلق دمشق وعمان على ضربات الأردن في سوريا

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا