العيادات الخاصة في رأس العين.. ارتفاع الأجور يفاقم معاناة المرضى
تعاني مدينة رأس العين، شمال غربي الحسكة، ارتفاع أجور المعاينة في العيادات الخاصة، ما يؤثر سلبًا على حياة السكان، ويعزز من صعوبة الحصول على الرعاية الصحية اللازمة.
وبحسب مراسل عنب بلدي في المدينة، فإن أجور معاينة الطبيب الخاص في رأس العين تتراوح بين 100 و150 ليرة تركية، وهو مبلغ كبير بالنسبة لكثير من السكان، لا سيما ذوي الأوضاع الاقتصادية غير الميسورة، كما أن ارتفاع الأجور هذا لا يتناسب مع مستوى الدخل، إذ تعمل هناء رديني (45 عامًا) في ورشة خياطة، ولا تتجاوز أجرة عملها في اليوم 35 ألف ليرة سورية (نحو 70 ليرة تركية، وفق موقع “الليرة اليوم“)، وهو مبلغ لا يكفي لسد احتياجات أسرتها أصلًا.
تعاني هناء مشكلات في المعدة، وتحتاج إلى معاينة طبية أسبوعية في عيادة خاصة، بتكلفة 100 ليرة تركية في كل مرة، وأوضحت لعنب بلدي أن ذهابها إلى الطبيب الخاص يعني اقتراضها المال من أقارب أو أصدقاء، وهو أمر لا تحبذه، مبيّنة أن ضعف الرعاية الطبية التي تقدم عبر القطاع العام دفعها للجوء إلى العيادات الخاصة، فالمستشفى “الوطني” في رأس العين يعاني نقصًا في الأطباء والأدوية، والخدمات المقدمة فيه غير كافية.
كما يعاني زياد الحلو (35 عامًا) مشكلات في القلب، تتطلب متابعة طبية متواصلة، لكن أجور المعاينة في العيادات الخاصة مرتفعة للغاية ولا تتناسب مع عمله، كونه عامل بناء يتقاضى لقاء يوم العمل 45 ألف ليرة سورية (نحو 90 ليرة تركية)، ما دفعه لتقليل مراجعاته الطبية رغم حاجته لها.
زياد اعتبر ارتفاع أجور العيادات الخاصة سببًا في عدم قدرته على الوصول للرعاية الصحية التي يحتاج إليها، وطالب باتخاذ إجراءات لمعالجة المشكلة، بما يضمن توفير الطبابة بأجور معقولة.
زيادة الأمراض الموسمية
اشتكت سمية مطر (45 عامًا)، وهي أم لثلاثة أطفال، من ارتفاع أسعار المعاينة الطبية، وعدم قدرتها على الحصول على الرعاية الصحية اللازمة لأطفالها.
وأشارت في حديثها لعنب بلدي إلى أن الشتاء يشهد زيادة في الأمراض بين الأطفال، لتصل تكلفة المعاينات الطبية في العيادات الخاصة إلى أكثر من 100 ليرة تركية، ما يمثل عبئًا كبيرًا على عائلتها، موضحة أن ضعف القدرة المالية أجبرها على اللجوء إلى العلاجات البديلة، كاستخدام اليانسون والزهورات، لعدم تمكنها من دفع أجور الطبيب وشراء الوصفات الطبية.
من جانبه، قال الطبيب محمد العساف، إن سبب ارتفاع أسعار معاينة الأطباء يعود إلى انهيار الليرة السورية والتكلفة العالية لافتتاح عيادة وتجهيزها، وتأمين الأجهزة اللازمة لإجراء الفحوصات اللازمة للمريض، ما يدفعهم إلى رفع أسعار معايناتهم،
وأشار إلى أن الأطباء يبذلون أقصى جهدهم لتقليل أسعار المعاينة، ولكنهم غير قادرين على تخفيضها أكثر، بسبب الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة في المنطقة المحاصرة.
خدمات طبية محدودة
تشكل قلة الكوادر الطبية المؤهلة في المستشفى “الوطني” برأس العين، ونقص المعدات الطبية الحديثة عائقًا بالنسبة لمراجعي المستشفى، إذ يشكك السكان في قدرة المستشفى على تقديم خدمات صحية مناسبة للمرضى فيتجهون للعيادات الخاصة عالية التكاليف بالضرورة.
مدير الصحة في مدينة رأس العين، راكان الجلود، ربط ارتفاع أسعار المعاينة الطبية بانهيار الليرة السورية وارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات، بما فيها أسعار الأدوية والأجهزة الطبية، ما يبرر ارتفاع أجور المعاينة وفق رأيه.
وأوضح المسؤول الطبي لعنب بلدي، أن غياب الدعم عن المستشفى “الوطني”، وقلة الأطباء فيه، جعل الأهالي يلجؤون إلى العيادات الخاصة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المعاينة الطبية.
وأشار الجلود إلى أن “مستشفى رأس العين يستقبل يوميًا مئات المرضى، في الوقت الذي تعمل به مديرية الصحة على جذب الأطباء لتقديم خدماتهم والتعاقد مع أطباء جدد في سبيل توفير التكاليف على الأهالي.
ثلاث عملات تربك السكان
توجد ثلاث عملات في رأس العين، العملة المتداولة هي الليرة السورية، لكن واقعها المضطرب وانخفاضها إلى مستويات غير مسبوقة أرهق الأهالي، أما العملة الثانية فهي الليرة التركية (غير متداولة بكثرة)، والثالثة هي الدولار الأمريكي.
وفي تصريح سابق لمدير غرفة التجارة والصناعة في منطقة رأس العين، هبو الهدار، قال لعنب بلدي، إن استمرار تداول الليرة السورية يشكّل عبئًا اقتصاديًا على الأهالي ويؤدي إلى زيادة نسب الفقر.
وذكر أن هذه التعاملات تؤدي إلى تعطيل النشاط التجاري، ما يتطلب إيجاد حل فعال، لافتًا إلى أن غرفة التجارة تطالب باعتماد الليرة التركية كبديل عن السورية على غرار الوضع في الشمال السوري، في إجراء من شأنه تعزيز اقتصاد المنطقة وجعله أكثر استقرارًا، ما يعود بالنفع على السكان والتجار في وقت واحد.
وتقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليهما “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، ومظلته السياسية “الحكومة السورية المؤقتة”، وتحيط بهما جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.
ولم تعتمد “الحكومة المؤقتة” الليرة التركية عملة للتداول في رأس العين وتل أبيض، رغم اعتمادها في ريفي حلب الشمالي والشرقي.
اقرأ المزيد: رأس العين.. ثلاث عملات تعقّد حركة التجارة وترهق السكان
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :