أمريكا “لم تعد مهتمة” بالوجود في سوريا والعراق

جنود من مشاة البحرية الأمريكية يجرون تدريبات بالقرب من قاعدة التنف التابعة للتحالف الدولي شرقي محافظة حمص- 7 من أيلول 2018 (القيادة المركزية الأمريكية)

camera iconجنود من مشاة البحرية الأمريكية يجرون تدريبات بالقرب من قاعدة التنف التابعة للتحالف الدولي شرقي محافظة حمص- 7 من أيلول 2018 (القيادة المركزية الأمريكية)

tag icon ع ع ع

قال مسؤولون أمريكيون إن الولايات المتحدة لم تعد مهتمة بالانتشار العسكري في سوريا والعراق وقد تنسحب من المنطقة مستقبلًا، خصوصًا مع تنامي المطالب العراقية بانسحاب قوات التحالف الدولي.

ونقلت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، الأربعاء 25 من كانون الثاني، عن أربعة مصادر داخل وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين (لم تسمّهم) أن البيت الأبيض لم يعد مهتمًا بمواصلة المهمة التي يرى أنها “غير ضرورية” في سوريا، وتجري الآن مناقشات داخلية نشطة لتحديد كيف ومتى يمكن أن يتم الانسحاب.

من جانبه نقل موقع “المونيتور” الأمريكي عن مصادر مطلعة على مناقشات لتحديد آلية وتوقيت الانسحاب من سوريا (لم تسمّه) أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) طرحت خطة لحلفائها السوريين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، للدخول في الحملة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” بالشراكة مع النظام السوري.

وأضاف أن هذه الخطة جاءت كجزء من مراجعة متجددة لسياسة الولايات المتحدة في سوريا والتي تجري حاليًا في وزارة الخارجية الأمريكية، والتي تم استغلالها من قبل تركيا، الحليف الرئيسي لحلف شمال الأطلسي (ناتو).

الموقع الأمريكي تحدث عن أن الخطوط العريضة للاستراتيجية المقترحة جرى تناولها خلال اجتماع عقده مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض بناءً على طلب من وزارة الدفاع لتشكيل لجنة سياسات مشتركة بين الوكالات، تضم ممثلين عن وزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية ووكالة المخابرات المركزية.

وأكد المصدر المطلع لـ”المونيتور” أن الطرح جرى، في 18 من كانون الثاني الحالي، مشيرة إلى أن جوهر الطرح هو حماية “قسد” خلال قتالها ضد تنظيم “الدولة” على المستوى القريب والمتوسط.

الموقع الأمريكي قال إن مصدره رفضه التعليق على ما إذا كانت الاجتماعات تنذر بانسحاب نهائي لما يقدر بنحو 900 جندي أمريكي من من شمال شرقي سوريا، أم لا.

وفي الجارة العراق، تصاعدت الأصوات المطالبة بالانسحاب الأمريكي من الأراضي العراقية، على خلفية التوتر الحاصل بين ميليشيات إيرانية، والولايات المتحدة في المنطقة، في حين نقل موقع “CNN” عن مسؤولين أمريكيين أن العراق سيجري مناقشات مع مسؤولين أميركيين، بهدف وضع خطة لسحب قوات التحالف الدولي من المنطقة.

لكن “CNN” نقل عن مسؤول أمريكي وصفه بـ”الكبير” (لم يسمه) أن “إدارة بايدن لا تفكر في سحب القوات من سوريا”.

وتواصلت عنب بلدي مع القيادة المركزية الأمريكية المسؤولة عن إدارة قوات واشنطن في الشرق الأوسط، للحصول على تعليقات حول التداولات الأحدث عن انسحاب قواتها من المنطقة، لكنها لم تحصل على رد حتى لحظة تحرير هذا التقرير.

بالتزامن مع أحداث متصاعدة

أبدت الولايات المتحدة الأمريكية علمها حول نية إيران، وميليشيات وكيلة لها في المنطقة، دفع قوات التحالف للانسحاب من سوريا والعراق، في وقت مبكر من بداية تصاعد الاستهدافات هذه المجموعات للقواعد الأمريكية في سوريا والعراق.

وقال السكرتير الصحفي لـ”البنتاجون“، العميد بات رايدر، خلال مؤتمر صحفي مسجل، في 27 من تشرين الثاني 2023، إن وكلاء إيران يستغلون “الحرب” الدائرة في غزة لدفع أمريكا نحو الانسحاب من سوريا والعراق.

