قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية، سفيان القضاة، إن أي إيحاءات بأن الحدود الأردنية كانت يومًا مصدرًا لتهديد أمن سوريا، أو معبرًا لـ”الإرهابيين الذي كان الأردن أول من تصدى لهم”، مرفوضة.
وأضاف بحسب ما نقلته قناة “المملكة” الأردنية اليوم، الثلاثاء 23 من كانون الثاني، أن تهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود السورية إلى الأردن “خطر يهدد الأمن الوطني الأردني”، مشيرًا إلى أن بلاده ستستمر بالتصدي لهذا الخطر ولكل من يقف وراءه.
القضاة أشار إلى أن الأردن زود “الحكومة السورية” خلال اجتماعات “اللجنة المشتركة” بأسماء المهربين والجهات التي تقف وراءهم، وبأماكن تصنيع المخدرات وتخزينها وخطوط تهريبها، ضمن سيطرتها، إلا أن أي إجراء حقيقي لتحييد هذا الخطر لم يتخذ، لافتًا إلى أن محاولات التهريب شهدت “ارتفاعًا خطيرًا” في عددها.
وذكر أن بلاده مستعدة للمضي في التنسيق مع “الحكومة السورية” لوقف عمليات التهريب، ومحاسبة منفذيها وداعميها.
وتوقع القضاة أن “الأشقاء في سوريا” سيتخذون إجراءات وخطوات عملية وفاعلة وسريعة ومؤثرة ضد عمليات التهريب نحو الأراضي الأردنية.
واختتم المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأردنية حديثه بأن جيش بلاده قادر على حماية حدود الأردن وأمنه من “عصابات تهريب المخدرات والسلاح”.
التعليق الأردني جاء بعد ساعات من تعليق النظام السوري، على الاستهدافات الأردنية ضمن الأراضي السورية، التي لم يتبناها الأردن رسميًا حتى اليوم.
ونقلت الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا)، عن وزارة الخارجية، اليوم الثلاثاء، أن سوريا تشدد على أنه لا مبرر لمثل هذه العمليات العسكرية داخل أراضيها، مؤكدة محاولتها احتوائها، حرصًا منها على عدم التوتر أو التأثير على استمرار استعادة العلاقات بين البلدين.
ولفتت الخارجية إلى أن “سوريا عانت منذ عام 2011 من تدفق عشرات الآلاف من الإرهابيين وتمرير كميات هائلة من الأسلحة انطلاقًا من دول جوار ومنها الأردن، مما أدى إلى سقوط آلاف الأبرياء وتسبب بمعاناة كبيرة للسوريين في مختلف مجالات الحياة وتدمير البنى التحتية”، بحسب “سانا”.
عقب عملية أمنية
قبل ساعات قليلة من انتقاد خارجية النظام السوري للهجمات العسكرية الأردنية جنوبي سوريا، أعلنت وزارة الدفاع بحكومة النظام السوري عن عملية أمنية نفذتها بمناطق متفرقة من محافظة درعا تضمنت إتلاف عبوات ناسفة، وإسقاط طائرة مسيّرة على الحدود مع الأردن.
وقالت وزارة الدفاع عبر “فيس بوك” اليوم الاثنين، إن وحدات من حرس الحدود تمكنت من إسقاط طائرة مسيرة بالقرب من الحدود السورية- الأردنية، دون الإشارة إلى مكان إسقاطها بالضبط.
وجاء إسقاط الطائرة تزامنًا مع عمليات تفكيك عبوات ناسفة مموهة على شكل صخور كانت معدة للانفجار على جانب الطريق في بلدتي بصرى الحرير شرقي درعا، والمزيريب جنوبها.
إعلان إسقاط الطائرة المسيّرة من جانب النظام يعتبر الأول من نوعه، لكن الأردن سبق وأعلن بشكل متكرر عن إسقاطه طائرات مسيّرة محملة بالأسلحة والمخدرات كانت تحاول عبور الحدود نحوه قادمة من سوريا.
