انطلقت اليوم، الأربعاء 24 من كانون الثاني، الجولة الـ21 من اجتماعات “أستانة”، التي تضم تركيا وإيران وروسيا والنظام السوري، بالإضافة إلى ممثلين عن المعارضة السورية.
المسار الذي عاد بعد انقطاع طويل، إذ كانت الجولة الأحدث منه في 20 من حزيران 2023، تناولته وسائل الإعلام الحكومية التابعة للنظام السوري، أو تلك المقربة منه، بالهجوم على الاجتماعات وتركيا، عبر مقالات رأي لعدد من الكتّاب.
صحيفة “البعث” الناطقة باسم الحزب الحاكم في سوريا، نشرت مقالًا اليوم، حمل هجومًا مسبقًا قبيل انطلاق الاجتماعات على الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
وجاء في المقال أنه “لا آمال كبيرة من جولة (أستانة)”، بسبب ما وصفته الصحيفة بـ”الفعل التركي اليومي بالجغرافيا السورية”، ووفق هذا الفعل، يبدو الاجتماع محبطًا.
الهدف من الاجتماعات هو “عقلنة الموقف الأردوغاني”، وفق “البعث” التي اتهمت الرئيس التركي بمحاولة تحقيق مصالحه الشخصية فقط، خاصة قبل الانتخابات البلدية في آذار المقبل.
لذا فإن هذه الأسباب هي ما تمنع الاجتماعات أن تثمر، ولن يتغير شيء على الأرض إلا بتغير الموقف التركي، بحسب “البعث”.
كما نشرت الصحيفة تقريرًا إخباريًا عن انطلاق الاجتماعات، ونقلت خلاله تصريحات لرئيس الوفد الروسي، ألكسندر لافرنتييف.
وفي حين سلطت “البعث” الضوء على عودة “أستانة”، اكتفت صحيفتا “الثورة” و”تشرين” الحكوميتان بذكر الاجتماعات ضمن صيغ إخبارية فقط، دون نشر أي تقارير أو مقالات تهاجم الاجتماعات المقبلة أو الجانب التركي والمعارضة السورية.
فيما نشرت صحيفة “الوطن” المحلية، المقربة من النظام السوري، مقال رأي جاء فيه، إن “المعطيات تشير إلى أن موسكو لم تكن ترغب بعقد جولة جديدة في الظروف الراهنة”، لكنها لم تمارس أي ضغوط لتأجيل الجلسات.
وأضاف أن الرغبة الروسية تأتي على أمل “حدوث اختراق من نوع ما” في مسار التطبيع بين النظام السوري وتركيا، وهو ملف توليه روسيا اهتمامها، باعتباره خطوة متقدمة على طريق إنجاز “70% من الحل السوري”.
ويعتبر مسار “أستانة”، الذي انطلق مطلع عام 2017، من العوامل التي أثرت على تغيّر مناطق الانتشار والسيطرة في سوريا خلال السنوات الست الماضية.
ووفق ورقة تحليلية للباحث المتخصص في العلاقات الدولية علي حسين باكير، وجدت تركيا نفسها في النصف الثاني من 2016 في مواجهة روسيا وإيران تزامنًا مع اشتداد الحملات العسكرية على مناطق المعارضة، وفي وقت تحول فيه موقف الإدارة الأمريكية، وغاب فيه الدور العربي بالمشهد السوري.
وسط هذه المعطيات، توجهت أنقرة صوب موسكو، لبناء اتفاق “وقف إطلاق نار” يحمي من تبقى من المدنيين العزل حينها، وينقذ ما تبقى من “معارضة مسلحة”، ويتيح لأنقرة البقاء في “رقعة الشطرنج السورية”، وفق الورقة التحليلية.
بدورها، تلقفت روسيا المبادرة فورًا لأنها كانت تبحث هي الأخرى عن وسيلة تتيح لها تقليل الاعتماد على آلتها العسكرية، وتحويل “انتصاراتها العسكرية” إلى مكاسب سياسية، بحسب الورقة.
بدأ مسار “أستانة” في كانون الثاني 2017، وعلى مدار 20 جولة سابقة، انعقدت لقاءات المسار بحضور قادة ثلاث دول، منها اثنتان حليفتان للنظام السوري سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا (روسيا وإيران)، وأخرى اتجهت منذ نهاية 2022 لفتح باب التقارب السياسي معه (تركيا)، وممثلين عن النظام السوري والمعارضة ومراقبين.
اقترحت الخارجية الكازاخية، في 21 من حزيران 2023، أن يكون الاجتماع الدولي بشأن سوريا، بصيغة “أستانة”، الجولة الأخيرة من اللقاءات بهذه الصيغة، لكنها أوضحت في اليوم التالي، استعدادها استئناف المفاوضات بشأن سوريا، كبادرة حسن نية، في حال تقديم طلب جماعي من الأطراف المعنية.
–