وأضاف أن الجماعات الموالية لإيران تطمح منذ مدة طويلة لرؤية القوات الأمريكية تغادر، مشيرًا إلى أن وجود قوات بلاده في العراق جاء بدعوة من الحكومة العراقية، ويركز فقط على هزيمة تنظيم “الدولة”، دون الإشارة إلى مبررات انتشارها في سوريا.

ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، في 7 من تشرين الأول 2023، وصل عدد الهجمات على القواعد الأمريكية في سوريا والعراق إلى ما يقرب من 140 هجومًا، بحسب ما قالته نائبة السكرتير الصحفي لـ”البنتاجون” سابرينا سينغ خلال مؤتمر صحفي في 19 من كانون الثاني الحالي.

وأضافت سينغ خلال إجابتها على أسئلة الصحفيين في مؤتمر صحفي، أن 57 هجومًا منها طال القواعد الأمريكية في العراق، إلى جانب 83 هجومًا في سوريا.

الولايات المتحدة ردت على جزء صغير من هذه الهجمات، إذ أغارت على مواقع لميليشيات قالت واشنطن إن إيران تدعمها، في أربع مرات في سوريا، ومثلها في العراق، لكن الهجمات لم تتوقف.

أحدث الهجمات على القواعد الأمريكية أعلنت عنه “المقاومة الإسلامية في العراق”، أمس الأربعاء، إذ قالت إنها استهدفت بواسطة الصواريخ والطائرات المسيّرة، ثلاث قواعد أمريكية في العراق وسوريا، وهي قاعدة “كونيكو” شرقي دير الزور، قاعدة “مطار أربيل” في كوردستان العراق، وقاعدة “عين الاسد” الجوية غربي العراق.

و”المقاومة الإسلامية” هي تحالف من الفصائل العسكرية التي تشير إليها الولايات المتحدة على أنها وكيلة لإيران، وتنتشر في العراق وسوريا واليمن، وظهرت بشكل مفاجئ على الانترنت مع بداية الهجمات على القواعد الأمريكية، لتعلن مسؤوليتها عبر تسجيلات مصورة أحيانًا، عن معظم الاستهدافات التي طالت القواعد الأمريكية في سوريا والعراق.

اقرأ أيضًا: ما “المقاومة الإسلامية” التي تتبنى قصف قواعد أمريكية في سوريا

تعزيزات أمريكية

بالتزامن مع التصعيد في المنطقة، وتصاعد وتيرة الحديث عن نية الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا، استمر الجيش الأمريكي بالدفع بمعدات عسكرية وآليات نحو قواعده العسكرية في سوريا، قادمة من الأراضي العراقية عبر معبر “الوليد” الحدودي.

ورصد مراسل عنب بلدي في الحسكة بشكل متكرر منذ مطلع كانون الثاني الحالي، دخول أرتال عسكرية نحو هذه القواعد، فيما لم تتمكن عنب بلدي من التحقق فيما إذا كانت هذه الأرتال هي تعزيزات، أم تبديل للقوات في المنطقة.

أمس الأربعاء، قالت وكالة “سبوتنيك” الروسية، المعارضة للوجود الأمريكي في سوريا، إن الجيش الأمريكي أدخل تجهيزات عسكرية متطورة إلى قواعده شرقي سوريا، لتعزيزها في مواجهة الضربات الصاروخية التي تتعرض لها منذ ثلاثة.

وفي الوقت نفسه، تستمر التدريبات العسكرية التي تطلقها الولايات المتحدة في مناطق انتشارها بسوريا، أحدثها أعلن عنها “جيش سوريا الحرة” المتمركز بدعم من التحالف الدولي بقاعدة “التنف” شرقي محافظة حمص، في 12 من كانون الثاني الحالي.

