قتلت الغارة الإسرائيلية في قلب العاصمة دمشق، أمس السبت، خمسة أفراد من “الحرس الثوري الإيراني” في سوريا، بحسب ما أعلنت عنه إيران.
وبينما لم تعلن إيران بشكل مفصل عن طبيعة مهام وعمل أفراد “الحرس الثوري” الذين أطلقت عليهم لقب “مستشارين” برز اسم “الحاج صادق” على أنه رئيس استخبارات “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري”.
وجاء في بيان “الحرس الثوري”، السبت 20 من كانون الثاني، “جراء العدوان الصهيوني الوحشي والمجرم على دمشق، استشهد خمسة من المستشارين العسكريين للحرس الثوري والمدافعين عن العتبات، وعدد من القوات السورية”.
وأضاف أن القتلى هم: حجة الله اميدوار، علي آقازاده، حسين محمدي، وسعيد كريمي ومحمد أمين صمدي، دون الإشارة إلى أي منهم على أنه “الحاج صادق” نفسه.
ما مهمة”الحاج صادق” في سوريا؟
بينما لم توفر إيران معلومات مفصلّة عن هوية قتلاها في سوريا وطبيعة مهامهم، كما حدث عندما قتل “مستشارها” السابق رضي موسوي، قال مركز “ألما الإسرائيلي” للأبحاث، إن “الحاج صادق” أحد قتلى الهجوم، هو رئيس استخبارات “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري” في سوريا ويحمل رتبة ملازم.
ونشر المركز صورة للقتيل تظهره إلى جانب قيادي آخر في “الحرس الثوري” وهو نائبه “الحاج غلام” (المعروف أيضًا باسم محرم)، مشيرًا إلى أن مقتل نائبه لم يؤكد بعد، ومن المرجح أن يتولى منصب “الحاج صادق” في سوريا، بحسب “ألما”.
المركز أشار إلى أن الإيرانيين يعملون ويتمركزون على الأراضي السورية بشكل مستقل، دون أي تدخل من النظام السوري.
قناة “I24” الإسرائيلية، أشارت في تقرير أعدته حول هوية القتلى إلى أن اسم “الحاج صادق” ورد في تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، في حزيران 2023، وأوضح حينها أنه كان مكلفًا بزيادة الهجمات ضد القواعد الأمريكية في سوريا.
وذكرت إحدى الوثائق التي ذكرها التقرير، أن “الحاج صادق” حدد على وجه الخصوص عربات أمريكية من نوع “هامفي” و”كوغار” كأهداف معينة، مشيرة إلى أنه أرسل أفرادًا للاستطلاع، والتقاط بعض الصور للطرق التي تستخدمها القوات الأمريكية في سوريا.
وأشار تقرير “واشنطن بوست” إلى أن استراتيجية إيران التي كان يديرها “الحاج صادق” تقوم على بناء وتدريب قوات على استخدام قنابل خارقة للدروع تزرع على الطرق خصيصًا لاستهداف المركبات العسكرية الأمريكية وقتل الأفراد الأمريكيين.
وبحسب التقرير، فإن مسؤولين في وحدة النخبة بـ”فيلق القدس” وجهوا وأشرفوا على اختبار إحدى المتفجرات، التي قيل إنها اخترقت الطبقة المدرعة للدبابة في تجربة تجريبية أجريت في أواخر كانون الثاني 2023 بمنطقة الضمير، شرقي العاصمة دمشق، بحسب الوثائق التي قالت “واشنطن بوست” إنها حصلت عليها.
وورد فيها أن “مسؤولًا في فيلق القدس يدعى صادق أوميد زاده حدد على وجه التحديد مركبات همفي وكوجر أمريكية مدرعة في سوريا باعتبارها الأهداف المقصودة، وتحدث عن إرسال عملاء مجهولين لالتقاط صور استطلاعية للطرق التي تسلكها القوات الأمريكية”.
إيران تتوعد
قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إن نشاط المستشارين العسكريين الإيرانيين في “مكافحة الإرهاب وضمان أمن المنطقة” سيستمر.
وأضاف عبر منشور في “إكس” تعليقًا على مقتل مستشارين إيرانيين في سوريا بغارة إسرائيلية، السبت 20 من كانون الثاني، أن “النظام الإسرائيلي هو الشريك الرئيس للحركات الإرهابية، والعدو من الدرجة الأولى للأمن الإقليمي”.
سبق ذلك حديث الرئيس الايراني، آية الله إبراهيم رئيسي، عن أن الاستهداف الإسرائيلي لمستشارين في “الحرس الثوري الإيراني” في دمشق “لن يبقى دون رد”.
وأضاف بحسب بيان صادر عن الرئاسة الإيرانية نقلته وكالة أنباء إيران (إرنا) أمس، أن اغتيال إسرائيل للمستشارين الإيرانيين في العاصمة السورية دمشق، لن يبقى دون رد من قبل إيران.
من جانبه قال النائب الأول للرئيس الإيراني، محمد مخبر، إن إسرائيل ستواجه ردًا على استهدافها المستشارين الإيرانيين في سوريا من قبل ما أسماها “جبهة المقاومة”، وذلك عبر “ضربات متتالية”، بحسب ما نقلته وكالة “مهر” الإيرانية.
في المقابل، قالت صحيفة “نيويورك تيمز” إن مسؤولًا في وزارة الدفاع الإسرائيلية (لم تسمّه)، لم يذكر من يقف وراء الهجوم، لكنه لم ينكر أن تكون إسرائيل هي المسؤولة.
ولم تنفِ إسرائيل أو تؤكد مسؤوليتها عن الهجوم الذي أشير لها بالمسؤولية عنه في سوريا أمس السبت.
ولا يزال النظام السوري متجاهلًا لمقتل “المستشارين” الإيرانيين في العاصمة السورية دمشق، إذ لم يعلّق على الحدث حتى لحظة تحرير هذا الخبر.
ليس الأول
تعلن إيران بشكل دوري عن مقتل عناصر وقياديين لها على الأراضي السورية أو حتى الكشف عن هوية جثث لمقاتلين قُتلوا في وقت سابق في سوريا، وقلما تنعى استشاريين أو قياديين من هذا النوع.
وفي 25 من كانون الأول 2023، قصفت طائرة إسرائيلية منزلًا في بلدة السيدة زينب بمحافظة ريف دمشق، ما أسفر عن مقتل أحد أقدم مستشاري “الحرس الثوري” في سوريا، رضي موسوي.
وتعتبر دمشق وحمص مركزين رئيسيين في إطار النشاط الإيراني، فالمنطقتان الجغرافيتان “محطات تخزين” قصير المدى للأسلحة قبل تسليمها إلى “حزب الله” في لبنان، و”محطات تخزين” طويلة الأمد لاستخدامها في المستقبل من قبل “المحور الشيعي” في سوريا، وفق تقرير لمركز “الما” البحثي الإسرائيلي، صدر في 2 من نيسان 2023.
وفي 15 من كانون الثاني، استهدفت إيران مواقع في سوريا والعراق بـ24 صاروخًا باليستيًا من جنوبي وغربي إيران، بلغ مداها أكثر من 1200 كيلومتر، 11 منها على ما وصفه “الحرس الثوري” بـ”مقر تجسس الموساد” في إقليم كردستان العراق.
وكانت أربعة صواريخ باتجاه ما وصفه بـ”مقر لتنظيم الدولة الإسلامية” في إدلب، وبتسعة صواريخ مواقع “المجموعات الإرهابية” الأخرى في مناطق أخرى خارج سيطرة النظام السوري.