سجال بعد إعلان تنسيق
سجال التصريحات بين وزارتي الخارجية، سبقه بأشهر أطروحات سياسية أردنية لتسوية “الأزمة السورية”، وتصدرت قضية أمن الحدود بالنسبة للأردن هذه الأطروحات، إذ عقدت “اللجنة الأردنية- السورية المشتركة” اجتماعها الأول في تموز 2023، لمكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود السورية إلى الأردن، بحسب ما ذكرته وزارة الخارجية الأردنية حينها.
وترأس الاجتماع من جانب النظام السوري وزير الدفاع، العماد علي محمود عباس، ومدير المخابرات العامة، اللواء حسام لوقا، ومن الجانب الأردني رئيس هيئة الأركان المشتركة، اللواء الركن يوسف الحنيطي، ومدير المخابرات العامة، اللواء أحمد حسني.
وبحسب البيان الأردني، فإن الاجتماع، الذي لم يحدد مكان عقده، بحث التعاون المشترك في مواجهة “خطر المخدرات ومصادر إنتاجها وتهريبها، والجهات التي تنظم وتدير وتنفذ عمليات التهريب عبر الحدود نحو الأردن”.
من جانبها قالت “رويترز“، إن الاجتماع هدف للحد من تجارة المخدرات المتنامية على طول الحدود المشتركة التي شهدت مناوشات “دامية” ألقي باللوم فيها بشكل رئيس على “الفصائل الموالية لإيران التي تسيطر على جنوبي سوريا”.
وجاء الاجتماع بعد أن حصل جيران سوريا على “تعهد” من النظام خلال اجتماع عمان، في أيار 2023، بالتعاون مع جهودهم لكبح تجارة المخدرات المزدهرة في سوريا، مقابل المساعدة في إنهاء وضعها المنبوذ، بحسب “رويترز”.
قصف أردني متكرر
تكررت الغارات الجوية التي نسبت للأردن خلال نهاية 2023، ومطلع 2024، إذ أظهرت استراتيجية جديدة في التعامل مع القضايا المتعلقة بتهريب المخدرات نحو أراضيها قادمة من سوريا.
أحدث الاستهدافات كانت في 18 من كانون الثاني الحالي، عندما قصف طائرات حربية مناطق سكنية في بلدتي عرمان وملح المتجاورتين، في الريف الجنوبي الشرقي لمحافظة السويداء جنوبي سوريا، ما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص، بينهم أطفال، وجرح ثلاثة آخرين.
وقال الدفاع المدني في السويداء، لعنب بلدي حينها، إن الغارات التي نفذتها طائرات جوية، الخميس 18 من كانون الثاني، أسفرت عن مقتل تسعة مدنيين وجرح ثلاثة آخرين، بينما لا تزال عمليات البحث عن مفقودين جارية.
سبق ذلك في 9 من الشهر نفسه، غارات شنتها طائرات يعتقد أنها أردنية طالت ثلاثة مواقع في محافظة السويداء جنوبي سوريا.
وفي 5 من كانون الثاني الحالي، عادت الضربات الجوية التي يعتقد أنها أردنية لتطال أهدافًا جنوبي سوريا، وسط استمرار عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود من سوريا نحو الأردن.
أيضًا في 19 من كانون الأول 2023، شنت طائرات حربية غارات يعتقد أنها أردنية استهدفت “مخابئ” لمهربي مخدرات ردًا على عملية تهريب “كبيرة” كانت قادمة من سوريا، بحسب ما نقلته “رويترز” عن مصدرين في مخابرات إقليمية، وآخر دبلوماسي غربي يتابع الوضع، لم تسمّهم.
وفي 8 من أيار 2023، أغارت طائرات حربية يرجح أنها أردنية على أهداف في منطقة اللجاة بين محافظتي درعا والسويداء جنوبي سوريا، ما خلّف ثمانية قتلى من عائلة كاملة بينهم ستة أطفال، ومهرب المخدرات البارز مرعي الرمثان.
اقرأ أيضًا: مخاوف في السويداء من غارات الأردن.. دعوات للتنسيق