مطالب تتصاعد في العراق

الأربعاء، أدانت رئاسة مجلس النواب العراقي الهجوم الأمريكي الذي استهدف مقار أمنية بمحافظي بابل والأنبار في إطار رد واشنطن على هجمات طالت قواعد تتبع للتحالف الدولي في سوريا والعراق.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع)، عن رئاسة مجلس النواب بيانًا جاء فيه: “ندين الاعتداء الأمريكي على المقار الأمنية في بابل والأنبار”، وأعربت عن استنكارها لاستمرار ما أسمته “التجاوز السافر” للسيادة العراقية، وعدم احترام المواثيق والاتفاقيات الدولية والثنائية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

وطالبت رئاسة المجلس بالإسراع في تنفيذ قرار مجلس النواب القاضي بإخراج القوات الأجنبية من العراق وبشكل كامل، إذ ترى أن وجود هذه القوات يهدد أمن واستقرار العراق، لافتة إلى أن “التهاون في تطبيقه مخالفة صريحة للتشريعات والإرادة الشعبية”.

من جانبه، دعا الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، اللواء يحيى رسول، المجتمع الدولي إلى تولي مسؤوليته في دعم السلم والأمن ومنع التجاوزات التي تهدد فعليًا استقرار العراق وسيادته، مؤكدًا أنه سيتم التعامل مع القصف الأميركي على أنه “فعل عدواني”.

ووصف رسول، بحسب ما نقلته “واع“، الهجوم الأمريكي بأنه “إصرار واضح على الإضرار بالأمن والاستقرار في العراق”.

وجاءت التعليقات العراقية بعد ساعات من إعلان “البنتاجون” عن توجيه ضربات لميليشيات مدعومة إيرانيًا في العراق، ردًا على هجمات ضد قاعدة “عين الأسد” الأمريكية وقوات التحالف في سوريا والعراق.

وقالت الوزارة عبر بيان، في 23 من كانون الثاني، إنها استهدفت ثلاث منشآت تستخدمها “كتائب حزب الله”، وجماعات أخرى تابعة لإيران في العراق.

ولا تعتبر مطالب العراق بسحب القوات الأجنبية، في إشارة إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”، جديدة، لكن الاستهدافات الأمريكية لمقار ميليشيات إيرانية في العراق زادت من حدة هذه المطالب مؤخرًا.

إيران تتنصل.. أذرعها تهدد

تكرر نفي إيران لمسؤوليتها عن الهجمات التي طالت القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، كما هي الحال بالنسبة للنفي المستمر لمسؤوليتها عن هجمات ميليشيا “الحوثي” في اليمن على سفن التجارة في البحر الأحمر.

وسبق أن تحدث سفير إيران ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إرافاني، في 7 من تشرين الثاني 2023، عن أن بلاده لم تشارك قط في أي عمل أو هجوم ضد القوات الأمريكية في سوريا والعراق.

وجاءت التصريحات التي أدلى بها مندوب إيران لدى الأمم المتحدة، ردًا على رسالة كتبتها الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن، تتهم فيها إيران بالعمل ضد قواتها في سوريا والعراق، بحسب ما نقلته وكالة “مهر” الإيرانية.

المندوب الإيراني وجه رسالة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، جاء فيها أن الولايات المتحدة تحاول “إضفاء الشرعية على أعمالها العسكرية غير القانونية في سوريا”، وأن الادعاءات بأن إيران تشارك بهجمات على قواعد أمريكية في سوريا والعراق لا أساس لها من الصحة، وتهدف لـ”تبرير انتهاك الولايات المتحدة المستمر للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة في سوريا”.

وسبق أن نفى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أن تكون طهران مسؤولة عن هذه الهجمات.

وفي 9 من تشرين الأول 2023، هدد السياسي العراقي هادي العامري، زعيم منظمة “بدر” السياسية والعسكرية المقربة من إيران، الأمريكيين بقوله، “إذا تدخلوا (في التصعيد بفلسطين) فسوف نتدخل، وسنعتبر كل الأهداف الأمريكية مشروعة”.

وتضم منظمة “بدر” جزءًا من قوات “الحشد الشعبي العراقي”، وهي منظمة عسكرية شبه حكومية تضم العديد من الفصائل المدعومة من إيران، بحسب وكالة “رويترز“.

في 13 من الشهر نفسه، بعد مرور نحو أسبوع على بداية المواجهات في غلاف قطاع غزة الفلسطيني، نشرت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية معلومات عن أن الفصائل العراقية تلقت رسائل متواترة من الإيرانيين، أفادت أغلبيتها بأن التدخل المباشر في الحرب يحتاج إلى ظرف آخر، وقد يحدث هذا الظرف قريبًا “بالاعتماد على اتساع رقعة الحرب ومشاركة أطراف أكثر”.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة